سألت «الصباح» الكاتب التونسي المقيم في فرنسا منذ قرابة 30 سنة أبو بكر العيادي، وقد توسط جمعا من القراء والأصدقاء في صدارة جناح دار ورقة للنشر بمعرض تونس الدولي للكتاب في دورته 34، التي افتتحت يوم 6 وتتواصل إلى يوم 15 أفريل 2018 إذا كان في زيارة خاصة أم انه جاء خصيصا للمشاركة في فعاليات المعرض فقال بحماس والسعادة بادية على محياه: «انا جئت من فرنسا خصيصا للمشاركة في المعرض وقد حظيت ولأول مرة في مسيرتي ككاتب بدعوة خاصة من هيئة تنظيم المعرض، دعوة أسعدتني كثيرا وجعلتني استجيب ويبدو انه تم تكريم المبدعين بدعوات خاصة تحفظ مكانتهم وهذا يثلج الصدر فقد تعودنا ان تدعونا دور النشر التي تعرض كتبنا لنوقعها..» وأبو بكر العيادي كاتب وصحفي ومترجم تونسي مهاجر من مواليد 1949 بجندوبة، يقيم في باريس منذ 1988. وهو عضو نادي القصة واتحاد الكتاب التونسيين. عمل بالتدريس والصحافة الثقافية والإنتاج والإذاعي وكتب القصة والرواية والمقال والدراسة والترجمة والمسلسل الإذاعي وأدب الطفل، ووضع بالفرنسية قصصا مستوحاة من التراث العربي القديم والتراث الشعبي التونسي، كما ساهم في إعداد كتب مدرسية لأبناء الجالية في أوروبا تحت إشراف وزارة التربية والتكوين. وقد صدرت له مؤلفات عديدة نذكر من بينها: حقائب الترحال (قصص) تونس 2009. - الرجل العاري (رواية) تونس 2009 (الجائزة الثانية للكومار الذهبي) - آخر الرعية (رواية) باريس 2002.- مسارب التيه (رواية) تونس 2001.- الضفة الأخرى (قصص) القاهرة 2001 .- حكاية شعلة (قصص) تونس 2000. -لابس الليل (رواية) تونس 2000. - حكايات آخر الليل (قصص) تونس 1992. - أمراض الأدب القاتلة (دراسة) بغداد 1989. - دهاليز الزمن الممتد (قصص) تونس 1986 (جائزة مدينة تونس). مشروع ثقافي وأعمال تكمل بعضها البعض تحيل كتابات أبو بكر العيادي على مشروع ثقافي رسمه لنفسه وأنتج في إطاره أعمالا كثيرة تكمل بعضها البعض ويوحّد بينها وضع الإصبع على مواطن الداء وإدانته لعالم يتخلى عن القيم النبيلة وتختل موازين الثوابت فيه... هذا المشروع هو الدفاع عن إنسانية الإنسان ورصد التحولات الاجتماعية والثقافية والسياسية في تونس، وفضح الظلم والقمع والاستبداد والدكتاتورية والفساد وسوء تصرف المسؤولين ويواصل العيادي في نهجه هذا حتى في كتاباته الصادرة بعد الثورة. وهو في كل هذا يحاول المحافظة على الهوية التونسية وصيانة ذاكرتها دون أن ينسى هذا الهاجس حتى وهو يكتب عن المنفى وعلاقة المهاجر العربي بصفة عامة مع الآخر في بلدان الاستقبال الأوروبية. فقد فضح أبو بكر العيادي في ثلاثية «لابس الليل» و»زمن الدنوس» و»آخر الرعية» (التي تمت مصادرتها سنة 2002) الاستبداد والظلم والقهر الذي كان يمارس على الشعب التونسي والتحولات المجتمعية التي عرفتها تونس خلال فترة السبعينات في القرن الماضي وعن الخصاصة والتهميش التي أفرزت فئات مجتمعية تسن قوانين لنفسها لتجابه السياسة الليبرالية المشطة في حق المواطن التونسي كتب أيضا عن المظاهرات التي كان