كشف الموقف الأخير لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي خلال حواره التلفزي الاثنين الماضي عن نقطة أساسية تتعلق بمدى شرعية حكومة يوسف الشاهد، حيث دعاه الرئيس للذهاب إلى البرلمان وتجديد شرعيته أمام النواب من خلال تجديد الثقة ومنحه الضوء الأخضر لمواصلة مهامه كرئيس للحكومة وذلك وفقا لمقتضيات الدستور. دعوة الباجي لرئيس الحكومة بتجديد الشرعية تكشف ضمنيا أن رئيس الجمهورية لم يعد يعترف بالشاهد كرئيس للحكومة وهو ما يتقاطع مع موقف حزب نداء تونس ويتضارب مع موقفه القائل بأنه لا خلاف بين رأسي السلطة، وغياب الشرعية البرلمانية للحكومة تعني أيضا أن حكومة الشاهد ساقطة في نظر الباجي قائد السبسي. هذا الموقف الرئاسي أثار التساؤل عن مشروعية وجود الشاهد وحكومته، بمعنى هل ان حكومة الشاهد هي حكومة شرعية؟ سؤال يحتمل إجابتين لا ثالث لهما، لو افترضنا جدلا بأنها الحكومة «فاقدة» للشرعية فلماذا خشي الباجي من استعمال سلطته الدستورية للإطاحة بها من خلال اللجوء الى تفعيل الفصل 99 ؟ وهل يقبل الباجي «الديمقراطي جدا» ان يكون شريكا لرئيس حكومة فاقد لكل شرعية؟ وإذا كانت الإجابة ب»نعم هذه الحكومة شرعية» فلماذا يسعى الشاهد للإطاحة بها؟ وهل ان الباجي قائد السبسي مؤهل «دستوريا» لتوزيع الشرعية على الجهات أكثر من البرلمان نفسه؟ فِي هذا السياق يقول أستاذ القانون الدستوري الأستاذ رابح الخرائفي في تصريح ل«الصباح»: «لقد حاول رئيس الجمهورية مغالطة الرأي العام من خلال طرحه لمسألة شرعية حكومة الشاهد، فمشروعيتها مستمدة من برلمان منتخب بصفة مباشرة من قبل الشعب التونسي، كما ان أساس شرعية الحكومة هو مجموع الأحزاب والمنظمات الوطنية التي شكلت وثيقة قرطاج في نسختها الأولى في إطار حكومة الوحدة الوطنية». ويضيف الخرايفي: «لقد كشف الرئيس عن أزمة في الحكم. فدعوته للشاهد إلى التوجه للبرلمان بينت ان الرئيس لا يملك أوراق البرلمان وإلا لما تردد في استعمال الفصل 99، كما ان حزبه ما كان تردد في التوجه لسحب الثقة من الحكومة. فشرعية الحكومة لا جدال فيها، ومن حق الشاهد التوجه الى البرلمان من عدمه، فالمسألة تبقى بيده هو ووفق تقديراته كرئيس للحكومة». ووصف الخرايفي موقف الرئيس ب «الافتقار إلى المسؤولية» ليضيف «انه من غير المعقول أن يصدر مثل هدا الكلام عن رئيس جمهورية، وكان لزاما عليه ان يفرق بين مسألة الشرعية الدستورية والرفض الجزئي للحكومة، وبالتالي فانه من المغالطة ان نغير الوقائع ونقدمها للرأي العام على أنها الحقيقة». وفِي رده على سؤال حول شرعية حكومة الشاهد رد أستاذ القانون الدستوري الصادق بلعيد قائلا «لا اعتقد ان يوسف الشاهد قد استولى على القصبة من خلال عملية عسكرية وبقوة السلاح، فقد وقع التصويت له برلمانيا ومُنح الثقة منذ نحو سنتين وهو ما يمنحه أسبقية ومشروعية دستورية، وهو غير مجبر على العودة الى البرلمان حتى لو طالب رئيس الجمهورية بذلك، فلرئيس الجمهورية آليات دعوة رئيس الحكومة إلى البرلمان، كما للنواب أيضا آلياتهم لسحب الثقة منه، اما وأن لا أحد منهم استعمل الآليات المخولة له فان الحكومة تظل شرعية». ويذكر أن الرئيس وحزبه سعيا للإطاحة بالشاهد منذ أكثر من 5 أشهر ليفشل خلال كامل هذه المدة، وقد اعتبر القيادي العائد لنداء تونس رضا بلحاج أنّه لا مشكل شخصيا لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد، قائلا «بالعكس، هذه أكثر حكومة تمتّعت بدعم وأخذت وقتا وحظيت بكل الظروف للنجاح»، مضيفا «أظن أن الشاهد من له مشكلة شخصية مع رئيس الجمهورية.. إنسان جابك وحطك ويرجعلو الفضل.. ومن بعد تعمل مقاومة››... وشدد بلحاج خلال استضافته على موجات إذاعة «موزاييك آف أم» قائلا: «رئيس الحكومة في وضع تمرد ولا تواصل وتعاون بينه وبين رئيس الجمهورية». كما يذكر ان القطيعة حاصلة بين الباجي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد منذ مدة حيث لم يلتقيا إلا مرة واحدة منذ نحو شهر وهو ما أبرز عمق الهوة بين الرجلين، وأساسا بعد ان نجح الشاهد في تمرير مقترح تعيين وزير للداخلية رغم معارضة الحزب الحاكم ومن ورائه الباجي قائد السبسي.