ايّام قليلة قبل بداية العطلة البرلمانية، عطلة سبقتها تغييرات واضحة في مواقف الكتل البرلمانية من حكومة يوسف الشاهد في اتجاه الدفع نحو تحوير حكومي، وقد كانت اخر المواقف الواضحة موقف كتلة مشروع تونس التي تبنت خيار الاستقرار الحكومي في هذه الفترة رغم المعارضة الشديدة لأمينها العام محسن مرزوق الذي لا يرى اَي موجب في بقاء الشاهد على راس الحكومة. وياتي موقف كتلة المشروع من الشاهد بعد سلسلة من الاجتماعات واللقاءات التي احتضنها مجلس نواب الشعب وحرص خلالها مرزوق عَلى الحضور في محاولة منه لتبديل وجهة المواقف برفض مساندة الكتلة للحكومة، بيد ان مساعيه وحضوره لاجتماعين متتاليين يبدو أنها فشلت في تغيير المواقف، فكان لا بد له ان يغير هو من موقفه حتى لا يكون السبب المباشر في نهاية الحزب ذلك ان نحو 18 نائبا من أصل 20 تبنوا موقف المساندة الحكومية. حسابات الربح والخسارة وقد عمل مرزوق خلال فترة النقاشات على تحييد عناصر من الكتلة حتى لا ينتصروا للحكومة، ليدخل بعدها في خلاف مع عدد من قيادات الكتلة على غرار الصحبي بن فرج وسهيل العلويني اللذين رفضا اَي تاثير لمرزوق على أعضاء الكتلة ليصل الامر الى حد منعه من حضور واحد من الاجتماعات الثلاثة للكتلة وهو ما اعتبره الامين العام خسارة مدوية لو خسر كتلته البرلمانية على اعتبار ان الأوزان الحقيقية للأحزاب تمر بالضرورة عبر بوابة البرلمان، وان خسارة جزء من الكتلة يعني خسارة حقيقية لموقعها داخل الساحة السياسية والبرلمانية. مشاركة مرزوق الاجتماع الاخير وانضباطه لخيارات الكتلة قد يبدو ظاهريا انضباطا للديموقراطية داخل الحزب والحال انه خوف من ان يفقد اهم ذراع للحزب الذي من خلاله سيتمكن مرزوق وحزبه من المشاركة في اَي مفاوضات قادمة والتي من خلالها قد يضغط لتحقيق أهداف سياسية محتملة، كما لم تكن الصور المنتشرة على صفحة الحزب لتعبر عن الشعور الحقيقي للامين العام رغم ابتسامته العريضة لمحسن مرزوق ، ويرى نواب من الكتلة انه لا غالب ولا مغلوب في الخلاف الحاصل ،حيث يبقى الأهم هو عقلنة المواقف والانتصار الحقيقي هو استقرار البلاد وبناء تونس جديدة ممكنة. وفي هذا السياق اعتبر النائب سهيل العلويني انه حان الوقت لتاسيس مرحلة مستقرة بعيدا عن التجاذبات التي لا تنفع الوطن في شيء. واضاف العلويني في تصريح ل"الصباح "ان الاختلاف والتنافس يجب ان يقوم على رؤى وبرامج تقنع المواطن انه محور العملية السياسية والعمل الحكومي والبرلماني. مواقف جديدة من جهتها أبرزت كتلة الاتحاد الوطني الحر موقفا جديدا من حكومة يوسف الشاهد ، فبعد ان ساندت نداء تونس والاتحاد العام التونسي للشغل خلال فترة نقاشات وثيقة قرطاج في نسختها الثانية وبعد انتصار الحزب للنقطة 64 من الوثيقة، تراجعت مجموعة سليم الرياحي عن موقفها السابق وعملت على تدوير الزوايا الحادة في علاقتها بالحكومة. تراجع تكتيكي ترجمته براغمتية الكتلة والحزب في تجاوز الخلاف الحاصل بين سليم الرياحي من جهة ويوسف الشاهد من جهة اخرى، ذلك ان قبول الكتلة بالجلوس مع الشاهد منطلق كاف لتحييد الكتلة وابعادها عن دائرة الخلافات بين حافظ ويوسف وهي منطلق ايضا لطلب ود الكتلة في حال خير رئيس الحكومة الذهاب الى البرلمان. موقف ترجمه البلاغ الصادر عن الكتلة في نقطته الرابعة والذي تضمن بوضوح ضرورة مناقشة الاستقرار الحكومي ولَم تتبن الكتلة موقف رحيل الحكومة كما فعلت خلال نقاشات اللجنة المنبثقة عن وثيقة قرطاج وجاء البيان كالتالي"تدعو الكتلة البرلمانية المكتب السياسي للاتحاد الوطني الحر الى الانعقاد في بحر الأسبوع القادم قصد استصدار مواقف واضحة وصريحة حول الوضع السياسي والإقتصادي والاجتماعي الراهن ومسألة الاستقرار الحكومي وكافة نقاط وثيقة قرطاج 2 التي تم تعليقها من قبل رئيس الجمهورية، على أن تنحاز هذه المواقف كما عودنا الاتحاد الوطني الحر إلى المصلحة العليا لتونس وللشعب التونسي" . وبوضوح مواقف كتلة الحرة والوطني الحر والكتلة الوطنية وكتلة حركة النهضة ونواب النداء المحسوبين على شق الهيئة السياسية فان يوسف الشاهد قد يكون في طريق مفتوح لإتمام مراسم التحوير الوزاري وهو ذات الموقف الذي دعت له حركة النهضة من اللقاء الاخير للموقعين على وثيقة قرطاج، فقد بات واضحا ان حركة النهضة لم تعد الداعم الوحيد للاستقرار الحكومي. خليل الحناشي