تصعيد غير مسبوق نشهده من جانب الاحتلال الإسرائيلي هذه الأيام ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، ردا على استمرارهم في مواجهة إجراءاته التعسفية واللاإنسانية بصدورهم العارية وبوسائلهم البدائية المستنبطة والتي نجحوا من خلالها في قض مضاجع قياداته السياسية والعسكرية وإرباك حساباتها. تصعيد اتخذ شكل تشديد الحصار – الخانق أصلا – المفروض منذ سنوات طويلة على سكان غزة الفلسطينيين الذين يعيشون داخل سجن حقيقي مفتوح على مرأى من العالم أجمع، عبر اتخاذ سلطات الاحتلال قرارا بإغلاق المعبر الوحيد المخصص لنقل البضائع من وإلى القطاع المحتل، ما يعني حرمانهم من التزود باحتياجاتهم من الوقود والغاز وحتى المواد الاستهلاكية الحيوية... ولكن أيضا شكل التهديد بشن عدوان إسرائيلي شامل جديد عليهم على غرار عدوان عام 2014 والذي راح ضحيته 2100 شهيد، مقابل 72 قتيلا إسرائيليا، كما ورد على لسان كل من بنيامين ناتنياهو رئيس حكومة الاحتلال وأفيغدور ليبرمان وزير حربيته. لا نشك لحظة في امتلاك قيادات الاحتلال الإسرائيلي القدرة ماديا ولوجستيا على المضي قدما فيما تنفيذ ما أعلنته وفيما تخطط له، ولكن عليها أن تدرك أن بين الحسابات التي تجرى والنتائج التي ستحصد سيكون دائما هناك فارق، وأي فارق. نعم، يستطيع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي إطلاق ما يشاء من التحذيرات والتهديدات، وأن يقدم بالفعل على خوض مغامرة عسكرية جديدة في قطاع غزة المقاوم والصامد رغم سنوات الحصار اللاإنساني الجائر والذي يرقى إلى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية طبقا للقوانين والمعاهدات الدولية... تستطيع طائراته الحربية وصواريخه ومدافعه أن تدك بيوت أهل القطاع الصغير المحتل على رؤوس ساكنيها كما فعلت سابقا، لكنه لن يحرز نصرا وسيفاجأ كما فوجئ في العام 2014 بحجم المقاومة والاستبسال الذي ستجابه به قواته، وحجم الخسائر التي ستطاولها. فالفلسطينيون، شعب الجبارين الذي لم ينحن للمحتل الصهيوني المغتصب لأراضيه في أي فترة من الزمن، يشهد لهم تاريخهم الحافل بأعمال البطولة والأمجاد، أنهم أكبر من أن ينهزموا أو يخضعوا مهما كانت الضغوطات وبشاعة الجرائم والمجازر التي ترتكب في حقهم، وأنهم سيظلون صامدون ومتمسكون بثوابت قضيتهم الوطنية العادلة مهما كان الثمن ومهما طال الزمن، طالما هناك قطرة دم تسيل في العروق.