* بن علي اعتمد سياسة ممنهجة في اعتقال معارضيه * ولاء الوحدات الأمنية لبن علي كان يقاس بمدى بطشها بمعارضيه * بن علي سعى الى قطع كل الطرق الموصلة الى حقيقة وفاة الشماخي تونس- الصباح يأتي اسم بن علي على رأس قائمة المتهمين في قضية الشهيد رشيد الشماخي رغم انه تمت احالته كمشارك في هذه القضية وليس كفاعل أصلي وننشر اليوم دور بن علي في هذه القضية وكيف أعطى تعليماته بقتل الشماخي وحماية الفاعلين الأصليين. فقد تبين من الأبحاث المجراة في القضية ان بن علي الذي كان زمن الحادثة رئيسا للدولة عمد سنة 1991 الى اتباع سياسة ممنهجة في اعتقال معارضيه وحماية نظامه بتتبع كل من تحوم حوله شبهة عدم موالاته واتبع سبيلا لتنفيذ ذلك برفع كل الضوابط القانونية عن الوحدات الأمنية واطلاق يدها تحت اشرافه المباشر باعتباره القائد الاعلى للقوات المسلحة والتي أصبح ولاؤها يقاس بمدى بطشها بمعارضيه وقد كرست هذه السياسة المتبعة من قبل بن علي على أرض الواقع في قضية الشهيد رشيد الشماخي من خلال اقدام أعوان فرقة الابحاث والتفتيش بنابل على اعتقال الشماخي ووضعه في ظروف اعتقال غير انسانية واخضاعه لشتى أنواع التعنيف سواء داخل مقر الفرقة بنابل أو ابان نقله الى مدينة سليمان مما أدى الى هلاكه نتيجة ما تعرض له من عنف أفضى الى تسرب مادة سامة أدت الى وفاته. حماية وطمس وتضليل وحسب الأبحاث فان ما أقدم عليه بن علي يشكل في جانبه الركن المادي لجريمة المشاركة في الاعتداء بالعنف الشديد الناجم عنه الموت مع سابقية القصد طبق أحكام الفقرة الاولى والرابعة من الفصل 32 من المجلة الجزائية باعتبار ان الثابت من خلال الابحاث هو ان عملية ايقاف الهالك الشماخي والاعتداء عليه بالعنف الى حد الموت تمت لارضاء بن علي وحماية لنظامه وانطلاقا من تجاوزه حدود السلطات المخولة باعتبار ان تحرك الوحدات الامنية كانت تحت اشرافه المباشر لارضائه والحصول تبعا لذلك على منافع وصلاحيات، هذا فضلا عن توليه بعد ذلك توفير الحماية القانونية لهم لضمان افلاتهم من العقاب من خلال توليه طمس جميع السبل والطرق المؤدية للتعرف على الجناة وتسليط العقاب الرادع عليهم وكانت الاحالة في المشاركة في الاعتداء بالعنف الشديد الناجم عنه الموت وفق احكام الفصل 208 من المجلة الجزائية باعتبار ان الفاعلين الاصليين قد عمدوا الى استباحة جسد الشهيد الشماخي بأن سلطوا عليه مختلف أشكال وأنواع العنف المادي والنفسي مما أدى الى هلاكه هذا فضلا عن توليهم اعتقاله في ظروف لا انسانية رغم انهم يعلمون مسبقا أنهم بذلك ينتزعون انسانيته وهو هالك لا محالة. وباعتبار ثبوت اركان المشاركة في الاعتداء بالعنف الشديد الناجم عنه موت يلحق بها ظرف التشديد في الجريمة الأصلية والمتمثل في سبق انصراف نية المظنون فيهم الى الاعتداء بالعنف على الشهيد الشماخي محدثين له أضرارا بدنية خطيرة أدت بارتباطها بظروف اعتقاله اللانسانية الى وفاته كما توفر الركن القصدي من خلال ارتكاب بن علي لما نسب اليه رغم علمه انهم بصدد اتيان فعل خطير يجرمه القانون ورغم ذلك فان ما أقدم عليه بن علي فيه استباحة واضحة للموجبات الاجرائية باعتبار ان وجوده على رأس السلطة التنفيذية مثل سببا بالنسبة له في هتك كل القوانين لاعتقاده انه خارج محل كل مساءلة قانونية مما يجعل اركان التهمة متوفرة في حقه خاصة بعد ثبوت بأن الشهيد رشيد الشماخي كان من معارضي نظام بن علي وتمت ملاحقته من قبل الوحدات الامنية باعتبار أنه اتهم بسعيه لقلب نظام الحكم وهي افعال تؤدي الى المتابعة المباشرة له من طرف بن علي باعتبار ان تلك الافعال تستهدف نظامه مباشرة مما يؤدي