رغم أسبقية حركة النهضة على بقية الفائزين في الانتخابات البلدية بتونسالمدينة فان الحسم في «المشيخة» لم يحسم بعد وذلك بسبب عدم حصول اي طرف من الفائزين على أسبقية تمكنه من الفوز المباشر بمنصب شيخ المدينة بما يجنبه نار التحالفات والتفاوض الذي قد يعني بالضرورة تنازلات لفائدة هذا الطرف او ذاك. وتبدو وضعية تونسالمدينة من اعقد البلديات من ناحية توزيع المقاعد فيها والتي تتوزع على النحو التالي: تصدر حركة النهضة ب21 مقعدا تليها حركة نداء تونس ب17 مقعدا فيما احتل التيار الديمقراطي المركز الثالث ب8مقاعد ثم الاتحاد المدني ب6 مقاعد فيما تحصلت القائمة المستقلة مدينتي تونس والجبهة الشعبية على 4 مقاعد لكل منهما. ويظهر التوزيع الحاصل في عدد المقاعد''بلوكاج» في انتخاب شيخ جديد لمدينة تونس حيث يرى فيه «البلديّة» انه لا مجال لخروج المشيخة من أبناء تونس العاصمة في إشارة واضحة لرفض تولي اَي شخص من الوافدين على الحاضرة لهذا المنصب كما جرت العادة لأكثر من150 سنة حيث كان منذ سنة 1858، يوجد منصب شيخ المدينة الذي كان يعينه باي الإيالة التونسية من بين المرموقين والبارزين في المنطقة، أساسا من عائلات كبار التجار أو من العلماء أو من ملاك الأراضي الكبيرة او ما يعرف أيديلوجيا بالإقطاعيين. ولعل انتخابات 2018 قد تحمل جديدا في حال فازت مرشحة حركة النهضة سعاد عبد الرحيم بمنصب شيخ المدينة بما يعنيه ذلك من كسر لقواعد سياسية امتدت في جذور تونس العاصمة لأكثر من قرن، غير انه وبالرغم من احتلال حزبها المرتبة الاولى فان واقع التحالفات قد يحمل جديدا بانتخاب شخصية اخرى غير عبد الرحيم يمثلها اساسا كلا من مرشح النداء كمال إيدير او المرشح المستقل منير ميلاد الذي قد يشكل مفاجاة من شانها ان تحسم كل الجدل. انتخاب واحد من الثلاثة المذكورين سيخضع لحسابات واضحة لكن التعقيد فيها يكمن اساسا في اتخاذ موقف حاسم من قبل مرشحي الجبهة الشعبية ومرشحي حزب التيار الديمقراطي بما يعنيه ان انتخاب سعاد عبد الرحيم يتطلب اصواتا تفوق 50+1 اَي 31 صوتا وهو ما يفقده كل المترشحين مبدئيا على اعتبار ان للنهضة 21 صوتا والنداء17 وقائمة منير ميلاد 4 اصوات، حسابيا يظهر ميلاد اقل المترشحين حظا ولكن في نفس الوقت قد يكون أوفرهم حظا لفك «البلوكاج» الحاصل الان. في حال تحالف النهضة 21 والتيار الديمقراطي 8 فان مجموع الأصوات يكون 29 ويبقى «تصويت» الجبهة الشعبية واردا لعبد الرحيم باعتبار النفس التقدمي لابناء الجبهة الذي يساند المراة وبالتالي فان عبد الرحيم شيخ»ة» مدينة تونس لأول مرة في تاريخ البلاد. بالنسبة لكمال ايدير فان حاصل الأصوات لحزبه هي17 واذا ما أضفنا اليها اصوات الاتحاد المدني ب6 اصوات وإمكانية التحاق مجموعة ميلاد ب4 اصوات والجبهة وهو امر غير مضمون ب4 اصوات يصبح مجموع ميلاد اذا ما افترضنا جدلا تصويت "الرفاق» لفائدة ايدير ب27 صوتا دون احتساب اصوات ممثلي التيار الديمقراطي الذين لن يصوتوا لفائدة حزب كثيرا ما وصفوه «بالفساد». ولان الجبهة غير مضمونة بما يمكنها ان ترفع شعار»حريات سياسية لا دساترة ولا اخوانجية»ان»تقلب الطاولة» على النداء والنهضة في نفس الوقت فان إمكانية صعود منير ميلاد باتت ممكنة وذلك وفقا للمعادلة التالية: تصويت النداء لفائدة المستقل منير بن ميلاد ممكنة حتى لا تفوز النهضة بالمنصب بما يمكن ميلاد من17 صوتا ندائيا خاصة وانه احد أبناء النداء المستقيلين منذ تاسيسه بالاضافة الى تصويت محتمل للاتحاد المدني 4 اصوات باعتبار ان الرجل واحد من القيادات المركزية السابقة لحزب مشروع تونس ابرز مكونات الاتحاد المدني، كما قد يتلقى اصوات مرشحي التيار8 او نصفهم على الأقل والجبهة4 اللذين سيعملان على منع صعود النداء او النهضة وفِي محاولة لمنع تحالف محتمل في هذه الدائرة البلدية المهمة سياسيا، كل ذلك يضاف اليه 4 اصوات من قائمة منير بن ميلاد. وكل ذلك قد يحصل في حال تجاوز حزبي النداء والنهضة بعض التفاصيل السياسية ليعودا مجددا ضمن دائرة الفعل السياسي القوي او ما بات يعرف بالتوافق فهل يشكل المستقل منير بن ميلاد الحدث؟