أضيئت ليلة السبت شمعة أخرى في فضاء الكوليزي بالجم الذي استضاف أوركسترا غرفة مايوركا الإسبانية التي أمنت السهرة الثانية في برنامج مهرجان الجم الدولي للموسيقى السمفونية الذي ما فتئ يسعى لتعميق مكانة الموسيقى الكلاسيكية في البلاد وما فتئ يكوّن جمهورا عاشقا للفن الراقي وللموسيقى الخالدة وهو جمهور لحسن الحظ ما فتئ يتزايد عدده. أكثر من 35 موسيقيّا كانوا حاضرين بالمسرح الأثري ليلتها لإمتاع جمهور أتى من دول عديدة ليشارك التونسيين متعة الموسيقى الكلاسيكيّة والغناء الأوبيرالي وقدموا عرضا قاده المايسترو "برنات كيتغلاس" حيث جمع العرض بين جمالية الآداء الموسيقي والقوة والدقة الواضحة. توزّع برنامج الحفل على جزئين: جزء أوّل خاص بالأداء الموسيقي، وجزء ثانٍ خاص بالأداء الغنائي الأوبيرالي. وقد تفاعل الجمهور بقوة مع فقرات العرض فكان منصتا جيدا ومتابعا لتفاصيل الحفل ومصفقا بحرارة ومشجعا للفرقة وللمبدعين الذين اجتهدوا لتقديم أجمل ما لديهم لجمهور متميز بحسن السماع والإنصات الجيد... وكانت السهرة قد انطلقت في حدود الساعة العاشرة وقادها"برنات كيتغلاس" كما سبق وذكرنا وهو ذلك الشاب الثلاثيني الذي يقود فرقة من بين أعرق الفرق الإسبانية والعالمية، لتكون رحلة الإمتاع للجمهور مع مقطوعات لموزارت التي أدّت له بالخصوص عازفة الكمنجة "كاتاليناسوريدا" باقتدار مخاطبة جمهور الجم باحساس وآداء رائعين. ولم تكن ال "الميدزو سوبرانو" "سانردرافيررانداز" أقلّ تألّقا من زميلتها في نمط "الحب الساحر"من خلال صوت قوي ورائع انساب في الفضاء فحرك السواكن وأثار الأشجان وتسرب إلى أعماق الروح ونشر السعادة التي وحدها الموسيقى الرائعة بقادرة على تحقيق تلك اللحظة النادرة التي يشعر فيها الإنسان بأن السعادة تغمره وتنقله إلى عالم ساحر وتجرده من الإحساس بثقل المكان والزمان قبل أن تكون العودة إلى الأرض، فلا يملك الجمهور إلا أن يحيي الفرقة والعازفين والمبدعين صوتا وعزفا تحية قوية من خلال التصفيق والهتاف، كل ذلك مرفوقا بعبارات التشجيع وكلمات الإطراء. وقد نجحت فرقة مايوركا المعروفة بتشجعيها لأبناء الدار في أن تنقل جمهور الجم في رحلة جديدة في عالم الموسيقى الخالصة في انتظار مواعيد أخرى لا نخالها اقل أهمية في مهرجان الجم المهرجان الذي قلنا ونقول بأنه الراعي الرسمي في هذا البلد للموسيقى الخالدة... س ت