امام صعوبة الترويج وتدنّي أسعار البيع وارتفاع كلفة التخزين قام نهاية الاسبوع فلاحو منطقة العيثة وسوق السبت والسعادة من ولاية جندوبة في حركة احتجاجية بإتلاف حوالي 2500 طن من البطاطا الصيفية و4 الاف طن من البصل. سلوك وتعبيرة ما انفك يعتمدها الفلاحون في أكثر من منطقة خلال السنوات الماضية امام ما يواجههم في كل وفرة في المنتوج من تدن للأسعار وصعوبة في الترويج فبعد الحليب الذي سكب في بوسالم والقوارص التي أتلفت في الوطن القبلي والطماطم التي ألقيت في شوارع القيروان وسيدي بوزيد والتمور التي فرشت الطريق في منطقة الجريد واقتلاع الخوخ في الرقاب.. يأتي اليوم دور البصل والبطاطا اللذان كانا إلى سنوات مضت يسجلان نقصا في الكميات المعروضة وارتفاعا غير مسبوق في الأسعار اضطرت معه الدولة الى توريدهما من اجل التعديل. وفي الوقت الذي تتطلب تلك الوفرة النظر في آليات جديدة في التدخل حتى لا يعيد المشكل نفسه في مواسم قادمة تصر الهياكل الرسمية من وزارة فلاحة ووزارة مالية ووزارة التجارة على الإبقاء على نفس السياسات المعتمدة في مختلف المنظومات. ويعتبر يحيى مسعود عضو الاتحاد الوطني للفلاحة والصيد البحري ان هناك غيابا لحوكمة رشيدة من قبل الدولة فيما يتعلق بالقطاع الفلاحي بصفة عامة. فلا يوجد حسب رأيه إطار تشاركي بين هياكل الإشراف والتمثيليات المهنية وخاصة تلك التي تعبر على صوت الفلاح (الحلقة الأضعف في المنظومة) كما لا يوجد برنامج عمل واضح وعموما القرار يأتي متأخرا بعد تسجيل المشكل في ترويج الوفرة في المنتوج. واشار الى ان آليات العمل الحالية التي يتم خلالها تجاهل الفلاح ويحدد فيها اسعار قبول مجحفة من قبل المجامع المشتركة للخضر او الغلال وبكميات بسيطة لا تتجاوز في بعض الاحيان ال10% من الانتاج مقابل تحرير اسعار كامل مستلزمات الانتاج عوامل من شانها ان تذهب بكل استثمار فلاحي الى الفشل. واضاف مسعود ان التفرد بالحوكمة والتفرد بالتسعيرة والتفرد بقرار التوريد او قرار التصدير من قبل الهياكل الرسمية مع غياب التعويض وثقل وطأة مسالك التوزيع وبارونات الاحتكار، هو بمثابة الموت البطيء والتدريجي لمختلف منظومات الانتاج ومردوها الاقتصادي الذي يوفر 12 % من الداخل القومي الخام في وقت تعد فيه تونس بلدا فلاحيا بامتياز قادر على توفير امنه الغذائي. تشخيص عضو الاتحاد الوطني للفلاحة والصيد البحري اختلف كليا مع تفسيرات مدير المجمع المهني المشترك للخضر اسماعيل غزال، حيث خص تدخله لمشكل البطاطا الذي يعتبر المشكل الآني بجهة جندوبة، فقال ان الوفرة التي يسجلها منتوج البطاطا يتطلب مجهودا كبيرا من قبل الفلاح للمحافظة عليه ويكون ذلك عبر اعتماده آليات التخزين التقليدية والتي بدورها لها قواعدها الفنية التي يجب احترامها والاخلال بها من شأنه ان يتسبب في تلف المنتوج. وفسر ان البطاطا على غرار بقية الخضر لها عمرها الفيزيولوجي الذي يصل في اقصى تقدير وبخزن تقلدي الى ثلاثة أشهر. اما بالنسبة لتدخل الدولة الذي يكون عبر المجمع المهني المشترك للخضر فبين اسماعيل غزال ان الكمية يتم تحديدها سلفا من قبل سلطة الاشراف وعبر قرار من قبل مجلس وزاري. وبالنسبة لهذه السنة التي يبلغ فيها حجم الصابة قرابة ال220 الف طن تم تحديد كمية التدخل الحكومي ب40 الف طن. وبالنسبة للمشكل المطروح اليوم في جندوبة والتعبيرة الاحتجاجية التي صدرت عن الفلاحة، فسرها مدير المجمع المهني المشترك للخضر في جانب بقلة خبرة الفلاح الذي لم يحسن تخزين منتوجه من البطاطا، فلم يتذمر الفلاح في مناطق اخرى على غرار بنزرت وقفصة مثلا التي تتميز بمنتوج أكبر، واشار في نفس الوقت الى ان الدولة قد تعاملت هذا الموسم بطريقة استثنائية مع الفلاح في جندوبة اين رفعت من كميات البطاطا التي كانت ستأخذها من الفلاح في جندوبة من 640 طنا الى 1465 طنا اي بزيادة قدرها 130 % من الكمية الاولية. وهو تدخل استثنائي شمل ولايات اخرى الى جانب جندوبة. وبين ان الدولة ولمساعدة الفلاح في جندوبة مكنته من مبيد مداواة من النوعية الجيدة يغطي 1500 طن من البطاطا لكن لم يعط النتيجة المرجوة وبقيت ظروف الخزن في جندوبة الاسوأ مقارنة بغيرها في بقية الجهات. واكد مدير المجمع المهني المشترك للخضر ان كل ما يتصل بموسم البطاطا وخاصة الفصلية (تسجيل وفرة في الانتاج) يتم تحديده قبل 6 أشهر من الموسم بمشاركة مختلف المتدخلين من مهنيين واتحاد وطني للفلاحة والصيد البحري واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والنقابة الوطنية للفلاحين والمركز الفني للبطاطا الى جانب وزارة المالية ووزارة الفلاحة. وشدد على ان الجميع ومنذ 20 عاما يتم تشريكهم في جميع جزئيات البرنامج من الاسعار وكميات التخزين وغيرها من التفاصيل.. ◗ ريم سوودي الفلاحون بجندوبة يتلفون صابة البطاطا والبصل تشهد أسعار البطاطا والبصل ارتفاعا ملحوظا مقارنة بالسنة الفارطة خاصة بالأسواق الأسبوعية إلا أن الفلاح يشتكي من جملة من الإشكاليات خاصة تلك المتعلقة بالأسعار دفعت بالبعض منهم بالمناطق السقوية بكل من العيثة، سوق السبت والسعادة إلى الاقدام على اتلاف 2500طن من البطاطا و4آلاف طن من البصل. وأرجع عدد من الفلاحين سبب ذلك بتواضع أسعار البيع وارتفاع كلفة التخزين الى جانب تهميش الفلاح بولاية جندوبة المكبل بالمديونية وصعوبات العوامل المناخية بالإضافة الى غياب التشجيع. وأكد عمر الغزواني رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بجندوبة أن صابة الإنتاج بجندوبة من مختلف المنتوجات الفلاحية تحولت من نعمة إلى نقمة مشيرا إلى أن الدولة باتت عاجزة على حل إشكاليات القطاع الفلاحي بولاية جندوبة مضيفا أنه من الضروري حل معضلات القطاع الفلاحي قبل أن يتفاقم.