منطقيا الى متابعته الدقيقة لكل أعمال البحث والاعتقالات المتعلقة بها باعتبار ان بن علي كان يشرف شخصيا على الملفات التي تهم امن الدولة ولا ادل على ذلك من ان المجتمع الدولي كان يتابع حادثة وفاة الشهيد رشيد الشماخي وان بن علي سعى الى قطع كل الطرق الموصلة الى حقيقة وفاته مما أدى الى استفادة المورطين في القضية اي الفاعلين الاصليين من نتيجة عملهم الاجرامي الذي استهدف الشهيد. من تعذيب الى عنف وبالتالي تم اعتبار تهمة التعذيب الواقع من موظف عمومي اثناء مباشرته لوظيفته وبمناسبتها نتج عنه موت من قبيل تهمة المشاركة في الاعتداء بالعنف الشديد الناجم عنه موت مع سابقية القصد وذلك لانتفاء موجبات الجريمة الاولى باعتبار ان المبادىء الأساسية المتعارف عليها ان مبدأ شرعية الجريمة والعقوبة يحتمان ضرورة تفعيل قاعدة عدم رجعية النص الجزائي في الزمن تفعيلا لأحكام الفصل الأول من المجلة الجزائية الذي جاء فيه أنه "لا يعاقب أحد الا بمقتضى نص من قانون سابق الوضع لكن اذا وضع قانون بعد وقوع الفعل وقبل الحكم البات وكان نصه أرفق بالمتهم فالحكم يقع بمقتضاه دون غيره"ذلك ان القانون لا يجرم أفعالا كانت مباحة او كانت تحت وصف قانوني مختلف عن النص القانوني الجديد الواقع سنه ذلك ان الصفة الجرمية تكتسب بوقوع الفعل وتطابق عناصره على عناصر الجرم كما وصفه القانون ذلك انه لا يمكن مطلقا وتماشيا مع مبدأ الشرعية ان تتم مفاجأة المتهم بنص قانوني لم يكن موجودا حماية للحريات بصفة عامة وللمتهم بصفة خاصة كما يمس احساسهم بالعدل بما يوجب ان لا يسري القانون الجزائي الا على ما يقع لاحقا لصدوره ولا يمتد الى الوقائع التي تمت قبله وهو مبدأ دستوري يؤمن التزامات الأفراد ازاء القوانين التي يقع سنها في المستقبل فيضعهم موضع مؤاخذة جزائية وتؤاخذهم بأفعال لم تكن تحت الوصف القانوني الجديد وانطلاقا من ذلك فلا يمكن لدولة القانون ان تعاقب شخصا على اساس نص قانوني لم يعلم بأحكامه زمن ارتكابه للأفعال التي لأجلها تم تتبعه وبالتالي فان جريمة التعذيب المنصوص عليها صلب أحكام الفصلين101 مكرر و101 ثانيا من المجلة الجزائية يؤدي تفعيل أحكامها بصفة رجعية الى تجريم لم يكن مجرما مما يؤدي الى تفعيل اليات التجريم دون نص وهي اليات من شأنها ان تمثل مسا بالحرية الشخصية للأفراد وبسلامة الاجراءات القانونية وهو توجه تم تكريسه في الاعلان العالمي لحقوق الانسان لسنة 1789 في فصلها الثامن وفي الاتفاقية الأوروبية لحقوق الانسان في فصلها السابع واستنادا الى ذلك فانه لطالما لم يقع التنصيص بصفة صريحة ضمن أحكام الفصلين 101 مكرر و101 ثانيا من المجلة الجزائية على أن أحكام هذان الفصلان يطبقان بصفة رجعية فانه لا يمكن تبعا لذلك ان يتم تتبع تحت لوائهما خاصة ان العقوبة الواردة بهما لا تعد عقوبة أرفق من العقوبة الواردة ضمن أحكام الفصل 208 من المجلة الجزائية السارية المفعول والنفاذ ابان ارتكاب المظنون فيهم لوقائع قضية الشهيد الشماخي وبالتالي فانه لا يمكن بأي حال من الاحوال تطبيق احكامهما على الافعال المنسوبة للمظنون فيهم وتبعا لذلك فان اعتقال رشيد الشماخي والاعتداء عليه بالعنف الوحشي والمتواصل من مقر ضبطه بمدينة سليمان الى مقر فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بنابل ثم بمدينة سليمان مرة أخرى ثم بمقر الفرقة المذكورة مجددا من طرف أعوانها الذين تولى بن علي تقديم المساعدة اللازمة لهم قبل وأثناء وبعد تنفيذ فعلتهم وتحصينهم من العقاب يجعل تلك الأفعال الموجهة لبن علي تكيف على أنها المشاركة في الاعتداء بالعنف الشديد الناجم عنه موت مع سابقية القصد.