أشرف امس وزير الاستثمار والتعاون الدولي زياد العذاري على ندوة صحفية تناولت موضوع إعداد منهجية خاصة للتنمية بولاية جندوبة انطلاقا من أفق 2020. بين خلالها الوزير ان جندوبة قادرة أن تكون قاطرة للتنمية بولايات الشمال الغربي في ظل التشجيعات المتعددة للاستثمار والتشجيعات على جلب المستثمرين. كما تمت مناقشة اشكاليات التنمية بالجهة وعرض عدد من نماذج المشاريع والتي على ما تسجله من تقدم لم تكن في حجم تطلعات المواطن في جندوبة.. وتعود حالة عدم الرضا العام، الى المقارنات التي ما انفكت تطرح بين ما تزخر به ولاية جندوبة من ثروات هامة ومتنوعة وما تلاقيه في المقابل من افاق تنموية. فهي القطب الفلاحي بمساحاته الشاسعة وبتصدره المراتب الأولى وطنيا في إنتاج الكثير من المنتوجات على غرار الخفاف واللفت السكري والحبوب وتنوع الغطاء النباتي والحيواني الذي يساهم في تنشيط حياة سكان الأرياف، وهي كذلك القطب السياحي بتعدد وثراء منتوجه ووحداته الفندقية وتنوع ثرائه الحضاري والثقافي تؤكده اليوم المتاحف والمواقع الأثرية، إلى جانب كثرة المواد الإنشائية وتنوعها، بالإضافة إلى ما تتمتع به من ثروة مائية هامة تتمثل أساسا في السدود والأودية والعيون والمحطات الاستشفائية إلى جانب كونها(جندوبة)حدودية وبها شبكة هامة من السكك الحديدية وما شهدته البنية التحتية من تحسن طفيف في السنوات الأخيرة خاصة الطريق السيارة بوسالم وادي الزرقة، والمراهنة على قطاع التعليم العالي من خلال إحداث مؤسسات جامعية في عدة اختصاصات ومراكز تكوين مهني ساهمت في توفر اليد العاملة المختصة. وكل هذه الإمكانيات الطبيعية والبشرية تخفي وراءها إشكاليات تنموية متنوعة جعلت من ولاية جندوبة من الولايات التي تتذيل سلم المؤشرات التنموية على المستوى الوطني، وتبلغ نسبة البطالة بها أكثر من 20 % ويتجاوز عدد أصحاب الشهائد العليا المعطلين عن العمل ال 10آلاف، كما أن نسبة الفقر ترتفع بالمناطق الحدودية والقرى إلى أكثر من 52 % مع انتشار المساكن البدائية بأغلب العمادات التي تعاني أيضا من شح كبير في مياه الشرب ورداءة المسالك الفلاحية والعزلة في ظل غياب الجسور. اقتصاديا فان العديد من المصانع تم إغلاقها بكل من طبرقة (السيراميك والآجر) وعين دراهم(مصنع الأحذية،الصناعات التقليدية والفطر) وغار الدماء(الحديد )وبوسالم(مصنع السكر ) كما أن إحداث المناطق الصناعية بقي مجرد زوبعة في فنجان إذ ترفع العلامات هنا وهناك إلا أن الواقع عكس ذلك ففي طبرقة تنعدم المؤسسات الصناعية بهذه المنطقة وكذلك الشأن بالنسبة لمعتمدية فرنانة حين تم إحداث منطقة صناعية بمنطقة جنتورة منذ سنة 2013. وفي سياق متصل فان المنطقة الصناعية الارتياح لم تجلب العديد من المستثمرين ولم تتعد الوحدات الصناعية بها أصابع اليد الواحدة وبطاقة تشغيلية لم ترتق أيضا لتطلعات أبناء الجهة، وتشكو ولاية جندوبة من تعدد المشاريع المعطلة لأسباب عقارية و ضعف الموارد المالية إلى جانب ظاهرة البيروقراطية التي نفرت العديد من المستثمرين من الجهة إلى ولايات أخرى نظرا لتواضع أيضا البنية التحتية وتواصل عدم استغلال مطار طبرقة أو الميناء التجاري وتداخل العديد من الأطراف التي تمثل عائقا أمام الاستثمار بالجهة كالمسألة العقارية والتصدير وأحيانا غياب اليد العاملة المختصة وتعطيل بعض المشاريع من قبل المواطنين. فمتى تنتهي معاناة سكان ولاية جندوبة من اشكاليات تنموية حالت دون تطورها منذ فجر الاستقلال خاصة وأن الجهة تعرف نزوحا كبيرا نحو المدن الصناعية بحثا عن لقمة العيش واستياء كبير من غياب المشاريع الكبرى رغم ثرواتها المتنوعة؟