في قلب أزمة حكومة "المغضوب عليه" من الأصدقاء قبل الخصومة، برزت أزمة جديدة أثارت جدلا وقسّمت المواقف وهي المتعلّقة بمنح الثقة من عدمه لوزير الداخلية الجديد هشام الفراتي المقترح من رئيس الحكومة يوسف الشاهد لسدّ الشغور على رأس وزارة الداخلية بعد إقالة الوزير السابق لطفي براهم. ولئن جازف يوسف الشاهد اليوم بالذهاب إلى البرلمان بحثا عن منح الثقة لوزيره، مستندا على مواقف سابقة "مطمئنة" من حركة النهضة ومن الكتل النيابية التي عبّرت عن "دعمها" للاستقرار الحكومي، الاّ أن المواقف بدت مختلفة ومتغيّرة بعد اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية أمس بكل من راشد الغنوشي ومحسن مرزوق وهما الحزبان اللذان لهما الكتل البرلمانية ذات الأغلبية النيابية. في المقابل عبّرت أغلب كتل المعارضة البرلمانية عن تمسّكها بعدم منح الثقة لوزير الداخلية المرتقب ومنها أساسا كتلة الجبهة الشعبية، وفي تصريح ل"الصباح" أكّد القيادي والنائب عن كتلة الجبهة الشعبية في البرلمان عبد المؤمن بلعانس تمسّك الجبهة الشعبية بعدم منح الثقة لحكومات الائتلاف الحاكم. وفي مستهل حديثه قال عبد المؤمن بلعانس "نحن في الجبهة الشعبية لم نمنح قطّ الثقة لأي حكومة منذ دخلنا مجلس نواب الشعب حيث كنّا نحن في اتجاه وكانت هذه الحكومات في اتجاهات مختلفة تماما ولم نجمع أو نتفق معهم يوما في توجهاتهم وبرامجهم وفي رؤيتهم لمختلف الملفات وللسياسات العامّة" كما أضاف أن "تعيين وزير داخلية جديدة لم تفرضه المصلحة العامة بقدر ما تنزّل في خانة الصراع الذي بات اليوم معروفا داخل الائتلاف الحاكم والقائم من جهة أخرى بين القصبة وقصر قرطاج". وحول تعنّت وتصلّب مواقف رئيس الحكومة الذي رفض علنا الاستقالة قال محدّثنا "يوسف الشاهد "متكّي " على حركة النهضة في اطار خلافاته مع شخصيات داخل حزبه وكذلك مع قصر قرطاج لأنه يحتاج لمن يدعمه في هذه المعارك..." مضيفا في حديثه عن الأزمة السياسة الراهنة أن "الازمة الراهنة والتي تتخبّط فيها البلاد تعدّ نتيجة طبيعية لعجز الحكومة وفشل الائتلاف الحاكم في ادارة المرحلة وبالتالي الوضع بات مفتوحا على كل الاحتمالات.. ومنظومة الحكم الحالية لا تخشى فقدان حتى المكاسب القليلة التي حقّقتها الثورة والوضع المتعفّن والمعطّل هو وضع لا يُقلق من في الحكم بل هو منسجم مع توجهاتهم حيث يريدون تعفين الأوضاع أكثر لايجاد مطيّة للانقلاب على بعض المكاسب وتسويقها وكأنها "طوق النجاة" للخروج من الأزمة الراهنة.." وفي ذات السياق اكّد أن "من بين المكاسب المحقّقة والتي هناك رغبة جدّية من الائتلاف الحاكم للتراجع عنها والتفريط فيها النية المبيّتة لتغيير القانون الانتخابي ،وكذلك ارساء محكمة دستورية على المقاس وتغيير النظام السياسي وتعديل الدستور لينسجم مع أهواء ورغبات بعض الأطراف السياسية". مضيفا "أكثر المستفيدين من تعفين الأوضاع السياسية الحالية، هو الائتلاف الحاكم ككل وكذلك مؤسسة رئاسة الجمهورية، لأن رئيس الدولة أكثر من يرغب في تنقيح الدستور والقانون الانتخابي ونظام الأغلبية.. حركة النهضة مستفيدة أيضا وهي تريد أن تمسك بزمام الأمور وفي يدها "الحلّ والربط" وبأنها الحزب الأقوى والأكثر تأثيرا ولكن في الحقيقة من يمسك بكل خيوط اللعبة هم أطراف خارجية والتي تبحث اليوم في تونس من الأطراف القادرة على خدمة أجنداتها وحماية مصالحها ومن بين هذه المؤسسات نجد المؤسسات المانحة والقوى الاستعمارية وبالنسبة لوضعية وزير الداخلية المعيّن فان مصيره ستحدّده "اتفاقات" الساعات الأخير..". منية العرفاوي