تم فرض الشاهد على النداء وعلى التحالف الحاكم لن يكون براهم آخر من يدفع ثمن التطاحن بين القصبة وقرطاج السبسي فقد المبادرة وتجاوزته الأمور تماما وهو في مأزق حقيقي بين الانتصار لابنه في معركته مع الشاهد كما فعل في مناسبات عديدة أجرت الحوار: جهاد الكلبوسي - اقر الامين العام لحزب حراك تونس الارادة، عماد الدايمي بان رئيس الحكومة يوسف الشاهد فشل فشلا ذريعا في ادرة الحكومة منذ وصوله للقصبة قبل سنتين. واكد الدايمي في حوار صحفي ل «الصباح» أن هاجس رئاسيات 2019 يسيطر على الشاهد وبات يتحكم في أغلب تصرفاته وخياراته ومناوراته. كما ان طموحاته السياسية كبرت بسرعة في ظلّ الضعف المتزايد لرئيس الجمهورية بسبب تقدم العمر. عماد الدايمي قال في حواره ل «الصباح» أن تغيّر نبرة النهضة ودعمها للشاهد وخروجها من مربع التنازلات مردّه التقاء مصالحها لأول مرة مع جهات أجنبية نافذة حيث رأينا سفراءها يزورون مونبليزير لأول مرة لمطالبتها بالدفاع عن يوسف الشاهد. ● كيف تقيّم أداء رئيس الحكومة يوسف الشاهد؟ -ليس هناك اليوم اختلاف في الساحة السياسية أن يوسف الشاهد فشل فشلا ذريعا في إدارة الحكومة منذ وصوله للقصبة قبل قرابة السنتين. حيث ظلت البلاد خلال فترته تنتقل من أزمة الى أزمة في جميع المجالات والقطاعات. كما ان كل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية اليوم تجاوزت الخطوط الحمراء بدليل ان تونس يتم تقاذفها من قائمة سوداء الى اخرى وفقا للتقارير والتصنيفات الاقتصادية الدولية. والشاهد يتحمل بالضرورة المسؤولية الأولى عن هذا التدهور المتواصل لأوضاع البلاد وسمعتها ولمعيشة التونسيين ومعنويات المواطنين الشباب منهم أساسا بشكل يدفعهم اليوم أكثر من أي وقت مضى للعنف والانحراف والهجرة السرية. ● هل نجح الشاهد في إدارة فريقه الحكومي؟ -يوسف الشاهد لم يقدر على إدارة فريقه الحكومي، الذي هو اليوم أكثر من أي وقت مضى فاقد للانسجام وللرؤية المشتركة، وغارق في الخلافات الحزبية والشخصية وتضارب المصالح وتضاد التموقعات في أفق استحقاقات 2019. ● هل طموحات الشاهد السياسية كانت سببا أدى إلى فقدانه الحزام السياسي الداعم له؟ -الاكيد أن هاجس رئاسيات 2019 يسيطر على الشاهد ويتحكم في أغلب تصرفاته وخياراته ومناوراته. طموحاته السياسية كبرت بسرعة في ظل الضعف المتزايد لرئيس الجمهورية بسبب تقدم العمر، وحالة الفراغ الكبرى في عائلته السياسية (النداء ومشتقاته) التي غرقت في أزمة هيكلية تنظيمية قيادية معقدة أفقدتها أبرز وجوهها الاعتبارية ولم تُبق في مواجهة الشاهد سوى نجل الرئيس حافظ قائد السبسي الذي يحلم بوراثة والده على رأس الحزب والدولة رغم افتقاده لأبسط مقومات القيادة. ● نداء تونس هو المرشح الأول للشاهد لماذا هذه القطيعة في العلاقة؟ -نداء تونس كحزب لم يكن هو الذي رشّح الشاهد لرئاسة الحكومة مكان الحبيب الصيد، بل لم يكن هو الذي دفع إلى إزاحة الحبيب الصيد أصلا. من اتخذ القرارين كان الرئيس السبسي ومحيطه العائلي ولوبيات المصلحة المحيطة به. وتم فرض الشاهد على النداء وعلى التحالف الحاكم فرضا بغرض الهيمنة على القرار في القصبة من طرف تلك الدوائر. والقطيعة لم تحصل عندما كان الشاهد راضيا بلعب دور «وزير أول» لدى الرئيس ينفذ تعليماته ورغبات عائلته. وقد كنت شخصيا أتوجه اليه طيلة تلك الفترة في مداخلاتي تحت قبة المجلس بصفة «السيد الوزير الأول». القطيعة حصلت عندما بدأ يقول «لا» لبعض الطلبات غير المعقولة في التعيينات ومنح الصفقات وغيرها وبدأ يمتلك الثقة في نفسه وبدأت طموحاته تكبر. عندها اكتشفت دوائر القصر والعائلة والحزب أن الحمل الوديع «الشبعان ولد العايلة» الذي صنعوه من فراغ تحول الى منافس شرس يسعى لافتكاك الحزب ووراثة مؤسسه وهو على قيد الحياة. منذ ذلك الوقت حلت القطيعة وبدأت حرب كسر العظم. ● هل من مصلحة الشاهد خسارة حزبه والبحث عن كسب «ود» النهضة؟ -لا أظن أن الشاهد فقد الأمل في السيطرة على حزبه «النداء»، كل ما يقوم به من حركات فيها إظهار للثقة بالنفس والتحدّي لحافظ قايد السبسي، إنما يهدف لإقناع أكثر ما يمكن من قيادات النداء الحاليين والقدامى المتفرقين في أحزاب شتى لانّ ميزان القوى لصالحه وأنه سيفرض على الباجي قايد السبسي الأمر الواقع بتسليمه مقود الحزب عوضا عن ابنه. لأنه يعلم جيدا أن أساس التموقع داخل النداء هو المصلحة لا الولاء الشخصي ولا المبادئ طبعا، ويريد بالتالي اقناع زملائه السابقين أن مصلحتهم معه لا مع حافظ. ● لماذا اصبح الشاهد يراهن على النهضة دون غيرها من الاحزاب الاخرى خاصة المكونة للائتلاف الحاكم؟ -صحيح محاولات كسب ودّ النهضة الواضحة في سلوكه وخطابه فيها بعد تكتيكي اضطراري لصدّ محاولة عزله من طرف تحالف النداء واتحاد الشغل في مفاوضات «وثيقة قرطاج» التي أصبحت أطول من مسلسل مكسيكي ركيك. ولكن فيها أيضا بعد طويل المدى كأداة لاقناع مراكز النفوذ الداخلية والخارجية أساسا بأنه مؤهل لمواصلة رعاية عملية التوافق وللحصول على دعم النهضة في الاستحقاق الرئاسي القادم. ● بماذا تفسّر تمسك حركة النهضة ببقاء يوسف الشاهد رئيسا للحكومة؟ -لا حدود لبراغماتية النهضة، هي وجدت أمامها رئيس حكومة ضعيفا ومستهدفا يراد إسقاطه لتعيين شخص أشدّ ضعف وأكثر موالاة لتحالف النداء-اتحاد الشغل. فاختارت احتواءه ودعمه لأنها تقدّر أنه سيكون أقل خطرا عليها من مرشح الأصدقاء- الأعداء الجديد. ● إقالة وزير الداخلية لطفي براهم وصفت «بالمفاجأة» هل هي تدخل ضمن خانة البحث عن المصلحة الوطنية أم هي تصفية حسابات سياسية؟ -لم تكن اقالة لطفي براهم مفاجأة لنا بالنظر للخلاف المستفحل بينه وبين الشاهد منذ تعيينه، وبالنظر أيضا لتوّجس جزء من التحالف الحاكم (النهضة) منه. ● هل يمثل براهم منافسا حقيقيا للشاهد؟ -لا أظن أن لبراهم مؤهلات تمسح له بلعب أدوار سياسية متقدمة. وفي ظل مناخات ديمقراطية شفافة، الشاهد نفسه لا يمثل منافسا حقيقيا لأي شخصية سياسية ديمقراطية ذات تاريخ نضالي ورؤية سياسية. ● لكن هناك تقارير ومعطيات تروج بأن الإقالة جاءت على خلفية اكتشاف ارتباط لطفي براهم بمحاولة انقلاب على الديمقراطية ترعاه دولة أجنبية؟ -لم تفاجئنا تلك التقارير بل جاءت لتؤكد ما نبّهنا له في مناسبات عديدة من قبل من وجود مخططات إقليمية ترعاها الإمارات والسعودية ومصر ودول أخرى للانقلاب على الديمقراطية في تونس. والأكيد أن شخصية لطفي براهم التي فيها نقاط شبه عديدة بشخصية بن علي تغري الذين يفكرون في مثل هذا السيناريو بتبنيه ودعمه، وهو ما كان جليا في زيارته للسعودية منذ مدة. ولكن نعتبر أن الحد الأدنى من الذكاء والتحليل يفترض عدم اندفاع الشخص وراء سيناريو غبيّ محكوم عليه بالفشل بالنظر لغياب مقوماته ولمناعة المؤسستين الأمنية والعسكرية. وبالتالي لسنا متحمسين لحملة البروباغندا الممنهجة التي ربما تهدف إلى منح يوسف الشاهد شرعية «نضالية ديمقراطية» يستغلها كحملة انتخابية استباقية في أفق 2019 خاصة لدى الكتل الانتخابية المتوجسة من الانقلاب والمتمسكة بالمسار الديمقراطي». ● هل دفع براهم فاتورة قربه من قصر قرطاج و»جماعة «الرئيس؟ -ربما كان ذلك، ولكن الأكيد أن التطاحن على أشده بين اللوبيات المتنازعة على النفوذ في قرطاج والقصبة، وقبل براهم دفع الشخص الأكثر نفوذا في محيط يوسف الشاهد مستشاره الاعلامي مفدي المسدي الثمن واضطر للاستقالة تحت وقع التهديد حسب ما لمّح اليه، ولن يكون براهم آخر من يدفع ثمن ذلك التطاحن. أتوقع أن يقوم الشاهد في الايام القادمة بخطوات أخرى لتعزيز شعبيته لدى الجمهور. ● هل سيناريو الحبيب الصيد ممكن أن يتكرر مع الشاهد؟ -الاطار السياسي اليوم مختلف عن الإطار الذي تمت فيه إزاحة الحبيب الصيد بالنظر لثلاثة عوامل: ضعف السبسي وفقدانه للمبادرة، تغير المعادلة في علاقة النهضة بالنداء، والتدخل الخارجي المباشر في الصراع. ● هل النهضة نجحت في تعليق العمل بوثيقة قرطاج؟ -الأكيد أن مناورة النهضة في رفض إقالة الشاهد زعزعت مسار وثيقة قرطاج ونجحت في رجّ معنويات النداء ومؤسسه، ووضعت اتحاد الشغل في أسوإ وضع أمام مناضليه وأمام الرأي العام كتابع لأجندة النداء وطرف في معركة خلافة ورافض لمقاومة الفساد. وهو ما يفرض على المنظمة الشغيلة اليوم أخذ مسافة حقيقية عن هذا المسار المدمر والنأي بنفسها عن صراع السلطة وتناطح الشقوق والعودة لدورها الأصلي في احداث التوازن الاجتماعي والدفاع عن منظوريها. ● لماذا موقف رئيس الجمهورية غامض؟ -لأنه فقد المبادرة وتجاوزته الأمور تماما. وهو في مأزق حقيقي بين الانتصار لابنه في معركته مع الشاهد كما فعل في مناسبات عديدة في السابق ضد محسن مرزوق، ورضا بلحاج وغيرهم. ● أي دور للحراك اليوم في المشهد السياسي؟ -إن الدور الاستراتيجي الرئيسي للحراك سيظل رفع سقف الوعي السياسي في البلاد وطرح القضايا الكبرى التي تهم مجتمعنا وتهم الأجيال القادمة أساسا مثل كل قضايا المواطنة السيادية الاجتماعية والاقتصاد التضامني والحفاظ على البيئة والتغييرات المناخية... وغيرها. كما سيظل الحراك يلعب دورا نضاليا ورثه عن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية في الدفاع عن المسار الديمقراطي والحريات والتصدي لأي انحرافات أو مؤامرات أو تدخل سافر في السيادة الشعبية. بالاضافة لدور متميز في بناء المشروع العربي الجديد مع شركاء في بلدان الربيع العربي وغيرهم. ● ماهي حظوظكم السياسية مستقبلا انطلاقا من نتائج الانتخابات البلدية؟ -نتائج الانتخابات البلدية لم تكن في مستوى انتظاراتنا، ولدينا ثقة كبيرة في استعادة الريادة ضمن العائلة الديمقراطية الواسعة في وقت سريع وفي النجاح في تجميع قوى قادرة على صنع البديل الذي يحلم به الكثير من الوطنيين.