أطلقت تونس من خلال المعهد الوطني للتراث هذه الأيام مشروع الجرد الوطنيّ للتّراث الثقافي اللاّمادّي ببلادنا الّذي، وإن تأخّر إنجازه وفق خبراء مختصين فإنه يبقى مشروعا هاما خاصة وأن المعهد الوطني للتراث يؤكد أن الأعمال الميدانيّة، بحثا وتوثيقا، المتوفّرة حول الموضوع هائلة وعريقة. وهي تمنح معطيات ثمينة من شأنها تيسير تنفيذ الجرد. ولقد تمّ اعتماد تصنيف سباعيّ لمجالات التراث الثقافي اللامادّي، فكانت على النّحو الآتي تفصيله : 1- التقاليد الشفويّة وأشكال التعبير الشفويّ بما في ذلك اللغة كواسطة للتعبير عن التراث الثقافيّ اللامادّي. 2- الفنون وتقاليد أداء العروض. 3- الممارسات الاجتماعيّة والطقوس والاحتفالات. 4- الثقافة الغذائية التقليدية. 5- الألعاب الشعبيّة التراثيّة. 6- المعارف والممارسات المتّصلة بالطّبيعة والكون. 7- المهارات المرتبطة بالحرف التقليديّة. وبالمقارنة مع التصنيف الذي اقترحته اليونسكو، فقد تمّت إضافة صنفين هما الثقافة الغذائية التقليدية بكلّ ما تشتمل عليه من فنون مطبخيّة وآداب طعام، والألعاب التراثية التي باتت تثير الاهتمام بفضل انخراط عدة جمعيات في صونها. ولا تخفى أهميّة حضور هذين المجالين في المدوّنة التراثيّة اللاّمادية الخاصّة بالمجتمع التونسيّ. لكن يبقى ذلك تقسيما منهجيّا ذا طابع إجرائيّ لا غير وفق معهد التراث ، إذ من المعلوم التداخل بين الأصناف وتوزّع العنصر الواحد، عند ممارسته، على أكثر من مجال تأكيدا لكليّة الظاهرة التراثيّة. ويتوقع أن يسهم إطلاق مشروع الجرد، بغضّ النظر عن الظروف الحافّة به والهنات التي تعتريه، في تحريك السواعد والهمم للانخراط في جهد مجتمعيّ من أجل صون هذا الإرث الثقافيّ العظيم طاقة محفّزة للأجيال وذاكرة حيّة متوثّبة نحو الحاضر والمستقبل...