لم تكن دعوة رئيس الجمهورية لكتلة نداء تونس للحضور لديه بقصر قرطاج مجرد حفلة شاي او فسحة سياسية في حديقة القصر الرئاسي حيث كانت الدعوة ملزمة لتغيير المواقف وتعديل ساعات نواب نداء تونس على وقع ساعة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي. هكذا بدا الموقف بمجرد طلب لقاء نواب النداء برئيس الجمهورية لتجاوز الازمة الخانقة للحزب والتي اثرت سلبا على اداء الحكومة ومن ثمة على البلاد عموما بعد ان اشتدت المنافسة بين المدير التنفيذي للنداء حافظ قائد السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد حول الارث السياسي لمؤسس النداء.. لقاء امس سبقته مواقف واراء انتهت بتراجع عدد من اعضاء الهيئة السياسية خطوة الى الوراء وذلك في محاولة لتجاوز أزمة الحزب خاصة بعد تدخل الباجي وانتصاره لخيار تماسك الحزب على ان ينفرط عقده ويخسر النداء جزءا اخر من كتلته النيابية كما حصل ذلك في شتاء 2016 اثر مؤتمر سوسة. تاثير الباجي كان واضحا بعد ان ارجع عدد من النواب الى إحجامهم الطبيعية على غرار رئيس الكتلة سفيان طوبال كما توجه ضمنيا بالحديث الى نواب اخرين مذكرا اياهم انهم لن يكونوا لولا حزب نداء تونس. ووفقا لما نقله عدد من النواب فان رئيس الجمهورية كان على بينة من واقع الازمة داخل النداء وهو ما دفع بالبعض منهم للحديث بصراحة عن تداخل المهام لدى المدير التنفيذي حافظ قائد السبسي معبرين في ذات السياق عن قلقهم من تدخل الوافدين الجدد وتأثيرهم على قرارات المدير التنفيذي الذي بات سجين مواقفهم وآرائهم التي لم تكن لتخدم الحزب بقدر ما كانت لأغراض ومنفعة شخصية. وبخصوص موقف الرئيس من أزمة الحكم نقل نواب ان الرئيس حمل نفس الموقف من الازمة حيث رفض كل أشكال التعطيل الحاصلة في البلاد داعيا النواب الى تحكيم ضمائرهم وإعلان ولائهم للبلاد وليس للأشخاص. وبخصوص اشغال المؤتمر كشف عدد من المجتمعين ان الرئيس لا يرى مانعا في ذلك حيث انه دعا نواب الحزب الى تكثيف النقاشات وتحديد موعد حتى يتجنبوا اَي خلاف ممكن والالتزام بقرارات الأغلبية داخل الحزب والابتعاد عن منطق التسيير برأسين منتقدا في هذا السياق وجود ناطقين رسميين وهيكلين متوازيين للنداء. وعن موقفه من الحكومة ورئيسها يوسف الشاهد فقد نقلت ذات المصادر انه على عكس كل التصورات فان الباجي قائد السبسي لم يحرض كتلة الحزب على رئيس الحكومة وقد التزم رئيس الجمهورية بموقفه المعلن على قناة «نسمة» بضرورة ذهابه الى البرلمان او تقديم استقالته دون التوقف بين هذين الموقفين لربح الوقت. ووفقا لما نقله نواب ممن حضروا اجتماع امس فقد كان الرئيس متفائلا بتجاوز الخلافات والعودة المشتركة لبناء الحزب والدولة حيث اكد ان الاصلاحات الواردة في وثيقة قرطاج 2 هي نتيجة نقاشات معمقة مع بقية الشركاء من منظمات واحزاب وان النجاح في انقاذ البلاد مسؤولية مشتركة. ويذكر ان الازمة السياسية للنداء قد عرفت مداها بعد انقسام الحزب الى هيئة سياسية يقودها سفيان طوبال ومجموعة اخرى من النواب وهيئة تأسيسية يقودها المدير التنفيذي حافظ قائد السبسي ومجموعته. وقد بدات العلاقة داخل الحزب في التوتر على اثر الاختلاف الكبير حول النقطة 64 المنبثقة عن اجتماع قرطاج في نسخته الثانية والقاضية برحيل رئيس الحكومة يوسف الشاهد وتكوين حكومة جديدة، وقد رفض طيف واسع من الكتلة هذا التمشي على اعتبار انه مَس من الاستقرار العام للبلاد.