أولا: الانتخابات فاتحة لتحولات عميقة: انتخابات السادس من ماي ليست فقط حدثا، ولا حتى حدثا غير عادي. أن ثورة تحصل أمام أعيننا وسندرك أبعادها بالتدريج. - أنها ثورة في عمق السلطة.فقد كانت السنوات السبع الماضيات سنوات التنافس على 218مقعدا في سلطة المركز، الآن تتوسع مساحة التنافس لتشمل أكثر من 7200مقعد. - أننا بصدد الانتقال من الخارطة المسطحة إلى خارطة التضاريس والألوان.من الجمهورية البسيطة إلى الجمهورية المركبة. - أننا أمام ثورة اجتماعية، وجهها الأولنسوي. فما عاد حمل غطاء الرأس ولا عدم حمله محتكرا لجهة. ما هو اختيار شخصي ومظهر اجتماعي يشق كل القائمات /الانتماءات. السياسة و الانتخابات تعيد توزيع الايدولوجيا بل وترتيب العقل المتدين ذاته نحو أقدار أكبر من المرونة والتعايش. مرة أخرى التشريع يصنع الواقع وهذا سيصنع الوعي. لكن على خلاف بدايات جمهوريتنا الأولى، التشريع تصنعه هذه المرة مؤسسات لها شرعية انتخابية على علاقة بالعمق المجتمعي قد تسبقه ولكنها ليست في انفصال أو مصادمة معه. ثورة اجتماعية وجهها الثاني شبابي. فقد ترشح للمنافسة أكثر من ثلاثين ألف شاب فاز منهم حوالي 2700. الطبقة السياسية تتجدد هذه المرة بالرغم عنها من خلال مدخل الدولة وليس فقط من خلال مدخل هياكلها التنظيمية. إننا نصنع المصعد السياسي حيث تصبح السياسة حرفة واختيارا. المشاركة الشبابية والفوز الشبابي سيغري الشباب بالسياسة عبر البوابة الحزبية أو غيرها.ربما نرى في المستشارين الحاليين برلمانيي وسط أو نهاية العقد القادم. - إننا أمام ثورة في الأحزاب، من خلال التشبيب والتأنيث أولا، ومن خلال العلاقة بالمؤسسات المنتخبة، ومن خلال العلاقة بالخدمة . بالتدريج ستصبح لنا أحزاب سياسية بالمعنى الحديث وسيقل مفعول الايديولوجيا إلا كخلفية ثقافية في ممارسة السياسة أو كموجهات وقيم في البرنامج إضافة للمشترك المجتمعي الذي يعبر عن نفسه في مساحات أخرى. والتعايش في المجالس البلدية سيخفف من حدة الصراع الذي طبع الأجيال السابقة. ثانيا: الأسئلة الكبرى للانتخابات: الانتخابات وفرت منجما من المعطيات يحتاج إلى توقف ودراسة متعددة الاختصاصات. كما وجهت رسائل لمجمل النخبة الحاكمة،السياسية، مهما كانت مواقعها في السلطة، والاجتماعية(vilfredo Pareto). نحن كلنا في موقع الإدانة . شخصيا أتوقف عند مجموعة من القضايا الكبرى: - الجسم الناخب أكثر من 7,500,000،والجسم المسجل أكثر من 5,300,000، والجسم الذي تحول إلى الصناديق يجاور ال1,800,000 فقط.ي مكن أن نجد أسبابا كثيرة للتبرير. ولكن لا بد أن نقر أن العرض السياسي المقدم لا يستجيب للحاجة المجتمعية. وقد تكون نسبة من الناخبين اختارت التصويت أداء لواجب مواطني فلجأت لما تعتبره الأقل سوءا . وهذا يفرض على المنظومة الحزبية أن تساءل نفسها لتتكيف مع الحاجيات الجديدة في المضمون والخطاب وسياسيات التواصل وطرق الاستقطاب والتأثير والعمل. - الجسم الانتخابي بصدد التوضيح. هناك كتلة «محافظة « لها تمثيلها السياسي المستقر نسبيا، للأسف الكتلة الثانية، لنسميها «العصرانية «، تعاني هشاشة في التمثيل السياسي. وأتتها فرصة سنة 2014 و لكنها لم تتحول إلى واقع وإلى حالة حزبية مؤسساتية مستقرة . هذه المهمة الوطنية الأساسية التي توفر التوازن والاستقرار، بدون ذلك سنعاني ارتباكا في السنوات القادمة.هذه مسؤولية الاصدقاء في نداء تونس وغيرهم. - نهضويا النتيجة مقبولة انتخابيا، ولكن لنا انشغالاتنا الوطنية التي تتعلق بنسبة العزوف وبالهشاشة الحزبية كما تتعلق أيضا بتقلص قاعدتنا الانتخابية الخاصة. نعم نحن أقل الخاسرين ومع ذلك نحتاج التوقف الشجاع كما تعودنا. - أنظر بإيجابية لحضور المستقلين في قائمات منفردة أو داخل القائمات الحزبية وكذلك لحضور الشباب. ذلك سيمثل عنصر ضغط إضافي على الأحزاب لتجدد نفسها، كما قد يوفر صيغا جديدة في الاهتمام بالشأن العام والوصول للحكم. (*) قيادي في حركة النهضة