بقلم: مبروكة وديرة محرر أول للعقود بإدارة الملكية العقارية - تواصل «الصباح» نشر الجزء الرابع من الدراسة القانونية «قانون الانتزاع من أجل المصلحة العمومية بين هاجس النجاعة واحترام الضمانات»، بقلم المحرر أول للعقود بإدارة الملكية العقارية مبروكة وديرة.. «فما هي الجهة القضائية صاحبة الاختصاص؟ ما من شك فان الجهاز القضائي صاحب الاختصاص الإقصائي في هذه المادة هو المحكمة الإدارية عملا بأحكام الفصل الثالث من القانون عدد 40 لسنة 1972 المتعلق بالمحكمة الإدارية. ودعوى الإلغاء في صورة الحال يمكن القيام بها من قبل كل من يثبت ان له مصلحة مادية كانت أو معنوية في إلغاء أمر الانتزاع. ولا بد أن يستند الطعن الى (سبب أو أكثر) من الأسباب الواردة بالفصل السابع من قانون المحكمة الإدارية وهي عيب الاختصاص وخرق الصيغ الشكلية الجوهرية وخرق قاعدة من القواعد القانونية والانحراف بالسلطة او بالإجراءات. كما ان آجال القيام لابد ان تراعي احكام الفصل37 من قانون المحكمة الادارية الذي يقتضي ان ترفع دعوى تجاوز السلطة في ظرف الشهرين المواليين لنشر المقررات المطعون فيها او الإعلام بها (امر الانتزاع في صورة الحال). وفي صورة تقديم مطلب مسبق (خلال الاجل المذكور) فان مضي شهرين على تقديمه دون ان تجيب عنه السلطة المعنية يعد رفضا ضمنيا يخول للمعني بالامر اللجوء الى المحكمة الإدارية. فما عسى ان تكون آثار دعوى تجاوز السلطة على حقوق الطاعن (المنتزع منه)؟ من المعلوم فان الطعن بالإلغاء يهدف الى ضمان احترام المشروعية القانونية من قبل السلط الإدارية طبقا للقوانين والتراتيب الجاري بها العمل. ومن المعلوم أيضا ان هذا الطعن هو طعن موضوعي يهدف الى مراقبة شرعية المقرر الإداري موضوع الطعن، وبالتالي فان النتيجة ستؤول إما الى إلغاء المقرر أوالى رفض الدعوى. ولئن كانت صورة الرفض لا تثير إشكالا في علاقة المدعي بجهة الإدارة (طالما ان امر الانتزاع سيظل نافذا ومنتجا لآثاره)، فان نتيجة الإلغاء من شانها ان تثير عدة مسائل بالنظر الى مقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل الثامن من قانون المحكمة الإدارية التي اقتضت،»ان المقررات الإدارية الواقع إلغاؤها بسبب تجاوز السلطة تعتبر كأنها لم تتخذ إطلاقا»، وبالنظر الى احكام الفصل التاسع الذي اقتضى انه «يوجب قرار الإلغاء على الإدارة إعادة الوضعية القانونية التي وقع تنقيحها او حذفها بالمقررات الإدارية الواقع إلغاؤها الى حالتها الأصلية بصفة كلية . ففي حال إلغاء أمر الانتزاع، فإما أن تبادر الجهة المصدرة إلى الرجوع فيه وسحبه ومن ثم إنهاء مفعوله أي إعادة الوضعية إلى حالتها الأصلية، وإما أن تتجاهل قرار المحكمة وتبقي امر الانتزاع نافذا، فكيف من الممكن مجابهة موقف الإدارة في مثل هذه الحال إذا علمنا إن أمر الانتزاع -علاوة على أثره الناقل للملكية – فانه غالبا ما يكون سندا للانطلاق في تنفيذ برامج ومشاريع عمومية، لن يكون بوسع الإدارة انتظار فصل نزاع الإلغاء للانطلاق في تنفيذها بالنظر الى التزامات الإدارة التعاقدية من ناحية وضغط الطلبات من ناحية أخرى، مما سيجعل من الصعب على الإدارة – إن لم يكن من المستحيل - إرجاع الوضعية القانونية الى حالتها الأصلية؟ فهل سيكون بالإمكان إلزام الإدارة بإزالة ما أحدثته؟ من المعلوم أن التكريس القضائي لمبدأ عدم المساس بالمنشآت العمومية، سيحول دون إلزام الإدارة بإزالة ما أحدثته، وبالتالي حتى في صورة الحكم بإلغاء أمر الإنتزاع فإنه لن يتسنى إرجاع وضعية العقار المنتزع إلى حالته الأصلية، وبالنتيجة فإن الطعن بطريقة تجاوز السلطة لن يمثل ضمانة جدية للمنتزع منه في مواجهة أمر الإنتزاع حال صدوره (...يتبع)