يلتجئ لها الشباب فتواجهها الدولة بالقمع والأسر وحتى بالقتل. ووضع كاتبنا الإنسان في محيطه العالمي موضع السؤال وجعل بطله يحاسب نفسه والناس وتحدث عن هذا الكائن البشري حين يتعرى تماما وتظهر عيوبه في رواية «الرجل العاري» الذي يتضمن عديد القضايا مثل الكتابة لمجتمع لا يقرا وبيع المثقف لقلمه ولضميره لسلطة ما، واضطرار الخبراء والمختصين والأدمغة إلى هجر البلدان العربية والاستقرار في عالم كله عنصرية.. كما حاول في رواية «زمن الدنوس» الصادرة سنة 2011 فهم حاضر تونس من خلال ما سبق من تاريخ تونس الحديث الذي تحول إلى حاضر رغم ان التاريخ لا يعيد نفسه وإنما يسمح لنا بان نعتبر مما حدث وفات في هذه الرواية استشرف العيادي بكثير من الحذر مستقبل تونس. وكتب أيضا عن منفى المبدع العربي حين يختار الهجرة ويغادر بلاده دون أن يقطع جذوره من الأرض التي أنجبته ودون أن تبتعد روحه عن دياره الأصلية، بل تظهر هذه في فكره وفي وجدانه وفي كل منجزه، كيف لا وهو يعتبر في رواية «الضفة الأخرى» ورغم 30 سنة من الغربة انه سليل تونس، هذا البلد الأصيل ذو المجد الأثيل والتاريخ العريق ويرى انه من واجبه الدفاع عن هويته وعن لغته ودينه مع فصل الدين عن السياسة، وضرورة التمسك بمجلة الأحوال الشخصية، وضرورة محافظة الدولة التونسية على سيادتها وعلى الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى. وقال أبو بكر العيادي: «سأشارك غدا الخميس في نفس الإطار (فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب) في ندوة عن الكتابة لليافعين وهو موضوع يهمني ولي فيه ما أقول باعتبار انني سبق ان كتبت لهم وترجمت وأنا حريص على مواصلة هذا المشروع..». مزيد ربط الصلة بين الندوات التقنية والباحثين والدارسين وعن تقييمه لمعرض الكتاب ككل أفادنا محدثنا انه سعيد بما رآه من إقبال التونسي على المعرض ولاحظ انه كان يحبذ لو وقع ربط الندوة التي شارك فيها عن «تخيل المكان في الرواية» بالطلبة والمهتمين بالبحث الأكاديمي وأساتذة كلية الآداب بمنوبة لان موضوع الندوة كان تقنيا ولا يهم القارئ العادي وإنما يهم المشتغلين على الأدب ورأى العيادي أن: «الندوة التي نشطها كمال الشيحاوي كانت ثرية حيث جمعتني بحسونة المصباحي وكمال الزغباني والكاتب المغربي احمد المديني ولهؤلاء تجارب عديدة ومهمة في موضوع الندوة قد تفيد الطلبة والباحثين في بحوثهم. وفي نهاية هذا اللقاء أفادنا أبو بكر العيادي انه سيوقع يوم السبت 14 أفريل الجاري بداية من الساعة الثانية بعد الزوال روايته «مسارب التيه» الصادرة عن دار ورقة للنشر والتوزيع. وبطل «مسارب التيه» (وهي رواية من 140 صفحة) مثقف غادر البلاد نحو أوروبا حالما بوضع أفضل وارحم من وضعه في تونس وإذا به يعيش المرارة ويقف على مأساة المهاجر العربي وما يعانيه من عنصرية الآخر وازدرائه له ويلاقي وضعا أسوأ بكثير من الوضع الذي تركه في تونس، وعندما يتم ترحيله وإرجاعه إلى بلاده يحاسب نفسه ويقرر أن يعود إلى خدمة أرضه والعيش فيها بكرامة.