عادت الخلافات داخل «نداء تونس» لتطفو على السطح مجددا، وذلك بعد أن حطت الانتخابات البلدية «أوزارها» وكشفت التراجع الحاصل في نسب التصويت لفائدة الحزب الذي تأخر عن شريكه في الحكم حركة النهضة بأكثر من 8 نقاط كاملة. تأخر لم يحفز النداء على»جرد» أسباب التراجع استعدادا ‹›لملحة» 2019 حيث الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي يبدو انها تشغل بال المدير التنفيذي للحزب حافظ قائد السبسي اكثر من اَي شيء اخر سيما وان الحسم في عدد واسع من المسائل مازال يراوح مكانه على غرار طبيعة العلاقة بين النداء والنهضة سيما وأن يوسف الشاهد لم يحسم موقفه بعد من الانتخابات القادمة رغم الإشارة التي قدمها راشد الغنوشي في أوت الماضي بالتزام الشاهد بنجاح الحكومة أكثر من التفكير في 2019. خلافات النداء بدأت تطفو على السطح، وما الدعوات المتتالية بإسقاط حكومة الوحدة الوطنية وأساسا رئيس الحكومة الا دليل واضح على ان النية تتجه لأبعاد الشاهد من المشهد السياسي ووضعه على «رف» الأحداث وهو ما سيقلل من «إشعاعه» كمرشح محتمل. موقف النداء من الشاهد موقف النداء من الشاهد لم يتبدل حيث مازال يشكل محور الجدل السياسي داخل الحزب وحتى ضمن الدائرة الضيقة «لجماعة» قائد السبسي الابن بعد ان بات يخشى عن «الإرث» الذي ينافسه حوله الشاهد بما هو ابن للنداء أولا ورئيس للحكومة ثانيا. وامام النتائج المعلنة للانتخابات البلدية سارعت قيادات النداء الى تحويل وجهة النتيجة في اتجاه «حاكم» القصبة، دون المدير التنفيذي للحزب ومجموع الوزراء الندائيين الذين شاركوا بكثافة في الحملات الانتخابية، حيث كشف القيادي في حزب نداء تونس وسام السعيدي في مداخلة على قناة التاسعة أن سبب تراجع نتائج نداء تونس هو بعض القرارات الحكومية غير الصائبة على غرار الترفيع في سعر المحروقات قبل شهر من الانتخابات البلدية. وأضاف السعيدي «ليس هنالك حكومة في العالم ترفع في الأسعار قبل الانتخابات وتريد الانتصار إلا في تونس». موقف السعيدي لم يكن الوحيد حيث سانده فيه القيادي خالد شوكات «من الضروري مراجعة المسار الحكومي مضمونيا»، مؤكدا أن حكومة يوسف الشاهد لم تنجح اعتمادا على المؤشرات الاقتصادية وانه يجب تغييرها وقال شوكات لدى استضافته أول امس على أمواج «موزاييك» إن "هناك حاجة لإحداث تغيير عميق يحسّن أداء العمل الحكومي والقيام بالإصلاحات الضرورية.. ويجب أن يكون التغيير فعليا وليس صوريا». كما اعتبر المتحدّث أنّ "أداء الحكومة مثّل أحد أسباب تراجع حزبه النسبي في استحقاق 6 ماي البلدي لأن الشعب ينظر إلى نداء تونس باعتباره الحزب الحاكم ويحمّله مسؤولية العمل الحكومي». ويكشف موقف السعيدي وشركات ان لا احد يتحمل مسؤولية النتيجة الحاصلة انتخابيا سوى الشاهد والحال ان الحزب هو من حدد ممثليه واختار منسقيه، بيد ان الأهم من ذلك ان لا احد حمل حافظ قائد السبسي مسؤولية الفشل بل ولَم يطالبوا بإجراء مؤتمر واضح من شانه ان يعيد ترتيب البيت الداخلي للنداء في ظل «فوضى» المواقف. فحافظ قائد السبسي لا يفكر في المؤتمر الأول للنداء بما هو مخرج ديمقراطي، ذلك ان النتائج غير مضمونة لفائدته في ظل وجود منافسة ظاهرة يقودها يوسف الشاهد الذي استطاع بمجرد الإعلان عن حربه على الفساد ان يستقطب شقا واسعا من النواب ومن أنصار النداء، وهو ما زاد في تعميق الهوة بينه وبين حافظ ومجموعته حتى ان الصور التذكارية في ذكرى أربعينية المرحوم سليم شاكر والتي جمعت بين قائد السبسي الابن والشاهد لم تكن سوى صورا بروتوكولية للتقليل من الضغط الحاصل على الرجلين. ويدرك الندائيون القريبون من دائرة الفعل ان دخول الشاهد في منافسة حافظ على رئاسة الحزب ستؤول لرئيس الحكومة وهو ما يستدعي تأخير وتأجيل اَي حديث عن المؤتمر الى حين إبعاد الشاهد من رئاسة الحكومة وهو الرهان الأبرز في هذه الفترة. رهان اختلف حوله النداء والنهضة، ففي الوقت الذي تسعى فيه أطراف ندائية بإقناع رئيس الحزب راشد الغنوشي بأهمية تغيير حكومي في العمق يشمل رئيس الحكومة فان حركة النهضة لا ترى في ذلك من بد، وقد اعتبر الغنوشي في تصريح له على هامش اجتماع قرطاج أول أمس «أن المهم هو الاتفاق على البرنامج ومن ثم النظر في مَن سيُطبقه». يبدو تسبيق الغنوشي للبرنامج الحكومي واليات تطبيقه على الشخصية التي ستقود الإصلاحات المقترحة رسالة واضحة إلى الباجي قائد السبسي مفادها ان من جاء بيوسف الشاهد واختاره يمكنه ان يختار غيره، فالنهضة تدرك ان المعركة داخل النداء قد لا تعنيها ذلك انها ليست معركتها وان الخلاف بين الشاهد وقائد السبسي الابن وحده رئيس الجمهورية القادر على تجاوزه.