قررت لجنة التشريع العام خلال جلستها المنعقدة أمس بقصر باردو النظر في مشروع القانون الحكومي عدد 89 لسنة 2017 المتعلّق بالتصريح بالمكاسب والمصالح وبمكافحة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح بالقطاع العام والتصويت عليه فصلا فصلا بداية من يوم غد الخميس. وبأقل من نصف عدد اعضائها وبعد تأخير تجاوز الساعة ناقشت اللجنة أمس مبادرة تشريعية مقدمة من كتلة نداء تونس تتعلق بالتصريح بالمكاسب، ومبادرة تشريعية أخرى مقدمة من كتلة النهضة تتعلق بالتصريح بتضارب المصالح. ففي ما يتعلق بمقترح القانون عدد 67 لسنة 2017 المتعلق بتنقيح القانون عدد 17 لسنة 1987 المؤرخ في 10 أفريل 1987 المتعلق بالتصريح على الشرف بمكاسب أعضاء الحكومة وبعض الأصناف من الاعوان العموميين المقدم من كتلة نداء تونس فيهدف الى توسيع قائمة المعنيين بالتصريح على الشرف بمكاسبهم ومكاسب ازواجهم ومكاسب ابنائهم لتشمل تباعا كل من رئيس الجمهورية واعضاء الحكومة واعضاء مجلس نواب الشعب واعضاء الهيئات الدستورية واعضاء المجالس الجهوية والبلدية وبعض اصناف الموظفين العموميين والشبه عموميين. ولدى تقديمه لهذه المبادرة التشريعية بين النائب عن نداء تونس منجي الحرباوي ان القانون عدد 17 فيه اجراءات مهمة لكنها لم تعد تستجيب لمتطلبات المرحلة الحالية المتسمة بأكثر شفافية واكثر ديمقراطية.. والتي فيها رغبة في التوقي من الفساد الناتج بالأساس عن الاجراءات الادارية المعقدة وكثرة التراخيص واستغلال النفوذ والمناصب من قبل بعض الاشخاص. ونص القانون عدد 17 على وجوبية التصريح بالمكاسب بالنسبة الى اعضاء الحكومة والقضاة والسفراء والولاة ورؤساء المؤسسات الام والفرعية أي المؤسسات التابعة للدولة كما شمل بعض الموظفين وهم على التوالي: اعضاء الدواوين والكتاب العامون للوزارات المديرون العامون ومديرو الادارات المركزية القناصل العامون والقناصل المعتمدون الاول والمعتمدون الكتاب العامون بالبلديات والولايات المديرون العامون والمديرون العامون المساعدون والمديرون بالمؤسسات الام والمؤسسات الفرعية واعوان ادارة التجارة والجباية واعوان الدولة والجماعات المحلية الذين لهم مهام آمري الصرف. ويفرض نفس القانون واجب القيام بالتصريح الشخصي على الشرف بالمكاسب الخاصة في اجل شهر من تاريخ التعيين كما يجبر بالتصريح بمكاسب القرين والابناء القصر في اجل شهر من تاريخ التعيين، ويفرض واجب تجديد التصريح كل خمس سنوات في صورة البقاء في الوظيفة وواجب التصريح عند انتهاء المهام . وخلص الحرباوي الى ان القانون عدد 17 لسنة 1987 مهم لكنه غفل على بعض المهام لذلك ترمي المبادرة التشريعية الى تحسينه في اتجاه التوسيع في قائمة المعنيين بالتصريح بالمكاسب على اعتبار ان القانون الاساسي المتعلق بهيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد مثلا نص على واجب التصريح بالمكاسب والمصالح ونص على ان تتولى الهيئة التثبت في سلامة التصاريح المودعة وصحتها. وتقترح المبادرة التشريعية ان يشمل واجب التصريح خمسة اصناف اخرى وهي على التوالي رئيس الجمهورية قصد تلافي ما حدث من فساد مع الرئيس السابق واعضاء مجلس نواب الشعب واعضاء الهيئات الدستورية واعضاء المجالس البلدية والجهوية وبعض الاصناف الاخرى من الموظفين واشباه الموظفين. تضارب المصالح نظرت لجنة التشريع العام اثر الاستماع الى النائب منجي الحرباوي في مقترح القانون عدد 66 لسنة 2017 المتعلق بتضارب