لا تبدو أزمة نداء تونس في طريقها إلى الحل وذلك بعد حرب البيانات التي راجت أول أمس الأحد على خلفية اجتماع تنسيقيات الحزب بجهة منوبة وإصدارهم لبيان مساندة للمدير التنفيذي حافظ قائد السبسي ودعوتهم أيضا لإنهاء مهام رئيس الحكومة يوسف الشاهد. في المقابل تم تداول بيان مخالف تماما للبيان الصادر عن اجتماع منوبة، حيث عبر عدد آخر من المنسقين الجهويين لحركة نداء تونس في بيان عن عدم موافقتهم على الآليات المعتمدة للانتدابات الأخيرة للكفاءات «المزعومة وللدخلاء الجدد (الذين) لا ينتمون للحزب بأي صلة»، وفق ما ورد في البيان. كما عبر المنسقون الجهويون للنداء، في بيان نشره رئيس التنسيقية الجهوية لنداء تونس بالوردية فتحي الرابحي بصفحته بموقع الفايسبوك، عن استنكار المنسقين للعملية الممنهجة لتهميش «المناضلين وبناة الحزب من هياكل وطنية وجهوية ومحلية واستبدالهم بأسماء عرفت بانتهازيتها مما أثر سلبا على هوية الحزب وخطته السياسية»، وفق تقديرهم. وأكد المنسقون الجهويون في ذات البيان «عدم ثقتهم في القيادة الموجودة حاليا نظرا لإقصائها للهياكل المنبثقة عن مؤتمر سوسة وعدم تشريكها في أخذ القرارات طبقا للنظام الداخلي للحركة. المؤتمر الانتخابي ولَم تكن حرب البيانات العنوان الوحيد للازمة حيث تدخل الممثل الخاص لرئيس الجمهورية لزهر القروي الشابي على الخط ودعا إلى ضرورة «عقد اجتماع للهيئة التأسيسية لحزب نداء تونس باعتبارها الهيكل الشرعي الوحيد المناط بعهدته تسيير الحزب إلى حين عقد المؤتمر الانتخابي، وفق تعبيره. وأضاف الشابي انه «ما عدا ذلك يعتبر خرقا للقانون الأساسي للحزب ولما ورد بمحضر جلسته المنعقدة بتاريخ 15 ديسمبر 2012 قبل مؤتمر سوسة». دعوة الشابي «لدمقرطة» الحزب عبر مؤتمر وطني سرعان ما وجد صدا قانونيا اثر تدوينة لرئيس اللجنة القانونية بحركة نداء تونس مراد دلش الذي بين «أن الهيئة التأسيسية وقع إلغاء دورها كسلطة تنفيذية في الحزب ولم تعد لها أية سلطة قرار أو تسيير وذلك طبقا لما أفرزته أعمال لجنة ال13 التي تولت الإعداد لمؤتمر سوسة المنعقد يومي 9 و10 جانفي 2016 وأحكام القانون الأساسي (الفصل 40) المصادق عليه بالإجماع خلال الجلسة العامة الختامية لمؤتمر سوسة. ولَم تكن تطورات الأحداث داخل الحزب وتسارع وتيرتها بمعزل عن متابعات القيادي «العائد» الطيب البكوش الذي أعرب عن استعداده التام لحل الأزمة السياسية داخل النداء. وعبر البكوش في تصريح إذاعي عن «أسفه» لما آل إليه حزب نداء تونس وقال في هذا السياق إنّه يتألم عندما يرى المنتمين للحزب والبعض من «الانتهازيين» الذي انضمّوا إليه، يتخاصمون على قارعة الطريق وعبر وسائل الإعلام. وكشف البكوش عن تصور جديد لإنقاذ الحزب شريطة استبعاد الانتهازيين ولَم شمل المؤسسين والرجوع إلى الثوابت الأولى . ويذكر أن البكوش كان في اتصال هاتفي مع رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي مباشرة اثر كلمة رئيس الحكومة يوسف الشاهد والتي اتهم فيها المدير التنفيذي للنداء حافظ قائد السبسي بتخريب الحزب وتدخله في شان الدولة بالإضافة إلى إعاقته عمل الحكومة. لملمة الشتات وتبدو نية الإصلاح السياسي داخل نداء تونس واضحة، أمر كشفته اللقاءات المتكررة والمواقف المعلنة من قبل المؤسسين الأول للنداء على غرار النائب مصطفى بن احمد الذي أكد انه «على أتم الاستعداد للتجاوب مع أي مبادرة من اجل لملمة شتات حزب نداء تونس شريطة ان يكون لها مضمون جدي يعود بالحزب إلى خطابه الأصلي الذي تأسس لأجله، مشيرا إلى أن الأزمة في البلاد وصلت إلى أقصى مداها. وأوضح بن احمد، على هامش تقديمه لروايته الجديدة «الحالم الأخير لمدينة تموت»، بمقر الاتحاد العام التونسي للشغل بالعاصمة، أنّ «نداء تونس» يعيش نهاية مرحلة، مؤكدا ان نجل «الرئيس حافظ قائد السبسي الذي يتحمل جزءا هاما من حالة العطالة التي وصل إليها الحزب». ويبدو ان الرئيس المؤسس الباجي قائد السبسي قد استجاب إلى مسالة التغيير من خلال إبعاد «حافظ» عن الواجهة السياسية وذلك من خلال إعادة العميد الأزهر قروي الشابي والطيب البكوش إلى ساحة الأحداث السياسية كذلك موقف بن احمد في هذا التوقيت بالذات، هكذا أمر أكده أيضا اللقاء الذي جمع قائد السبسي الأب بأحد مؤسسي النداء عبد الستار المسعودي الذي كتب «استقبلني الرئيس الباجي قائد السبسي صبيحة هذا اليوم.. وكان مستاء من الأزمة السياسية في البلاد.. وعلى الحالة المتردية لنداء تونس.. كان الحوار صريحا.. بدون تكلف.. وبدون «طابوات».. عن العائلة.. والمرتزقة الجدد.. الذين خربوا النداء.. استمع لي في لحظة صفاء.. وبصدر رحب.. وقلت ما توجب قوله.. كما استمعت لرده وتحليله السياسي.. ووعد بإصلاح ما اعوج.. وما أفسدته الجماعة.. في مفهومها الواسع».