تشهد المراكز العموميّة للإتّصالات على اختلافها وتنوّعها انتشارا واسعا بمختلف معتمديّات ولاية سوسة حيث لا يكاد يخلو منها طريق أو حيّ فعدد هذه المحلاّت المعدّة لتسويق مختلف خدمات الإنترنات يزداد بشكل ملفت ومثير للجدل والرّيبة التي تحيل على التّساؤل عن مدى التزام هذه الفضاءات بالقوانين والتّراتيب المنظّمة لتعاطي مثل هذه الأنشطة وعن مدى قدرة سلطة الإشراف ومختلف الجهات ذات العلاقة على مراقبة هذه الفضاءات ووضعها تحت السّيطرة لما تكتسيه طبيعة الخدمات المقترحة بها من تأثير كبير على مستعمليها من مختلف الفئات العمريّة والإنتماءات الإجتماعيّة وما يمكن أن تخلّفه من تداعيّات نفسيّة واجتماعيّة مؤثّرة في نفوس أطفال ومراهقين وتأثير ذلك على تحصيلهم الدّراسي وحياتهم المستقبليّة في ظلّ غياب أو نقص المراقبة الإداريّة والمتابعة الأسريّة. ضعف المراقبة وسهولة الإجراءات.. بالرّجوع إلى بساطة الإجراءات المستوجبة على الرّاغب في الحصول على رخصة بعث مركز عموميّ للإنترنات أو مراكز إعلاميّة موجّهة للطّفل والتي تخضع أساسا لبنود كرّاس شروط يمكن أن نجد تفسيرا للتّزايد والإنتشار الواسع لمثل هذه الفضاءات بمختلف المعتمديّات حيث يقتصر الأمر غالبا على التقدّم بمطلب في الغرض إلى السيّد والي الجهة التّابع له مقرّ المركز موضوع الطّلب والعمل على تهيئة المحلّ وفقا للتّراتيب وما ينصّ عليه كرّاس الشّروط ليقع بعد ذلك إيداع ملف الحصول على الموافقة النّهائيّة لدى مصالح الدّيوان الوطني للإتّصالات في حين يعمد آخرون إلى ركوب بساط المجازفة من خلال الإقدام على فتح «بوبلينات» دون الحصول على ترخيص في الغرض والإقتصار فحسب على توفير حاسوبين أو ثلاثة بتعلّة خوض غمار التّجربة لمدّة شهرين أو ثلاثة للوقوف على مدى نجاح المشروع وما يوفّره من عائدات ماليّة غالبا ما تكون دافعا لمواصلة التّجربة في ظلّ غياب هياكل رقابيّة قارّة ودوريّة واقتصارها على حملات مناسباتيّة وهو ما يفسّر وجود عديد المحلاّت العشوائيّة التي لا تتوفّر فيها أبسط الشّروط المستوجبة لتعاطي هذه الأنشطة سواء فيما يخصّ موقع المحلّ الذي لا يفصله عن المدرسة أو المعهد غير عرض الطّريق أو من حيث مساحة الفضاء وتلاؤمه مع عدد الحواسيب المثبّتة لتزداد الوضعيّة تأزّما ويتفاقم منسوب التحفّظات والإحترازات حتّى في شأن المحلاّت والفضاءات المرخّص لها عندما يعمد مستغلو هذه الرّخص إلى عدم الإلتزام بأبرز بنود كرّاس الشّروط والقاضية بوجوب أن يشرف على هذه الفضاءات صاحب الرّخصة حيث ينصّ كرّاس الشّروط على ضرورة أن يتمّ استغلال هذه المراكز وجوبا من طرف حاملي الشّهادات العليا وبمساعدة أعوان استغلال يتفاوت عددهم بحسب مساحة كلّ محلّ وعدد الحواسيب المركّزة به، إلاّ أنّ واقع أغلب المراكز العموميّة للإتّصالات بعيد كلّ البعد عمّا يستوجبه الإطار القانونيّ والتّشريعيّ الذي بات بدوره وفي ظلّ تفاقم المخاطر التي تحدّق بمستعملي الإنترنات وحجم العنف المسلّط على الطّبقات الهشّة من أطفال ومراهقين جرّاء ما تحتويه بعض المواقع والألعاب الرّقميّة (ألعاب الموت) في حاجة إلى مزيد من التّدقيق بما يضمن سلامة هته الفئات ويجنّبها مخاطر الإدمان الرّقميّ وحتّى محاولة الإنتحار في ظلّ غياب الإحاطة والتّوجيه خصوصا عندما تعهد مسؤوليّة الإشراف على هذه المراكز- وهو يمثّل وضعيّة السّواد الأعظم منها - لشبّان أو حتّى أطفال يحتاجون هم أنفسهم إلى التّأطير والإحاطة والمرافقة النّفسيّة والمعنويّة فتغدو هذه الفضاءات أرضيّة خصبة لارتكاب الفضاعات (تحرّش –قمار-رهان رياضي.. ) فضلا عن الإنخراط في عالم الجريمة والدّخول إلى عالم التّدخين والمخدّرات وغيرها من السّلوكيات المحفوفة بالمخاطر من أبوابها الواسعة نتيجة لغياب كهل راشد يجمع في تكوينه بين التأهيل العلميّ التّقنيّ من جهة وبين الإرشاد التّربويّ والنّفسيّ من جهة ثانية والذي من شأنه أن يمثّل حزام أمان وصدّ منيع اعتبارا لما تكتسيه المسألة من حساسيّة ومن خطورة تتغذّى من ضعف المراقبة الإداريّة والدّوريّة لهذه الفضاءات من قبل فرق مشتركة يفترض أن تجمع بين هياكل الطّفولة والتّربية والأسرة والشّؤون الإجتماعيّة درءا لانزلاقات وبلاوي كثيرة.