المصالح والمقدم من قبل كتلة النهضة وبمقتضاه يعتبر تضارب مصالح كل تداخل بين مصلحة خاصة ومصلحة عامة أو خاصة من شأنها التأثير على ممارسة الوظيفة بصفة مستقلة ومحايدة وموضوعية.. وذكر النائب نوفل الجمالي النائب عن النهضة لدى تقديمه لهذه المبادرة التشريعية ان القانون المتعلق بهيئة الحوكمة الرشيدة نص على تضارب المصالح، ونظرا لوجود فراغ تشريعي قدمت كتلته المبادرة مبادرة وبين ان هدفها ليس تجريم عدم التصريح بتضارب المصالح بل التصدي لعدم التصريح بتضارب المصالح والتصدي لتقديم معطيات خاطئة. وبين الجمالي ان المبادرة التشريعية تضمنت قائمة في الاشخاص الذين يسري عليهم واجب التصريح بتضارب المصالح وهم على التوالي: رئيس الجمهورية مستشارو الديوان الرئاسي اعضاء مجلس نواب الشعب وكاتبه العام ومدير ديوان رئيس المجلس رئيس الحكومة واعضاؤها واعضاء دواوين الحكومة والوزراء وكتاب الدولة القضاة واعضاء المجلس الاعلى للقضاء من غير القضاة اعضاء المحكمة الدستورية رؤساء السلط المحلية بلدية وجهوية واقليمية واعضاء مجالسها والكتاب العامون والكتاب المساعدون بتلك السلط اعضاء الهيئات المستقلة ومديروها التنفيذيون محافظ البنك المركزي واعضاء مجلس ادارة البنك مديرو واعضاء مجالس ادارة البنوك العمومية السفراء والقناصل والقناصل المعتمدون الولاة المديرون العامون والكتاب العامون للإدارات المركزية والجهوية رؤساء ومديرون وعمداء مؤسسات التعليم العالي وكتابها العامون وذكر الجمالي أن كل العقوبات المنصوص عليها في قانون هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد تتصدى للتصاريح الخاطئة والامتناع عن التصاريح وبالتالي فان تضارب المصالح ليس في حد ذاته جرما يحاسب المرء عليه.. وبين ان كتلة النهضة قدمت مبادرتها التشريعية قبل اشهر من تقديم الحكومة لمشروعها وبالتالي لم يكن الهدف منها التشويش على الحكومة بل لحثها على تقديم القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد. وخلال النقاش بينت النائبة عن افاق تونس ونداء التونسيين بالخارج هاجر بن الشيخ احمد أن مبادرة النداء اقتصرت على الموظفين واشباه الموظفين في حين ان المطلوب هو اخضاع كل المتعاملين مع المال العام لواجب التصريح بمن فيهم رؤساء الجمعيات.. واقترحت اضافة اعضاء الهيئات المستقلة بصفة عامة لا الاقتصار على اعضاء الهيئات الدستورية فقط. ولم تفوت النائبة عن الديمقراطية سامية عبو الفرصة دون ان توجه أصابع الاتهام لحزبي النداء والنهضة بالتعتيم على جرائم الاثراء غير المشروع.. وذكرت عبو ان المبادرة التشريعية المقدمة من النداء لا علاقة لها بمكافحة الاثراء غير المشروع وأشارت الى ان القانون عدد 17 هو قانون بائد وقديم وبعيد كل البعد عن السياق الذي تمر به البلاد اليوم والذي يتطلب التصدي لعمليات النهب واستغلال النفوذ واستغلال المصالح والتهرب والتهريب التي أدت الى الاضرار بالدولة وجعلتها على قاب قوسين من الانهيار. وذكرت عبو ان المبادرتين التشريعيتين للنداء والنهضة هما شكل من اشكال حماية الاثراء غير المشروع بل هما عمل على تقنينه وهو ما يدل على وجود ارادة للإبقاء على الفساد وحمايته. وحذرت ان هذا التوجه خطير جدا وبينت انه لا بد من انقاذ ما تبقى من الدولة بمكافحة الاثراء غير المشروع لان تونس تراجعت في ترقيم الشفافية وترقيم الحوكمة كما ان مثل هذه المقترحات التي تقدمها كتل الائتلاف الحاكم يمكن ات تضر بصورة تونس أكثر. وأضافت ان