مما لا يرقى إليه أدنى شك هو أن الأحداث الأخيرة التي عرفها ولا يزال قطاع التعليم، واحتداد الصراع بين الاتحاد العام التونسي للشغل والحكومة حول عديد القضايا بما في ذلك أزمة التعليم الثانوي قد وضعت الجميع في ورطة.. لتمسك أطراف التفاوض بمواقفها من جهة وكذلك التصريحات المضادة، لكن مع تنامي لغة التصعيد أصبحت البلاد ككل في حاجة إلى مخرج لأن مصلحة التلاميذ والمربين والأولياء هي الأخرى أصبحت في الميزان.. ولئن يراهن البعض على مزيد تأزم الأمور لغايات سياسوية وحزبية ضيقة، الهدف منها تواصل التوتر والبلاد مقدمة على استحقاق انتخابي.. أو مزيد توتير العلاقة بين الحكومة والاتحاد حدّ حرب كسر العظام، على أساس أن المنظمة الشغلية قادرة على مواجهة أية حكومة وتحقيق مكاسب فإنه على خلفية كل ذلك، لابد لإطراف الخلاف من تقديم تنازلات والجلوس معا على طاولة الحوار لأنهما السبيل الأوحد لامتصاص التحريض من جهة والطريقة المثلى لتجنيب التلاميذ انعكاسات هذه الخلافات وتخفيف وطأة الأزمة على الأولياء. .. والتنازل من الجانبين في مثل هذه المواقف لا يعني ضعفا من الحكومة ولا أيضا من المنظمة الشغيلة، بل ذلك من شيم الحكومات والمنظمات التي تحترم نفسها وشعبها وتضع مصلحة البلاد نصب الأعين وتتعالى على الخلافات مهما كان نوعها وحدّتها .. ومهما كانت جاهتها.. لأن الامتحانات الوطنية في الميزان ومصلحة الأجيال هي الفيصل. إيجاد مخرج للأزمة يتطلب مبادرة بسيطة ورمزية من طرفي الصراع بعيدا عن توتر علاقة النقابيين والمربين بالوزرة وبعيدا عن شيطنة هذا الطرف أو ذاك أو تحميل مسؤوليات الأزمة ،لهذا الطرف أو ذاك ،وعن شروط المقايضة.. حيث على الحكومة والاتحاد أن يقطعا الطريق أمام كل محاولات التي قد تذكي نار فتيل الأزمة وعليهما الخروج باتفاق يجنب البلاد والعباد انعكاساتها ..فلا مناص من إيجاد مخرج ولامناص من تحمل الحكومة والمنظمات الاجتماعية وخصوصا منها منظمة اتحاد الشغل المسؤولية لأن الوقت يمر بسرعة وكل تأخير من شأنه أن يزيد في استفحال الأزمة .لهذا على الحكومة أن تتخلص من الجبّة الحزبية وتدرك جيدا ان مناورات الأحزاب "جعجعة بلا طحين" وعلى الاتحاد أيضا أن يتحلى بالليونة والمرونة اللازمتين لإيجاد مخرج خاصة لطالما مثّل الاتحاد صمام الأمان والمنقذ للبلاد ،كما لا أحد ينكر أنه، لولا المنظمة الشغيلة والرباعي الراعي للحوار لما كان لهذه الحكومات والأحزاب تواجد..