القصة القصيرة أو ما يعبّر عنها باللغة الفرنسية « La nouvelle » هي جنس أدبيّ له خصوصيّاته البنيويّة وإن اختلف الأسلوب السردي من كاتب إلى آخر والمواضيع المتطرّق إليها. فالحبكة السرديّة «la trame»هي المرتكز الأساسي للحكاية (le récit). ومصطلح حبكة في معناه التقني النثري (le narratif) والنصّي (le textuel) يحيل إلى عنوان المجموعة القصصيّة «مآسي نساء ونصوص أخرى»، للكاتب التونسي رفيق بن صلاح المقيم في سويسرا منذ فترة من الزمن. في رصيده الأدبي، العديد من الروايات والمجموعات القصصيّة التي نالت عدّة جوائز في تونس وأوروبا. آخر إصداراته القصصيّة «مآسي نساء ونصوص أخرى» الصادرة عن دار النشر السويسرية L'Age d'Hommeسنة 2016، تضمّ سبع أقاصيص، تتراوح مواضيعها بين الاجتماعي والذّاتي والتّاريخي. يتناول الكاتب مواضيع مستمدّة من الواقع المعاش حيث يتّخذ من الإطارين الزماني والمكاني الحقيقين (تونس العاصمة، المدينة العتيقة، سيدي بوسعيد، جربة...) مسرحا لمجموعة من الشخصيات ذات المصير المأساوي والتراجيدي، لا سيّما الفشل والعنف والتشفّي والموت الذي ما فتئ يلاحقها، ولعلّ التجانس الصوتي («السّجع») بين كلمتي (« drame et trame ») في عنوان الكتاب له ما يبرّره من دلالات معنويّة ورمزيّة على اعتبار أنّ الدراما هي شكل من أشكال الحكايات المأساوية. بالنظر إلى قساوة الظروف والحزن والبؤس التي لا تكاد تفارق شخصيات رفيق بن صالح في هذه القصص وبصفة خاصة المرأة التي تمثّل المحور الرّئيسيّ الذي تدور حوله الأحداث، لا يمتلك القارئ إلاّ أن يتمثّل هذا الواقع المحزن ويتأسّف لمآلاته التراجيديّة. فالمرأة تارة تعاني من الظلم والألم النفسي والجسدي وتارة أخرى تكابد نفسها للتغلّب على الانكسار والتعاسة، فعلى اختلاف أعمارهنّ (Sophie, Maria, Charlotte,Gilda) لم تتمكن إحداهنّ من تجاوز مرارة وشدّة تعنّت الحياة عليهنّ ولعل «نورة» في الأقصوصة الثالثة هي الفتاة الوحيدة التي تمكّنت من تخطّي عتبة تسلّط المجتمع عليها قسرا لتمثّل- حتّى من خلال رمزيّة اسمها الذي يفيد معنى الأمل والحريّة VS الظلمة والعتمة- مثالا للشجاعة. وعلى ذكر اختيار أسامي الشخصيات، جلّها نشأت وعاشت في تونس (طارق، شوقي، Tounès، ابراهيم، طه...) لتكون جزءا لا يتجزأ من واقع معيش وظرفية تاريخية راهنة حيث أن أغلبيّة الأحداث مستجدّة ومستوحاة من «الثورة»، فهناك استحضار صور من الحاضر والماضي القريب : كموضوع الهجرة غير الشرعية إلى بلدان الضفّة الغربية للمتوسط (لامبادوزة في إيطاليا...) وهو ما عبّر عنه الكاتب في القصة الخامسة بالEL Harrag . إضافة إلى موضوع الزواج بأجنبيات بغاية الحصول على وثائق الإقامة ببلد أجنبي لرصد الانتهازيّة والتحيّل اللّذين أصبحا متفشّيين في التّعاملات بين النّاس.