تعالت امس خلال المسيرة الوطنية من اجل المساواة في الميراث التي انطلقت من باب سعدون مع الساعة الثانية بعد الظهر وصولا الى ساحة باردو امام مجلس النواب الأصوات المنادية بإقرار المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة. ورفعت عديد الشعارات مثل «المساواة في الميراث حق موش مزية»، «باش حقي في الميراث يكون مضمون لازم يتبدل القانون»، «دولة مدنية الي ليك ليّا»، «تحبوها سابقة وجراية وما تاكلش الشعير وفي الورث تولي ناقصة حكمة وتدبير»، «في الارض تزرع وتبني وفي الميراث تتصدى ومتخبي». دعت الناشطة الحقوقية والرئيسة السابقة لجمعية النساء الديمقراطيات، احلام بلحاج الى المطالبة بسنّ قانون يطبّق المساواة الكاملة لانّ انعدام المساواة هو آلية من آليات تفقير النساء وقالت « ان الجمعية منذ سنة 1999 وهي تناضل لتكريس المساواة في الميراث ومنذ مدة دعت الى تشكيل التحالف لاخراج المبادرة من غرف النقاش الى الشارع التونسي لنؤكد إصرارنا على مبدأ المساواة.» وبالنسبة للتفسير الديني رات الناشطة الحقوقية ان هناك العديد من التفسيرات المتقدمة داخل وخارج تونس حيث ان العديد من رجال الدين والمهتمين بالشأن الديني الذين لهم تفسير متنور يرون انه لا مانع في المطالبة بالاكثر من النصف. يوم تاريخي.. كما وصف وحيد الفرشيشي استاذ قانون ورئيس الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية المسيرة «بالتاريخية لانه اول مرة في دولة عربية دينها الاسلام تتم المطالبة بالمساواة في الميراث». وأورد الفرشيشي «عدد الرجال المشاركين في المسيرة يقارب عدد النساء والتاريخ سيذكر هذه الحدث لانه مطلب مجتمعي رجالي نسائي شبابي وأي جدل يثار حول المسالة هو امر طبيعي وعادي»، مضيفا بان المساهمة الاقتصادية للمرأة اصبحت تفوق مساهمة الرجل في الكثير من الاحيان». رمزية ودلالات مصطفى بن احمد رئيس الكتلة الوطنية بمجلس نواب الشعب اعتبر ان المسيرة تبعث الطمأنينة لانها تعكس نبض الشارع الذي مازال يقظا ويتجسد في الحضور المميز. وراى بن احمد ان الدعوة للمساواة في الميراث هي مسالة اساسية لتطبيق جوهر ومقاصد الدستور ومقاصد الحراك الاجتماعي، منبها من ان كل التأويلات والتفسيرات والضغوطات هي التي تعطي قراءة خاطئة ، فكل شيء متحرك ومتحول في الحياة والاصل فيه هي المساواة والعدالة حسب قوله. من جانبها قالت راضية الجريبي رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية ان رمزية تواجد الاتحاد في المسيرة له اكثر من دلالة ورمزية، مشيرة الى ان المسيرة أتت في وقتها خاصة في ظل وجود إرادة سياسية لتفعيل المبادرة وتحويلها إلى نصّ قانوني يقرّ حقّ المرأة في المساواة في الإرث. كما اشارت الجريبي الى ان الدستور ينصّ على المساواة التامة وسط قيام المرأة التونسية بدور فاعل في القطاعات المنظمة والقطاعات المهمشة التي تشتغل فيها أساسا النساء. وشددت رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية على ان هناك وعيا من المرأة التونسية التي لم تتوقف عند الحديث أو رفع الشعارات حول المساواة بل تطالب اليوم بتكريس هذا المبدأ وتطبيقه على ارض الواقع. شيماء عيسى باحثة في علوم اجتماع الدين التقتها «الصباح» في المسيرة الوطنية للمساواة في الميراث وقد اكدت ان النص الديني مفتوح والحدود يمكن الاجتهاد فيها لانه في التراث الاسلامي طرحت عديد المواضيع التي كان فيها نصّ صريح وتم تجاوزه مثل حدّ السرقة وحدّ الزنا. كما نبهت من جانبها هزار الجهيناوي رئيسة المجلس التونسي للعلمانية من مغبة تحويل الدفاع المبدئي عن «الحريات والمساواة «الى مستوى التفاوض السياسي الذي قد ينجر عنه تنازل مؤكدة على ان المساواة في الإرث يجب ان تكون الاصل في القانون وان اختيار التقسيم الاسلامي للإرث هو استثناء يقع اللجوء له من طرف الورثة. وتعتبر المسيرة أول نشاط مدني يقوم به التحالف مباشرة بعد الاعلان عن تأسيسه نهاية فيفري الماضي، وهي تندرج ضمن سلسلة من التحركات ضد الحرمان من حقّ التساوي في الميراث اضافة الى أنها تتزامن مع الاحتفال، يوم 8 مارس من كل سنة، باليوم العالمي للمرأة، وتأتي بعد مصادقة مجلس النواب على القانون الأساسي للقضاء على العنف ضدّ المرأة في 11 أوت 2017، بما في ذلك العنف الاقتصادي. كما انتظمت بمشاركة اكثر من 70 جمعية من مختلف جهات الجمهورية للمطالبة بقانون ينص على المساواة في الميراث بين الرجال والنساء. ويضم التحالف جمعية «النساء الديمقراطيات» وجمعية «النساء التونسيات للبحث حول التنمية» و»رابطة الناخبات التونسيات»وجمعية «بيتي» وشبكة «دستورنا» والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ومنتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومنظمة العفو الدولية، فرع تونس وغيرها من المنظمات والجمعيات الحقوقية التي تؤمن بفكرة المساواة بين الجنسين.