جريمة الاثراء غير المشروع غير معترف بها من احزاب الائتلاف وأن هذه الاحزاب خائفة من تجريم الاثراء غير المشروع. أما النائبة عن النهضة فريدة العبيدي فأكدت في المقابل ان الغاية من المشروع المقدم من كتلها هي الحيلولة دون حصول كسب غير مشروع. ◗ سعيدة بوهلال مقرر اللجنة البشير لخليفي: أرجعنا مشروع قانون الاحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية للجلسة العامة لفهم مقاصد الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين من قرارها المؤرخ في 23 نوفمبر 2017 وقرارها المؤرخ في 8 أوت 2017 المتعلقين بالطعن في دستورية مشروع القانون الأساسي المتعلق بالأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية المستقلة، برمجت لجنة التشريع العام أمس جلسة استماع الى الرئيس الاول للمحكمة الادارية لكنه لم يحضر.. وبما أن الرئيس الأول للمحكمة الادارية هو في نفس الوقت عضو في الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين، اعتقدت اللجنة أن الاستماع اليه يمكن أن يخرجها من المتاهة التي دخلت فيها منذ اشهر طويلة ويسهل عليها مهمة إزالة شوائب عدم دستورية الفصول 33 و11 و24 من هذا المشروع. وقررت اللجنة في النهاية بعد جدل ساخن ساده التشنج رفع الخلاف القائم حول قرار الهيئة الوقتية، مرة اخرى للجلسة العامة. وفي هذا الصدد قال مقرر اللجنة النائب بشير الخليفي في تصريح ل «الصباح» إن اللجنة قررت إحالة نفس تقريرها القديم المتعلق بالفصول موضوع الطعن بعدم الدستورية على الجلسة العامة. وبين الخليفي ان هناك مقترح تعديل تم نقاشه صلب اللجنة، وينتظر ان يقع تقيمه خلال الجلسة العامة.. ونفى أن يكون هذا المقترح مقدم من عضو الهيئة الوقتية الذي تخلف عن الحضور.. ومفاد هذا المقترح على حد قول الخليفي أنه «في صورة طلب ثلث اعضاء مجلس نواب الشعب من الهيئة الدستورية مساءلة أحد اعضائها لإخلاله بمقتضيات الفصلين 2 و9 من قانون الاحكام المشتركة يمكن للهيئة ان تقبل وتقع مساءلته لكنها اذا قررت عدم المساءلة يمكن لمن له مصلحة.. الطعن في قرار الرفض هذا لدى المحكمة الادارية.. واذا ابطلت المحكمة الادارية قرار الهيئة الدستورية، يمكن للجلسة العامة لمجلس نواب الشعب بأغلبية الثلثين اعفاء عضو الهيئة الدستورية المعني. وفسر الخليفي ان اللجنة حاولت من خلال هذا المقترح تحقيق مبدا التناسب بين استقلالية الهيئات الدستورية من جهة ومساءلتها من جهة أخرى. وللتذكير فان الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب صادقت مؤخرا على إعادة مشروع القانون المتعلق بالأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية للجنة التشريع العام لمزيد التعمق في دراسة الفصول الثلاثة موضوع الطعن بعدم الدستورية. وكانت الهيئة الوقتية قد صرّحت بعدم دستورية الفصول المذكورة ورأت أن سحب الثقة يتنافى ومبدأ استقلالية الهيئات الدستورية الذي كرّسه الفصل 125 من الدستور ولا يحقّق التّناسب المطلوب بين مبدأي المساءلة والاستقلالية كما يتنافى ومبدأ الفصل بين جهة المبادرة بطلب الإعفاء والجهة المقرّة له. وبعد النظر في التعديلات التي ادخلتها الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب على الفصول المطعون في عدم دستوريتها قالت الهيئة الوقتية إنّ الاكتفاء بتعويض عبارة «سحب الثّقة من مجلس الهيئة أو عضو أو أكثر Qبعبارة» إعفاء عضو أو أكثر من أعضاء مجلس الهيئة» لا يرفع عيب عدم الدستورية.