رازان شهيدة الحق ولا ندري ان كان لهذا المصلح معنى او قيمة في زمن تداخلت في المفاهيم واختلط الحق بالباطل وتدنس الصدق بالزيف وتراجعت القيم والمبادئ وضاعت الاهداف على أوتار القانون الدولي والعدالة الدولية التائهة.. مرة أخرى تفرض أخبار غزة نفسها على سطح الاحداث وتتصدر المشهد أمام خطورة التحولات الميدانية ليتأكد مجددا أن القطاع ليس مجرد قضية انسانية أو قضية لاجئين ينتظرون رأفة المجتمع الدولي ووصول شاحنات المساعدات الانسانية المحملة بالغذاء والدواء رغم الحاجة الملحة لتلك المساعدات لأهالي غزة الذين يعيشون خلف أسوار أحد أكبر سجون العالم.. ولاشك أن في تزامن جريمة اغتيال المسعفة الفلسطينية المتطوعة الشابة رازان في مخيم الإسعاف في غزة مع رفع ممثلة واشنطن في الاممالمتحدة عصا الفيتو لإجهاض مشروع قرار تقدمت به الكويت باسم جامعة الدول العربية من أجل توفير الحماية للشعب الفلسطيني ما يجب أن يعيد الى الاذهان أحد الحقائق المغيبة وهي أن ما يجري في قطاع غزة بل وفي الضفة أكبر من ملف انساني، ولكن - وهذا ما يجب التوقف عنده - قضية احتلال مرفوضة في كل القوانين الدولية، وأن ما حدث لشهيدة الحق وشهيدة العمل الانساني ملاك الرحمة رازان النجار خلال تواجدها في مخيم العودة لإسعاف المصابين في اعتداءات قوات الاحتلال الاسرائيلي التي لم تتوان عن استهداف الاطفال في المعهد واستهداف العجز من الشباب والنساء بل واستهداف المسعفين والطواقم الطبية، ما يعكس عقلية المحتل الاسرائيلي الغارقة في العنصرية والتعالي والاستخفاف بحياة البشر وبمعاهدة جنيف الدولية لحماية المدنيين في حالات الحرب والسلام .. ما حدث لرازان ومن قبلها كل ضحايا الانتفاضة الاولى والثانية وشهداء مسيرات العودة المستمرة جريمة ضد الانسانية، وهي جريمة تمتد المسؤولية فيها الى قوات الاحتلال ولكن أيضا الى الفيتو الامريكي الذي يقف بالمرصاد لإجهاض كل مشروع يمكن أن يدين جرائم الاحتلال أو يدعو الى حماية الشعب الفلسطيني، حتى باتت مهمة نيكي هايلي ممثلة واشنطن في مجلس الامن متجهة لرفع الفيتو في وجه الضحية والانتصار للجلاد... أربعة وأربعون فيتو رفعها سفراء واشنطن في مجلس الامن الدولي حماية لجرائم الاحتلال وامعانا في انتهاك حق الضحية ولا عزاء لأهالي غزة في حصارهم الذي طال أمده ... قطاع غزة كما الضفة ليس مجرد أزمة انسانية أو ملف انساني وليس أزمة شعب يبحث عن رغيف يسد الرمق ولكنها قضية احتلال مسلح للأرض ومصادرة لحق مشروع لشعب في الحرية والسيادة وهو ما لا يراد للإعلام الدولي والراي العام الدولي التعاطي معه... الاحتلال الاسرائيلي أحد أخطر وأسوا انواع الاحتلال المتبقي لهذا العصر والفيتو الامريكي يبقى طاحونة التدمير المعتاد للقضية الفلسطينية ... بالأمس وعلى سبيل الذكر لا الحصر تسابقت مختلف صحف العالم في نشر خبر اغتيال صحفي روسي في اوكرانيا وتصدرت صورته الصحف الكبرى في العالم وبينها صحيفة لوموند التي افردت الخبر بصورة عملاقة للصحفي الضحية قبل أن يظهر أن الامر لا صحة له... المؤسف أن صورة رازان وضحايا المجازر اليومية في غزة تكاد تمر في صمت مريب وكأنه لا قيمة للحياة البشرية عندما يكون الضحية فلسطيني أو عربي فأمثال هؤلاء لا يستحقون الحياة ...