يبدو ان الفنان الملتزم ياسر جرادي تعاقد مع النجاح وتمكن من ربط علاقة وطيدة مع الجمهور كلما احيا او شارك في حفل فبعد نجاح الحفل الذي نظمته مؤخرا منظمة العفو الدولية تحت شعار «موسيقى وشموع من أجل حماية حقوق الانسان في تونس» افتتح جرادي اول امس الاربعاء مهرجان ليالي الصالحية بالمدينة العتيقة في المركز الوطني للإتصال الثقافي امام جمهور غص به «صحن» المركز وقد جاء اغلبه مشجعا لان مداخيل الحفل ستذهب لفائدة جمعية «رؤية للمرافقة والمساعدة والتحسيس لفاقدي وضعاف البصر»التي تطالب بمعاملة الكفيف كمواطن كامل الحقوق ويستحق الاصغاء والعناية. كما تعمل جمعية «رؤية» التي تترأسها الاستاذة مباركة علية على ان تكون سندا للتلميذ الكفيف وتناضل من اجل حق تلاميذ معهد بئر القصعة المكفوفين في ان يتلقوا العلم في ظروف حسنة ومن اجل إصلاح الوضع بالمعهد كالمطعم والحرص على تكوين المعلمين المبصرين من أجل تعليم كتابة براي وعدم تأخر الكتب المدرسية على التلميذ الكفيف وإحضارها أول العودة المدرسية مساواة بالتلميذ المبصر وكذلك توفير حافلة للقيام برحلات ترفيهية تثقيفية للتلاميذ المكفوفين. كما ناضلت هذه الجمعية من اجل حق الكفيف في النفاذ الى المعلومة ومن اجل امكانية الانتخاب باستعمال كتابة براي. الاستاذ فادي بن عثمان عمل مبهر اشترك اركستر معهد المنار للموسيقى بقيادة الاستاذ فادي بن عثمان والذي تديره الاستاذة سلوى مسعودي مع الفنان الموسيقي عازف القيثارة والمسرحي والسينمائي والفنان التشكيلي والحروفي ياسر جرادي في تقديم فقرات من الموسيقي الكلاسيكية الاركسترالية والأغاني الطربية الهادئة بأصوات جميلة تم صقلها بعناية وتعليمها التنقل بين الطبقات فتمكنت من الاستحواذ على انتباه الجمهور وإصغاء الحضور سواء أكابيلا أو بمرافقة وترية كان احساس الكورال- الذي تتراوح اعمار افراده بين 8 الى تقريبا 15 سنة -بالكلمة جميلا وكانت مشاعرهم فياضة فأشاعوا الكثير من البهجة والفرح في المركز الوطني للإتصال الثقافي وحاولوا ارضاء جميع الاذواق وكل الاجيال الحاضرة حتى انهم قدموا اغاني جميلة بالايطالية والانقليزية الى جانب اللغة العربية. تراوحت فقرات هذا الاركستر الصغير والواعد مع اغاني ياسر جرادي الصديق الودود لجمعية «رؤية للمرافقة والمساعدة والتحسيس لفاقدي وضعاف البصر» لأنها ليست المرة الاولى التي يحيي فيها حفلا لفائدتها وليست اول مرة يغني لها كلما اختارت ان يلتقي المكفوفين والأولياء من اعضائها من اجل قضية ما او عمل خيري ما. اغان ثورية تنهل من مشاغل الكون وأغاني ياسر جرادي اغلبها ثورية و تحفر كلماتها عميقا في مشاغل الشعب التونسي وقضاياه ويحلق من خلالها في فضاء شاسع ليمس بها الانسان وقضاياه حيث وجد مثل اغنية «حلوا البيبان» التي كتب كلماتها عندما لاحظ ان ظاهرة انتحار الاطفال والمراهقين تكاد تستفحل وان عدد المنتحرين كبير بالنسبة الى عدد سكان تونس هذا البلد الصغير.. توجه ياسر بكلمات اغنيته الى الكبار ودعاهم الى مزيد اظهار المحبة والانتباه والتودد للأطفال وطالبهم بالاستماع الى هذه الشريحة العمرية الهشة والحساسة.. هذه الشريحة التي تمتلك المحبة وتشيعها في صيغتها الصافية والبريئة والتي لا بد من حسن استغلالها. وبين الاغنية والأغنية وقبل تدخلات الكورال قدم عازف العود سيف الدين الصغير معزوفات صولو .ولان ياسر جرادي يعتبر ان المحبة هي مفتاح اكثر من 90 بالمائة من مشاكل البشرية ونقص المحبة هو سبب الحروب والمجازر وكراهية الانسان لأخيه الانسان بصفة عامة فقد دعا الى اعادة النظر والتفكير في المحبة والنظر لها بأكثر جدية والتصريح بمحبتنا لمن نحب وان نقترب مما نحب. لا لا على حبك ما نتوب.. وغنى ياسر جرادي من كلماته وإلحانه اغنية» ديما.. ديما «ويقول فيها: «نحلف بعرق البناي اللي يهبط على الحجر يذوب// باللي رجليهم حفايا واللي تعبوا مالمكتوب// نحلف بيمين البحارة بالشمس والريح والسحاب //نحلف بالموجة الغدارة //لا لا على حبك ما نتوب..// لا لا ما نمل من صعبك علي نكتب اسمك بالدم في يدي نرجعلك ديما ديما ديما مهما زرعولي الشوك فيا ونسقي زرعك بدموع عينيا مهما خنتيني انت عزيزة عليا// نحلف بايدين الفلاحة اللي اتولدت في الشوك والتراب ولدت الخبز بجراحها وغلبت هالدهر الكذاب// نحلف بليالي الكناسة بخدام الحزام والحطاب ولاد المنجم والخماسة..// لا لا على حبك ما نتوب// لا لا مانمل من صعبك عليا //نكتب اسمك بالدم في يديا نرجعلك ديما ديما ديما مهما زرعولي الشوك في الثنية و مهما الايام حبت تهرب بيا// نرجعلك ديما ديما ديما ونسقي زرعك بدموع عينيا مهما خنتيني انت عزيزة عليا نرجعلك ديما ديما ديما..». وختم ياسر جرادي الحفل بأغنيته الثورية التي كتبها في اعتصام القصبة في فيفري 2011 وعنوانها «ناديتكم»وتتواصل عروض مهرجان الصالحية ويكون الموعد اليوم 1 جوان مع عرض «اندلدينو» للفنانة مريم عزيزي.