استهل معهد تونس للترجمة صباح امس الاربعاء 26 سبتمبر الجاري بمدينة الثقافة موسمه الجديد بندوة دولية اختار لها موضوع «ترجمة مصطلحات الفنون» وينظمها بالاشتراك مع مركز الموسيقى العربية والمتوسطية (النجمة الزهراء) وستتواصل اشغالها الى غاية يوم 28 سبتمبر. هذه الندوة الاولى من نوعها في تاريخ معهد تونس للترجمة منذ تأسيسه افتتحها الدكتور توفيق العلوي المدير العام للمعهد ورحّب فيها بالحضور التونسي والعربي والأجنبي وبالمثقفين والمترجمين والأدباء والسينمائيين والمسرحيين الذين استهواهم موضوع الندوة ورغبوا في ان يساهموا فيه بالمداخلات والنقاشات والتعاليق. وجاء في كلمة مدير معهد تونس للترجمة الراجع بالنظر الى وزارة الشؤون الثقافية التي تلتئم الندوة تحت اشرافها وبدعم مادي لوجستي منها وبحرص من الدكتور محمد زين العابدين الذي منعته ظروف مهنية بحتة عن الحضور لافتتاح الندوة :»أن معهد تونس للترجمة يستقبل ضيوفه اليوم وهو في حلة جديدة وكسوة انيقة في الرؤى والمسارات والمعهد ماض في تعديل مساره ويبني على كل ما هو ايجابي ويطوّره ببرامج وانشطة واتفاقيات محلية ودولية ويتفاعل مع وزارة الشؤون الثقافية وغيرها من المؤسسات المعنية بشان الترجمة ومع كل الفاعلين في العمل الترجمي من داخل المؤسسة ومن خارجها». واعون بالنقائص ونحن بصدد تصحيح المسار وأضاف توفيق العلوي:»نحن واعون بالتنسيب وبالنقائص ونحن بصدد تصحيح المسار بمثل هذه الندوة وغيرها مما سيلحق من اعمالنا ولان الفنون هي المقوم الاساسي في حضارات الامم وثقافاتها فقد بدأنا بها». وختم الدكتور توفيق العلوي كلماته بأجمل ما قيل في تونس من شعر ابو القاسم الشابي ونزار قباني مما وجد استحسان كل الحضور في القاعة حتى ان البعض ردده وكأنه النشيد الوطني. ولم يفوت العلوي فرصة توجيه الشكر لكل من ساعد وساند معهد الترجمة على حسن تنظيم هذا النشاط بداية من وزارة الشؤون الثقافية وأنيس المؤدب المدير العام لقصر النجمة الزهراء وكل اطارات وأعوان المعهد والوزارة وأعوان مدينة الثقافة . انطلقت اشغال ندوة «ترجمة مصطلحات الفنون» بعرض مقتطفات من فيلم الماني مرفوق بترجمة الى اللغة الفرنسية موضوعه الترجمة وأساليبها ويروي قصة مترجمة خمس من امهات الكتب والمراجع الروسية الى اللغة الالمانية. وقد اكدت هذه المترجمة ان المترجم مهما حاول فانه لن يصل الى كنه النص الاصلي . وترأس الشاعر والناقد والمترجم محمد علي اليوسفي الجلسة الاولى وعنوانها « من كل فن بطرف»، وقدم خلالها الدكتور « توفيق قريرة من جامعة المنار» مداخلة بعنوان «الأسس اللسانية في ترجمة المصطلحات» وقال فيها بالخصوص:»ان المترجم بصفة عامة يجد مشاكل لغوية وأخرى في ما جاوز اللغة أي «وراء لغوية» أي الكلام على الكلام وما يرتبط باللغة الواصفة لنفسها». وتوقف المحاضر عند جملة من المفاهيم الاساسية مثل اللغة المصدر واللغة الهدف والإشكال بالنسبة اليه هو كيف يمكن ان ننقل بأمانة وصدق ما يوجد في اللغة المصدر الى اللغة الهدف أي الانتقال بسلاسة وأمانة من عالم عجيب الى عالم عجيب ايضا وهنا تكمن صعوبة الترجمة . الخيانة في النص المترجم مبررة مهما كانت اللغات ولاحظ قريرة ان الترجمة