يبدو ان"الزيارة اللغز" الى المملكة العربية السعودية التي أداها وزير الداخلية لطفي براهم مؤخرا "فضحت" او"عرّت" الخلافات المتكتم عنها داخل المطبخ السياسي بالقصبة. هذه الخلافات ترجمت في ما يشاع بخصوص فتور علاقة الشاهد بعدد من وزراء السيادة وعلى رأسهم لطفي براهم الذي تؤكد عديد الاطراف السياسية ان الشاهد «تعمد» تجاهله في اتخاذ قرار اقالة مدير عام الامن الوطني ومضى في ذلك الى حد تعيين خليفة له. حقيقة الخلافات كما يروج الى ذلك من بعض الكواليس زادت من اضعاف حكومة الوحدة الوطنية التي حادت عن المسار السياسي الرئيسي الذي تكونت على اساسه فباتت رهينة «حسابات سياسيوية ضيقة»دفعت اليها اجنحة متناحرة على السلطة. حسب عماد الدايمي النائب والقيادي في حراك تونس الارادة «فان هناك مؤشرات تؤكد وجود أزمة داخل الحكومة بين الوزراء غير الموالين لرئيس الحكومة يوسف الشاهد الذي أصبح فاقدا للسيطرة على جزء من حكومته واتضح ذلك في خلافه الأخير مع وزير الداخلية لطفي براهم الذي وصل إلى درجة متقدمة جدا حسب المعطيات المتواترة». وكان رئيس الحكومة يوسف الشاهد قرر الجمعة الفارطة إقالة مدير عام الأمن الوطني توفيق الدبابي وتعيين رشاد بالطيب خلفا له في هذا المنصب.
مراكز قوى.. كما افاد الدايمي»ان هناك مراكز قوى تدعم وزير الداخلية في صراعه مع رئيس الحكومة حتى داخل النداء نفسه وهو جزء من معركة الخلافة ومعركة انتخابات 2019 ويؤشر ذلك لوجود رغبة من قبل شق داخل نداء تونس لتعويض الشاهد ببراهم.» وحسب الدايمي فان»الزيارة اللغز الى المملكة العربية السعودية»التي قام بها لطفي براهم وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية لم يتم اعلام رئيس الحكومة يوسف الشاهد بها مسبقا وقد تم التنسيق لها بين رئيس الجمهورية ووزير الداخلية فقط وهذا يؤكد مرة اخرى وجود ازمة حكم على حساب الانسجام والأداء الحكومي في ظل الازمة الاقتصادية والسياسية المتفاقمة ما ينمّ عن فقدان منظومة الحكم للنضج الكافي وعدم قدرة حكومة الوحدة الوطنية على احتواء اختلافاتها. وفيما يتعلق بخلاف وزير العدل غاي الجريبي برئيس الحكومة يوسف الشاهد أشار الدايمي إلى أن الخلاف انطلق منذ تكليف مبروك كرشيد وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية بترؤس وفد يرأسه كورشيد في الملتقى الدولي حول استرجاع الأموال المنهوبة الذي انعقد من 4 إلى 6 ديسمبر الفارط بواشنطن بدل الجريبي مضيفا»يعتبر مبروك كورشيد الوزير الوحيد من الوزراء القلائل الذين لهم ثقافة سياسة قديمة لذلك هو قادر على ترضية الطرفين أي القصبة وقرطاج». كما أفاد القيادي بحراك تونس الإرادة»ان الشاهد قام بمجلس وزاري حول ملف يتعلق بالتفويت في اسهم إحدى الشركات المشغلة لخدمات الهواتف الجوالة دعا له عددا من الوزراء الذين لا علاقة لهم بالملف فقط لكسب دعمهم السياسي لاتخاذ قرارات راجعة بالنظر اساسا لوزير العدل المكلف الرئيسي بادارة هذا الملف ما يؤكد العداء المطلق بين الشاهد وعضو الحكومة والجريبي.» موت سريري للحكومة غازي الشواشي أمين عام التيار الديمقراطي اعتبر ان الحكومة في حالة موت سريري وفقدت مشروعيتها وكل شروط بقائها وترجمت ذلك الخلافات الداخلية التي أصبحت معلنة بعد صراع الأجنحة داخل وزارة الداخلية وتحديدا الأجنحة القريبة من قصر قرطاج والأجنحة القريبة من القصبة». واضاف الشواشي بان لطفي براهم اصبح له ثقل داخل وزارة الداخلية لذلك يرى رئيس الحكومة يوسف الشاهد ان التعامل معه أصبح صعبا زد على ذلك الزيارة الاخيرة التي اداها براهم الى المملكة العربية السعودية وما اثارته من جدل واسع في الأوساط السياسية خاصة بعد نشر صور لقائه مع الملك سلمان بن عبد العزيز وهو ما طرح اسئلة عديد حول إطارها ولماذا الان؟». وشبّه الشواشي زيارة براهم بزيارة الرئيس الحالي لمصر عبد الفتاح السيسي للملكة العربية السعودية عندما كان وزيرا للدفاع وهي الزيارة التي سبقت الانقلاب حسب قوله. أما بالنسبة لعلاقة الشاهد بوزير العدل غازي الجريبي» لم تعد في صفحة العسل»حسب أمين عام التيار الديمقراطي. وأفاد الشواشي أن هناك قطيعة بين الوزراء الموالين لحافظ قائد السبسي مع الشاهد لرغبتهم في تغييره. خلافات.. الجيلاني الهمامي نائب عن الجبهة الشعبية اكد ان»ما يتم تناقله من اخبار للكواليس من مدة هناك خلاف يحتد تدريجيا بين رئيس الحكومة من جهة ووزراء السيادة من بينهم وزراء العدل والدفاع والداخلية.» وأفاد الهمامي بان عديد الوزراء غير مقتنعين بحوكمة الفريق الحكومي، مضيفا»الخلاف مع وزير الداخلية سياسيا بامتياز بما ان وزارة الداخلية أصبحت تحت نفوذ قصر قرطاج إلى جانب عدم استجابة الشاهد لمطالب براهم بخصوص إجراء تغييرات في بعض المسؤوليات العليا بوزارة الداخلية». وذكر الهمامي بقرار الشاهد الأخير بإقالة احد القيادات الأمنية وهو مدير عام الأمن الوطني دون الرجوع لوزير الداخلية الذي كان قد قدم منذ مدة تقريرا في رشاد بالطيب الذي عين مديرا للأمن الوطني خلفا لتوفيق الدبابي». فؤاد سلامة عضو المكتب التنفيذي لنداء تونس أكد وجود خلافات بين رئيس الحكومة وبعض وزرائه مضيفا»كان على الشاهد استشارة وزيرة الداخلية لطفي براهم في تعيين مدير عام الامن الوطني الجديد لكنه مضى في تجاهل الوزير الذي تؤكد كل المعطيات انه حقق حصيلة ايجابية منذ تولى وزارة الداخلية ولا يمكن لاحد انكار ذلك».