كما عكست الانتخابات التشريعية والرئاسية في 2014، هيمنة نداء تونس على المشهد السياسي وتفوّقه على بقية خصومه وتثبيت نفسه كحزب كبير في ظرف قياسي.. عكست الانتخابات البلدية الأخيرة، انكسار وهزيمة الحزب الكبير و»المهيمن».. بعد أربع سنوات فقد خلالها نداء تونس قوّته وأنهكته صراعاته الداخلية والاهم من كل ذلك انه فقد وحدته وتماسكه الداخلي. اليوم وبعد سنوات من «الضياع السياسي» وفقدان الرؤية والتصوّر والملامح السياسية التي تؤهّله ليكون فعليا ذلك الحزب الحاكم القادر على إخراج البلاد من أزماتها عوض إغراقها في أزمته الداخلية، يعود نداء تونس ليبحث عن نفسه.. وفي رحلة بحثه عن «مجد» غابر وماض «تليد» يحاول ما تبقى من القيادات المؤسسة داخله ترميم «الشقوق» وتجميع «شتات» الأحزاب التي انشقت عنه وأدّت إلى «تفريخ» أربعة أحزاب من رحم النداء وهي حزب المستقبل الذي أسّسه القيادي المؤسس في حزب نداء تونس الطاهر بن حسين وحزب مشروع تونس الذي أسّسه الأمين العام السابق لحزب نداء تونس محسن مرزوق، وحزب «بني وطني» للقيادي السابق ووزير الصّحة الأسبق سعيد العيادي.. لتصبح ائتلافا سياسيا وانتخابيا قوّيا قبل الاستحقاق الانتخابي في 2019. قيادات أسّست الحزب في 2012 ، ولكن في 2015 وبعد انفجار المواقف داخل النداء واحتدام الصراع على الزعامة والسلطة وبعد رفض التوريث السياسي وهيمنة عائلة «قائد السبسي» على الحزب.. غادرت الحزب والبعض منها خيّر تأسيس أحزاب جديدة تريد العودة للتحالف مع «الحزب الأم» في الاستحقاق الانتخابي القادم، والبعض الاخر تمسّك بالمعارضة من الداخل وكلاهما له وجهة نظر وقراءة لمآل الحزب وللصراعات داخله والأهم قراءة للسياق الراهن قبل سنة من الانتخابات .. وبين عائد لنفخ الروح في «الكيان الندائي» المنهك بحثا عن التوازن السياسي مع حركة النهضة وبين ناقدا لعودة يعتبرها «دون معنى» ودون «تأثير» تتواجه مواقف ورؤية، كل من القيادي المؤسس لنداء تونس لزهر العكرمي الذي لم يستقل من الحزب وخيّر المعارضة والإصلاح من الداخل، تقابلها رؤية ومواقف مختلفة للقيادي المؤسس لحزب نداء تونس الطاهر بن حسين والذي غادر الحزب لتأسيس حزب «المستقبل» واليوم يتزعّم حركة العودة لتأسيس مرحلة جديدة في النداء وهي مرحلة الائتلاف بينه وبين أحزاب انشقت عنه، ائتلاف يضمّ أربعة أحزاب ويتوقّع الإعلان عليه بداية سبتمبر. منية العرفاوي لزهر العكرمي ل«الصباح»: العودة.. تجميع ل«كوكتال زعاماتي متفجّر» ! يعدّ لزهر العكرمي من القيادات المؤسسة لحزب نداء تونس، ومن الوجوه التي دافعت عن الحزب ب»شراسة» في بداية تشكيله وسعت بجهد لتصنع منه حزبا قوّيا ومؤثّرا في اتجاهات الرأي العام، والأهم الحزب القادر على منافسة حركة النهضة وهزمها وإحداث التوازن المطلوب.. «انا لم أغادر الحزب» يقول لزهر العكرمي ل»الصباح». ويضيف «نحن رفضنا التوريث ورفضنا هيمنة عائلة على الحزب وبعد أن فزنا بالانتخابات رفضنا أن يرأسنا «حافظ قائد السبسي» بعد ترأّسنا الباجي قائد السبسي وبعد 2015 من خرج وكوّن حزبا، اكتشف أنه غير قادر على أن يصبح رقما وهذا الإحساس بالفشل جعل بعض القيادات تعود صاغرة للقبول بكل ما كان مرفوضا في 2015 وجمع الأصفار لا يعطي إلا صفرا كنتيجة..» وفي إجابة عن سؤال لماذا لم يسع لتكوين حزب كما فعلت بقية القيادات المؤسسة التي غادرت الحزب يقول «لم أكوّن حزبا لأني توقّعت هذا المآل بعد هزيمة الانتخابات البلدية، نحن تم طردنا بالعنف في 1 نوفمبر 2015 من طرف نجل الرئيس واستعمل في طردنا سلطة والده ونفوذه ولذلك اعتبر أن هذا التجميع هو تجميع لكوكتال زعماتي حارق وخارق ومتفجّر» ! منية الطاهر بن حسين ل«الصباح»: بداية سبتمبر الإعلان عن الائتلاف الانتخابي «الرباعي» يؤكّد الطاهر بن حسين أن بداية سبتمبر سيتم الإعلان عن ائتلاف سياسي انتخابي يتكوّن من أربعة أحزاب وهي أحزاب المستقبل، نداء تونس، مشروع تونس، بني وطني.. ويضيف «لقاء أوّل أمس كان تتويجا لمجموعة لقاءات بعد الانتخابات البلدية مع حافظ قائد السبسي والأحزاب الأربعة متفقة على التحالف السياسي والانتخابي ونحن بصدد البحث عن أرضية لهذا التحالف وحتى ما قيل عن رفض سعيد العايدي انضمام حزبه بني وطني لهذا التحالف، غير صحيح، وسعيد العايدي ليس خارج التحالف ولا يرفضه بل هو من أوّل الداعين والمرحّبين بهذه المبادرة». وقد أكّد الطاهر بن حسين أن الأحزاب الأربعة تطمح إلى أكثر من جبهة سياسية، ويقول «نطمح إلى ائتلاف انتخابي من خلال قائمات وبرامج مشتركة وربما بعد فترة من الزمن قد نصل إلى ما أبعد من ائتلاف..» محدّثنا أشار أيضا أن الأحزاب المتحالفة اليوم لم تعد معنية بالخلافات، ويضيف «نحن مدركون كيف أن حزبا يمثّل 8% من الشعب التونسي يحوز على الأغلبية وأن هذا الحزب قد يصل إلى السلطة ويشكّل خطرا على النمط المجتمعي بينما أكثر من 90 % من الشعب تمثّله قوى مشتتة وهذا الائتلاف يعني أننا لن نسمح بذلك.» وفي ردّه على من يرى أن هذه العودة هي عودة من فشل في إثبات نفسه خارج النداء قال بن حسين «ليس هناك عودة بل إعادة تشكيل لقوّة سياسية مختلفة في الماضي لم يكن هناك شيء مكتوب اليوم كل الاتفاقات مكتوبة وموثّقة وبالتالي لم يعد أحد إلى النداء ما عدا رضا بلحاج وتبقى له أسبابه ولكن في المقابل هناك قيادات في النداء مثل محمود بن رمضان غادرته ولكنها اليوم عبّرت عن استعدادها للعودة إلى هذا الائتلاف كما سيفعل من القيادات الأخرى التي غادرت.»