الى اللغة الهدف وهي العربية صعبة جدا حيث يجد المترجم نفسه بالضرورة في مقارنة بين ثقافتين وذهنيتين وقال:»إن الصعوبة تكمن في اختيار العبارات والمصطلحات التي ستتناسب مع المصطلحات الاصلية». وفي حديثه عن الخيانة في النص المترجم قال انها خيانة مبررة مهما كانت اللغات، وانه لا بد ان يحذق المترجم الجانب الاعرابي للمصطلحات ليتمكن من ترجمتها وان يحذق صناعة المصطلحات وخاصة منها المركّبة ولابد كذلك من اتقان خصائص اللغة المعرّب اليها لتجاوز اهم الضغوطات الترجمية. وفي مداخلتها عن «مصطلحات الفنون في عصر التكنولوجيا الحديثة للاتصال والمعلومات بين التعريب والترجمة»، بينت الدكتورة وفاء بورخيص ان سبب اشتغالها على هذا الموضوع بالذات هو ما لاحظته عندما شاركت في مهرجان المبدعات العربيات واحتكت بالجمهور القادم من البلدان العربية ووجدت نفسها في حيرة وتساءلت:»كيف سأترجم المصطلحات وقد درستها باللغة الفرنسية وثقافتهم انقليزية وتأكدت وقتها من وجود مشكلة في ترجمة المصطلحات الفنية بين المشرق والمغرب العربي بسبب اللغة الثانية التي يحذقها كل منا (المشرق الانقلوفوني والمغرب الفرانكوفوني) وقالت المحاضرة:»وتطرقت في احدى دراساتي عن»مشاكل الترجمة في ميدان الفنون الرقمية واللجوء الى التعريب» الى استحالة ترجمة بعض المصطلحات لأسباب من بينها مشاكل المعجمية ولاحظت فيها:»ان المشارقة اكثر ميلا في الترجمة الى الحفاظ على جماليات اللغة في وضع الالفاظ اما المغاربة فهم اكثر جرأة على اللغة وترجمة مصطلحات الفن الرقمي لا تتيسر الا بترجمة علوم الحاسوب بصفة عامة ومصطلحات تاريخ الفن».ولاحظت ان النصوص العربية على صفحات الواب مثلا مليئة بالمصطلحات الغريبة التي تختلف عند من يحذق الفرنسية ومن يحذق الانقليزية.. والباحث العربي لا يمكن ان يستعمل مصطلحا موحدا نظرا للكم الهائل من المصطلحات الدخيلة التي توجد صعوبة جمة في ترجمتها. وختمت وفاء بورخيص مداخلتها باقتراح احداث وحدات بحثية خاصة بالتقنيات الحديثة والتنسيق بين مراكز الترجمة في البلدان العربية وتنظيم ورشات لترجمة المصطلحات الخاصة بالفن الرقمي ليسهل تحليلها واستيعابها وترجمتها. ترجمة المصطلحات من أصعب الممارسات واستعرض المخرج المسرحي الاماراتي عدنان محمد سلوم عبر فنون العرائس الخيط الرفيع بين الإبداع والابتداع في ترجمة المصطلحات الفنية، ورأى ان:»ترجمة المصطلحات من اصعب الممارسات اذ كيف يمكن ان ننقل المصطلح من حضارة وبيئة وثقافة الى اخرى وخاصة اذا كان لهذا المصطلح معاني متعددة في اللغة الاصلية.. ونحن في مجال فن العرائس نحاول ايجاد مصطلحات وتعريفات من بيئة الممارسة». وأضاف عدنان محمد سلوم:»نحن نحتاج الى بعض التشريعات الخاصة بالترجمة من حضارات كثيرة كالصينية والروسية والهندية الى العربية مباشرة لا عبر اللغتين الفرنسية والانقليزية. يجب كذلك ان نفكر في كيفية نقل حضارتنا الى اللغات الاخرى وكيف نتفق على المصطلحات». وقدم المحاضر ايضا توصية لمعهد تونس للترجمة بان يعمل على توحيد المصطلحات العربية في فن العرائس وان تذيل الترجمة بتوصيف دقيق واشارات الى معنى الحالة المراد ترجمتها. وتتواصل أشغال الندوة اليوم وغدا.