اهتز الشارع التونسي امس على وقع جريمة قتل شنيعة نفذت بطريقة بشعة حيث اقدم زوج يبلغ من العمر 41 سنة بمنطقة الحجارة من معتمدية هبيرة التابعة لولاية المهدية على قتل زوجته البالغة من العمر 31 سنة بطعنها عدة طعنات على مستوى البطن والرقبة ثم سكب مادة حارقة واضطرام النار على جسدها. وقبل يومين شهد «حي الزهور» من ولاية القصرين جريمة قتل بشعة تمثلت في اقتحام شاب لمنزل والدة لاعب المستقبل الرياضي بالقصرين وطعنها بسكين عدة طعنات مما تسبب في وفاتها فيما أقدم في 8 ماي 2018 شاب من معتمدية السعيدة من ولاية سيدي بوزيد على قتل شقيقه وهو تلميذ يدرس بالسنة التاسعة ومن مواليد سنة 2002. و لا يكاد يمر يوم دون ان نسمع عن جرائم قتل او نقرأ على اعمدة الصحف عن حوادث عنف وجرائم اليمة تهتز لها النفوس وتعيدنا الى توسع رقعة العنف التي امتدت الى المؤسسات التربوية والى الملاعب الرياضية ووسائل النقل العمومي ولم تخل منها البرامج الحوارية سواء على شاشة التلفاز او في الاذاعات زيادة على ارتفاع منسوب العنف في المادة الاعلامية والبرمجة الرمضانية. عنف بلون ايديولوجي فسر صلاح الدين بن فرج استاذ جامعي مختص في علم الاجتماع تنامي مؤشر العنف في المدة الاخيرة الى النعرات الجهوية والعروشية والاخطر من ذلك العنف الذي اصبح بلون ايديولوجي تحكمه اللعبة السياسية. واعتبر بن فرج ان المدرسة والاسرة اصبحا من منتجي العنف خاصة وان جرائم القتل البشعة تحدث داخل الاسرة الى جانب ارتفاع حالات الاعتداءات على الاطفال وهو ما اكده مندوب حماية الطفولة في اكثر من تقرير. وقد كشفت دراسة اعدها المعهد التونسي للدراسات الاستراتجية حول العنف الحضري عن تسجيل اكثر من 200 الف قضية على المستوى الوطني الى حدود سنة 2017 دون احتساب الاعتداءات الجسدية واللفظية التي تم فضها وعدم تسجيل قضايا في شانها والتي يمكن ان تكون ثلاثة اضعاف الارقام المسجلة حسب ما اكدته الدراسة. كما اظهرت نفس الدراسة ارتفاع قضايا القتل التي تجاوزت 1550 من 2011 الى حدود 2016 وهو رقم مرجح الى الارتفاع. وجاء في الدراسة ان احصائيات العنف لا تقتصر على جرائم العنف لتقترن باخرى مثل السرقة والسلب وهو ما يرفع في معدل ارتكاب هذه الجرائم بنسب مفزعة حيث ارتفعت بين سنتي 2011 و2017 الى اكثر من 600 الف قضية مسجلة أي بمعدل 25 بالمائة من العدد الجملي للقضايا. حشيشة رمضان مع دخول الشهر الكريم يرتفع مؤشر العنف في الفضاءات الأسرية الضيقة والفضاءات العامة والاسواق وتكثر الاخطاء والسلوكات غير الاخلاقية بدعوى «حشيشة رمضان» حيث يرتفع منسوب الغضب وهو ما تعكسه الارقام المسجلة عن حالات العنف في القسم الاستعجالي بمستشفى شارل نيكول. ويفسر محمد الجويلي مدير وحدة البحث في الانتربولوجيا الثقافية بكلية الاداب بمنوبة ان «حشيشة رمضان» فعل تونسي يحيل على حالة نفسيّة لبعض الصائمين يعبّرون فيها إمّا عن غضبّهم وتشنّجهم أو ممارسات أخرى مثل النسيان والنوم المبالغ فيه أثناء النهار ولربّما الهذيان والتلفّظ بما لم يعهد اللّسان في غير أيّام رمضان وإن ارتبط بصفة خاصة بالحالة الأولى، أي الغضب أو افتعاله لأسباب تافهة ولا مبرّر لها، ما عدا النقص الذي يشعر به بعض الصائمين تجاه بعض المنبّهات مثل التدخين أو الشاي أو القهوة وما شابه ذلك من المواد التي اعتاد على تناولها في الأيّام العاديّة وانقطع عنها في رمضان. واورد الجويلي، يكون «الترمضين» او «حشيشة رمضان» حقيقيا أو مفتعلا يتظاهر به بعض الصائمين تباهيا بقيامهم بهذه الفريضة وما يعانونه من أجل مرضاة الخالق بحثا عن وجاهة اجتماعية ولفتا للانتباه حتّى وإنْ كان هذا السلوك يتناقض مع فلسفة هذه العبادة وكثيرا ما يكون موضوعه الأبناء وخاصة الزوجة في علاقة بالطعام وإعداده خاصة مع اقتراب موعد الإفطار كما يكون موضوعه مواطنا في مخبزة أو دُكّان عندما يشتدّ الزحام ولربّما في حافلة وفي الطريق العام فتكون له عواقب وخيمة على الفرد والمجتمع.