شكلت المعطيات الواردة من هيئة الانتخابات مدخلا دُفع من خلاله النداء للدخول في"نفق" ما بعد النتائج الأولية للانتخابات بعد ان رفض جزء هام من الاطراف الحزبية والائتلافات التحالف معه في عدد واسع من البلديات نتيجة تراجع ثقتها في الحزب الحاكم حيث قال الامين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي أن حزبه لا يفكر اصلا في التحالف لا مع النهضة ولا مع النداء في المجالس البلدية التي سيتواجد فيها مترشحون عن التيار الديمقراطي، معتبرا أنه لا يمكن الحديث عن تحالفات سياسية داخل المجالس البلدية، قائلا:«أتمنى ابعاد المجالس البلدية عن التحالفات والتجاذبات السياسية». وأضاف الشواشي في تصريح ل"الصباح" ان التفكير السليم يقضي بالدعوة الى ابعاد الصبغة السياسية عن العمل البلدي حيث من الواجب ان تقع تفاهمات حول توزيع المهام والمسؤوليات وليس التحالفات بما يخدم المواطن التونسي". وكان الشواشي قد صرح للإذاعة الوطنية"ان التيار الديمقراطي مازال يتنفس معارضة حتى بعد النتائج التي حققها ولن يدعم اي رئيس بلدية على أساس انتمائه الحزبي بل سيدعم الشخصية الأجدر والأكثر كفاءة من غيرها وبالتالي ليس بالضرورة أن يكون رئيس البلدية القادم منتمي الى حزب متحصّل على أكثر عدد من المقاعد، وفق قوله. مساعي النداء للفوز بالمرتبة الاولى يعتبرها البعض كانت واضحة منذ تعيين جزء كبير من حكومة الشاهد ومستشاري الرئاسة في الحملات الانتخابية للحزب والتى أثارت موجة انتقادات واسعة من الأحزاب وعدد من المنطمات التى اعتبرته مدخلا لتسخير امكانيات الدولة في خدمة الحزب الحاكم لكن رغم ذلك فقد فشلت قيادات النداء في جلب الانتصار للحزب كما هو الشأن بجهة القيروان التي كانت فيها "سقطة "الحزب مدوية. تبنى القائمات المستقلة ولتجنب الاحراج السياسي الحاصل لحركة نداء تونس قدم رئيس الكتلة سفيان طوبال على صفحته الرسمية معادلة سياسية قام من خلالها بالتأكيد على ان حزبه يأتي في المرتبة الاولى يليه النداء ومن ثمة نجد المستقلين. المعادلة المطروحة حسب طوبال تقوم على جمع اجمالي لما تحصل عليه النداء حسب ارقام هيئة الانتخابات وهي 1586 مقعدا مع اضافة 642 مقعدا من القائمات المستقلة القريبة من النداء ليصبح مجموع النداء 1586+642=2228 مقعدا للنداء مقابل 2138 لحركة النهضة و1734 للمستقلين. وحول صحة قال سفيان طوبال في تصريح ل"الصباح" ان الأرقام قريبة جدا من ارض الواقع ان لم نقل انها صحيحة، واضاف ان الجميع سيقف على صحة احتلال النداء للمرتبة الاولى في قادم الأيام حين تترأس قائماتنا البلديات، كما يمكن ان تكتشفوا ذلك خلال الاسبوع القادم اذ من المنتظر ان يقوم الحزب بملتقى تكويني للمستشارين البلديين وحينها ستعرفون العدد المهم لقائماتنا الانتخابية." واذا ما افترضنا جدلا صحة الأرقام التي قدمها طوبال فان ذلك قد يعيد الأمل للنداء لكن ذلك يمكن ان يبقى معلقا حتى نتأكد من صحة"الحمض النوويADN" لهذه القائمات المستقلة و"أبوة"النداء عليها خاصة وان جل الاحزاب سعت "لتبني" هذه القائمات التي اجتاحت الانتخابات في ظاهرة سياسية تونسية خالصة. واذا ما افترضنا جدلا ايضا صحة ما ذهبت اليه المعادلة "الطوبالية" فان واقع التحالفات قد تعرف تغييرا عميقا حيث ستعهد للنداء اكثرية البلديات عددا ورئاسة وهو ما قد يجنب الحزب البحث عن تحالفات وتوافقات مع قائمات حركة النهضة. صحة الأرقام المقدمة ولئن ستعيد للنداء فسحة أمل وبعضا من الثقة فان خطأها سيعيد ايضا البحث عن جدوى بقاء حافظ قائد السبسي على راس الحزب بعد ان حمّله شق واسع من الندائيين مسؤوليته في النتائج التي وصل لها الحزب بما قد يشكل اختبارا حقيقيا لمقولة التوريث حيث سيكون الخيار بين مؤتمر يغادر من خلاله النداء او مزيدا من انهيار النداء كما وصفها القيادي السابق والمنسق العام لحزب تونس اولا رضا بلحاج. خليل الحناشي