لا تبدو الوضعية السياسية للمدير التنفيذي لنداء تونس حافظ قائد السبسي في أحسن حالاتها، بعد ان حُسم أمر المكتب السياسي وكتلة الحزب لفائدة يوسف الشاهد الذي اتضح انه بات الماسك الحقيقي بخيوط اللعبة. ويبدو أن موقف الحسم قد اتخذ بشكل رسمي من قبل الباجي قائد السبسي لتحييد عوامل الأزمة السياسية بداية من حزب نداء تونس حيث جاءت الإشارة منذ اجتماع يوم الجمعة الماضي بين رئيس الجمهورية ورئيس الكتلة النيابية سفيان طوبال الذي كان اول الممضين على دعوة اجتماع الهيئة السياسية للنداء التي لم تجتمع منذ 18 شهرا. وبات واضحا ان قائد السبسي الابن في طريق مفتوح لمغادرة النداء صحبة عدد واسع من الملتحقين به منذ مارس 2017 وأساسا برهان بسيس وسمير العبيدي وبقية المجموعة التي وصفها القيادي المؤسس لزهر العكرمي «بمجموعة التخريب والمرتزقة». وحسب المعطيات المتوفرة فان لقاء اليوم الذي من المقرر ان تعقده كتلة الحزب مع عدد من المؤسسين لن يحضره المدير التنفيذي كخطوة منه لإفقاد الاجتماع أي شرعية ممكنة وتأتي سياسة الهروب الى الأمام من قبل حافظ قائد السبسي كردة فعل على موقف «التمرد» الذي قادته المجموعة الرافضة لوجوده على رأس الحزب الذي ترى أنه فشل في تسيير الحزب وضرب استقراره بالإضافة إلى مسه باستقرار البلاد وفق تصريح رئيس الحكومة يوسف الشاهد. الانتصار للاستقرار الحكومي وبات واضحا ان الباجي قائد السبسي قد انتصر لاستقرار الحكومة ومنه الى استقرار البلاد، هكذا رأي برره ما كتبه القيادي بنداء تونس والصديق الشخصي للرئيس رؤوف الخماسي الذي دوّن على صفحته الرسمية بموقع الفايسبوك جملة من المعطيات التي كشفت مستقبل الحزب الذي سيكون حتما دون حافظ قائد السبسي ومجموعته. وكتب الخماسي انه لا بد من «تقويم المسار القيادي الذي قاد الحزب إلى وضعية مزرية بقيادة فردية غريبة عن تقاليدنا التي أرساها المؤسس سي الباجي على قاعدة المؤسسات النشيطة التي تستوعب كل الآراء والاقتراحات والاختلافات. فكيف يتاح لأحد التفرد بالرأي.» وأضاف الخماسي «من المهم تقييم الفترة المنقضية بإيجابياتها وسلبياتها في الحزب والحكم. خاصة وانه لا مجال للشك في ان النداء انهزم في الانتخابات البلدية لا بالصندوق الذي أعطاه مرتبة متقدمة بل باختيارات القيادة الفردية التي حرمت الندائيين من أكثر من رئيس 70 بلدية لو تمت مفاوضات جدية ومعقولة بعيدة عن الانفعالات الشخصية والحسابات الخاطئة؟.» وتساءل الخماسي «بأي حق تُمد الأيدي للمنشقين الذين حاولوا تخريب الحزب وشهروا بالرئيس وعائلته فردا فردا في وسائل الإعلام بل ذهب احدهم إلى حد «التآمر» مع الأجنبي لتشويه رئيس الجمهورية وهو ما كشفه المدير التنفيذي نفسه في حواره التلفزي الوحيد في قناة «نسمة»؟. وبأي حق يتم اتخاذ قرار بفك التوافق بتعلة انه في السياسة فقط!! دون تجهيز أغلبية جديدة في البرلمان تضمن استقرار البلاد ومنظومة الحكم؟ وبأي حق تدعو قيادة الحزب الى إسقاط حكومة يرأسها احد أبناء النداء بل رئيس لجنة ال13 التي هندست مؤتمر سوسة وأعطت الحزب نفسه الجديد؟.» وختم الخماسي بالقول «نؤكد أن الدعوة لانعقاد الهيئة السياسية شرعية وهي يد مفتوحة للحوار والبناء وجمع الصفوف وان كان هناك من يرى ان انعقادها في نظام ديمقراطي جريمة أو خطر على قيادته فهذا مرفوض ودفع الأمور لمزيد من التأزم الذي سيمنع النداء من الحفاظ على مكانته ويقدمه لقمة سائغة للمتآمرين والانتهازيين الذين يعلم المدير التنفيذي خصوصا ما يكنون له من مشاعر العداء وما يجهزون له ولعائلته وللحزب بالذات من خطط الاستحواذ والتوظيف لتصفية حساباتهم وتفريغ أحقادهم وعقدهم.» الدفاع عن المدير التنفيذي وإذ يبدو الحسم واضحا في شخص المدير التنفيذي، فقد دافع القيادي خالد شوكات على خيارات البقاء لحافظ قائد السبسي وقال في هذا السياق في تصريح ل»الصباح « انه «لا وجود لهيئة سياسية حتى تجتمع، وكل ما حدث أن مجموعة صغيرة من النواب، اجتمعت في احد الفنادق، مدّعين صفة الهيئة السياسية لإصدار تصريح مساندة مردّدين العبارة الممجوجة إياها، اي الدعوة للاستقرار، متسائلا: «لست ادري اي استقرار يقصدون، استقرار الرداءة وشبح الإفلاس وعودة الإرهاب؟». وأوضح شوكات أن الهيئة السياسية المنبثقة عن مؤتمر سوسة المنعقد يومي 9 و 10 جانفي 2016، انحلت في تلك السنة لعدم قدرتها على إنجاز المؤتمر الانتخابي في 31 جويلية 2016، وذلك وفقا لما هو وارد في محضر الجلسة للهيئة التأسيسية في 15/12/ 2016، وما انجر عن ذلك من استقالات وانسحابات لأغلبية أعضائها، متابعا انه «جرى الاستعاضة عن الهيئة السياسية بقيادة وطنية مؤقتة تشكل الإدارة التنفيذية نواتها الصلبة، وهي القيادة اليومية للحزب، وذلك حتى انعقاد المؤتمر، وهذه القيادة الوطنية يسندها مجلس وطني عقدت بعض جلساته خلال السنة الماضية وهذه السنة.» وحول مدى انحياز هذه المجموعة لرئيس الحكومة يوسف الشاهد قال شوكات ان «هذه المجموعة من النواب تعتبر هشة من الناحية السياسية، وذلك عائد لاتهامها بعلاقة مع شفيق الجراية، وشبهات ذات صلة بقضيته ما تزال تلاحقها، بل لعل هذه الملاحقة كانت أول شيء فعله الشاهد عندما أعلن حربه على الفساد، وسبحان من حوّل هذه المجموعة من النواب لدى رئيس الحكومة تستحق المقاضاة الى مجموعة ذات مشروع سياسي تدعم الاستقرار، وشخصيا لدي شكوك بان هذه المجموعة وقعت تحت الابتزاز والتهديد بالمتابعة العدلية، ومن هنا جاء موقفها الأخير خوفا لا قناعة.» فهل ينجح الباجي قائد السبسي في إيقاف مظاهر الفوضى داخل الحزب ليؤسس لمرحلة سياسية واجتماعية وحزبية أكثر استقرارا؟