مازالت أزمة الشّركة التّونسيّة لصناعة الإطارات المطاطيّة "ستيب" تلقي بظلالها على المشهدين الإقتصادي والإجتماعي بمدينة مساكن وتشغل الرّأي العامّ بالمدينة فتشكّل حديث القاصي والدّاني باعتبار تداعيّاتها الإجتماعيّة وآثارها السّلبيّة على ما يزيد عن الألف عائلة مهدّدة بالجوع والتشرّد في ظلّ الأوضاع الاجتماعيّة الصّعبة التي يعيشها عمّال المؤسّسة وعائلاتهم منذ ما يزيد عن الثمانية أشهر في ظلّ حجب الرّواتب والمستحقّات ودفاتر العلاج فضلا عن تعثّر المفاوضات والالتفاف على الاتّفاقيّات في أكثر من مناسبة. إحتقان وغلق سوسة- القيروان عمد صبيحة أمس الأوّل الخميس عدد من عمّال شركة "ستيب" مرفوقين بعائلاتهم وأبنائهم إلى التجمّع أمام مصنع العجلات وغلق الطّريق الرّابطة بين مدينة سوسةوالقيروان وحرق عدد كبير من العجلات المطّاطيّة الضّخمة فتصاعدت أعمدة الدّخان الكثيف وساد المكان جوّ من الاحتقان برّره عدد من المحتجّين بغياب الجديّة المطلوبة من قبل سلطة الإشراف في تعاملها مع ملفّ إحدى أعرق المؤسّسات الحيويّة ورفعت خلال التجمّع العمّالي الغفير عديد الشعارات المناهضة للحكومة ولسلطة الإشراف وهتف المحتجّون بشعارات من قبيل"يا عمّال ياعمّال.. لاتراجع لا استسلام" تحثّ على مواصلة الصّمود أمام ما اعتبروه تحالف لوبيّات الفساد التي تريد تجويعهم وتركيع مؤسّستهم ومن ثمّة الالتفاف على مكاسبهم والتّفويت في معقل اقتصاديّ مهمّ بالجهة كما عبّر بعض المحتجّين عن غضبهم من فشل الجلسة التي كان من المفترض أن تتمّ يوم الأربعاء 17 جانفي والتي تقضي بتجسيم الإتّفاق المبدئي وانهاء الأزمة في حين اعتبر عدد آخر من المحتجّين أنّ تأجيل اضراب قطاع النّفط الذي كان مقرّرا ليوم الخميس 18 جانفي الجاري - بطلب من الجامعة العامّة للنّفط والمواد الكيميائيّةعلى خلفيّة تسجيل تقدّم ايجابي في شأن ملف"ستيب" بين مختلف الأطراف صلب اللّجنة الثلاثيّة المنبثقة عن الإتّفاق الممضى يوم 14 ديسمبر2017 وفقا لتصريحات ممثّلين عن الجامعة- لا يعدو أن يكون مناورة تدخل في مسلسل التّسويف وسياسة المماطلة التي حفّت بهذا الملفّ في مختلف أطواره وفي ذات السّياق اتّهم عدد آخر من العمّال المحتجّين بشكل صريح ومباشر بعض الوزارات بالتّواطؤ مع المستثمر الجديد بهدف إفلاس وإنهاك المؤسّسة تمهيدا للتّفويت فيها لاحقا ورأوا انه من الضروري أن يتدخّل أعلى هرم السّلطة لانتشال الشّركة جبرا لمخلّفات سياسة التّهميش والتّجويع على حدّ قولهم التي صاحبت هذا الملفّ واحتراما لمشاعر العمال وعائلاتهم الذين حرموا من حقوقهم ورواتبهم مدّة 8أشهر متتالية ممّا أضرّ باستقرارهم العائلي وهدّد أسرهم وساهم في تسجيل عدد من حالات الطّلاق والفراق نتيجة لكثرة الدّيون المتخلّدة بذممهم واستغربوا كيف تعجز حكومة بطمّ طميمها عن معالجة ملفّ "الستيب" وايجاد حلّ جذريّ ينهي الأزمة. كاتب عام النّقابة الأساسيّة: نحاول تهدئة الأوضاع رغم حجم الظّلم والقهر اعتبر رضا ساسي كاتب عام النّقابة الأساسيّة لشركة "ستيب" مساكن في تصريح ل"الصّباح" أنّ الحراك الاجتماعي والتجمّع العمّالي الأخير هو ردّ فعل طبيعيّ وعفويّة صادرة عن عمّال وعائلات مهدّدة بالجوع والتشرّد وهو نتاج طبيعيّ للشعور بالغبن والقهر والظّلم معتبرا أنّ ما يرتكب في حقّ نحو ألف عائلة هو جريمة مكتملة الأركان وهو اعتداء صارخ على الحقوق محمّلا سلطة الإشراف مسؤوليّة ما يمكن أن يحدث في ظلّ تواصل انتهاج سياسة المماطلة واللامبالاة والهروب إلى الأمام التي يعتمدها المستثمر أمام صمت رهيب من قبل سلطة الإشراف وعبّر ساسي عن مدى استغرابه من التفاف إدارة المصنع في أكثر من مناسبة وإخلالها بتعهّداتها ووعودها وضربها عرض الحائط باتّفاقيّات رسميّة آخرها المنبثقة عن جلسة20 نوفمبر2017 والتي تنصّ على إعادة فتح أبواب الشركة يوم 27 نوفمبر2017 كما اعتبر ساسي أنّ تخلّف الأطراف المعنيّة باستثناء الطّرف النّقابي ووزارة الشّؤون الإجتماعيّة عن حضور الجلسة التي كان من المقرّر عقدها يوم الأربعاء 17جانفي الجاري والقاضية بتجسيم الإتّفاق المبدئي الحاصل وتضمينه بشكل رسميّ هو خير تعبير عن غياب الجديّة والتّفاعل الإيجابي الهادف لحلحلة المشكل وإنهاء الأزمة وشدّد كاتب عام النّقابة على أنّ العمّال دفعوا كرها إلى غلق الطّريق الذي يمثّل منفذا حيويّا يربط ستّ ولايات وأنّ الحزام النّقابيّ مجنّد من أجل تأطير هذا التحرّك الإجتماعيّ والنّأي به عن كلّ ما يمكن أن يشوّه نضالات أبناء مساكن وعمّال الشّركة واعتبر ساسي ما قدّم من تبريرات وأعذار حالت دون عقد جلسة17 جانفي الجاري على خلفيّة الإنشغال بالتّحضير لعقد مؤتمر الإتّحاد التّونسي للصّناعة والتّجارة والصّناعات التّقليديّة إنّما هي تبريرات واهية ولامسؤولة وناشد رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة بوجوب التدخّل لوضع حدّ لأزمة شركة "ستيب" وإرجاع الحقوق إلى أصحابها قبل خروج الوضع عن السيطرة. أنور قلاّلة