عقد مجلس نواب الشعب أمس بقصر باردو جلسة عامة خصصها للحديث عن العملية الارهابية التي جدت يوم الاثنين بشارع بورقيبة بالعاصمة، وأجمع المتدخلون على إدانة هذه العملية الجبانة البدائية، وقال عدد منهم إن مقاومة الارهاب تتطلب وحدة وطنية صماء والترفع عن الخلافات الحزبية والتجاذبات السياسية والمصالح الضيقة. نور الدين البحيري رئيس كتلة النهضة بيّن أن العملية الارهابية التي حصلت في شارع بورقيبة أكدت مرة أخرى أن الارهاب عدو للوطن وللدين ولكل القيم الانسانية النبيلة، وأن الارهابيين ليسوا أكثر من عصابات إجرام متعطشة للقتل والدماء ومحاولة تدمير الدولة. وأضاف ان المستهدف من العمليات الارهابية هي تونس وشعبها وثورتها وحريتها. وعبر البحيري عن أسفه لأن البعض يبحثون عن مبررات لأعمال الارهابيين ولأن هناك من يريدون الاستثمار في دماء الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي ومن يعملون على الضغط على القضاء والأمن متناسين أن إصرارهم على هذا الخيار الفاشل هو خدمة مجانية للإرهاب والارهابيين. وفسر أن المعركة مع الارهابيين هي معركة بين مشروع خراب ودماء ورعب ومشروع إصلاح وبناء وتقدم. وذكر أن من يحاول تقسيم التونسيين على أسس ايديولوجية وسياسية نسي أن هذا التقسيم مدخل للإرهاب. وقال البحيري ان رد النهضة على الارهاب هو التمسك بالوحدة الوطنية الصماء ودعم المؤسستين الأمنية والعسكرية، وأكد على أن محاولة الاستثمار في دماء الشهدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي ليست إلا تشجيعا للإرهاب وخدمة مجانية للإرهابيين وأن دماء الشهدين بريئة من كل دعوات التحريض. أخطبوط الارهاب قال سفيان طوبال رئيس كتلة نداء تونس ان الارهاب ضرب شارع بورقيبة وكانت قوات الأمن مرة أخرى جدار صد له، فهذه القوات قدمت تضحيات غالية لدحر الأخطبوط الارهابي الذي يستهدف تونس. وبين أن الخفافيش تكره النور لذلك يقوم مشروعها على القتل وسفك الدماء ولكنها لن تجد لها في تونس موطئ قدم. وأضاف أن الارهاب هو أيضا التبرير المغلف للأعمال الارهابية وهو التمويل المشبوه ويتطلب التصدي له بتعزيز برامج مجابهة خطر الارهاب. ويرى طوبال أن الخلافات السياسوية الفوقية يجب أن لا تحول دون اليقظة من أجل مواجهة المخاطر المحدقة بتونس ويجب أن تكون تونس بوصلة الجميع. وذكر أن كتلة النداء ستكون دائما داعمة للجهود الأمنية وهي تريد أن تقع العناية بالشباب من أجل سحب البساط من تحت أقدام قوى الشر. وأضاف أن مقاومة الارهاب تتطلب وحدة الصف واستنكر الحملة التي استهدفت كلمة رئيس الجمهورية حول العملية الارهابية. وقال مصطفى بن أحمد رئيس كتلة الائتلاف الوطني أن العملية الارهابية الفاشلة تعكس مستوى التعافي الذي بلغه الأمن وتؤكد أنه ضيق الخناق على الارهاب بما جعله يقوم بعملية ضعيفة ومعزولة وبدائية. وأضاف أن ظاهرة الارهاب المتفشية في العالم باغتت أعتى اجهزة الأمن وتهويل ما حدث في شارع بورقيبة ليس في محله، فالرسالة التي كان يجب على الجميع تمريرها للعالم من خلال هذه العملية هي أن الإرهاب في تونس حوصر بشكل كبير، لكن للأسف هناك من المسؤولين السياسيين من استغلوا الموقف لتوجيه التهم. وقال بن أحمد إنهم يريدون تجاوز الماضي بكل جراحه ويريدون من الدولة التي يبلغ عمرها ثلاثة آلاف سنة أن تكون محصنة من الإرهاب. حماية الأمنيين أحمد الصديق رئيس كتلة الجبهة الشعبية بيّن أن الارهاب ليس إلا إدارة في يد الإمبريالية وعلى رأسها الامبريالية الأمريكية من أجل وضع اليد على الثروات. وذكر أن من يضع يديه في أيدي هؤلاء وفي أيدي قوى الاستعمار والشركات متعددة الجنسيات والصندوق الدولي هو حليف للمجموعات الارهابية التي تعمل على اختراق المجتمعات من أجل التحكم في مصائر آبار النفط والغاز. وأضاف أن المصيبة أن تونس مستهدفة ليس لثرواتها الطبيعية بل لأنها تقع في منطقة استراتيجية. وقال «حتى العمليات الصغيرة بالأدوات البسيطة هي عمليات مركبة»، وفسر أن الفتاة التي نفذتها، استدرجت وأطرت ودعمت ونقلت من قبل مجموعات إرهابية مازالت تنشط في البلاد. وقال إن ما يحدث في تونس من إرهاب سببه عدم فتح كل الملفات وتعمد إخفاء الحقائق لأن العملية الإرهابية هي إحدى الحلقات المفزعة والمفجعة من حقيقة توافق الائتلاف الحاكم قبل ان يختصم على كتمانها. وقدم الصديق تحية الى هيئة الدفاع في قضيتي اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي وقال إن الجهاز الأمني وجزء من القضاء ما زال يخاف وهو تحت السيف. ودعا رئيس كتلة الجبهة الشعبية رئيس الجمهورية إلى عقد مجلس الامن القومي بصفة فورية، ودعا البرلمان إلى التسريع في النظر في قانون الطوارئ وقانون النظام العام لأعوان وزارة الداخلية والقانون المنظم لقواعد الاشتباك وتأمين التظاهرات. وقال صلاح البرقاوي النائب عن كتلة الحرة لحركة مشروع تونس إن مرتكبة العملية الارهابية هي امرأة تونسية درست الأدب الانقليزي في جامعة تونسية وهي تعكس جانبت مريضا في المجتمع، وما يهم في الأمر ليس التندر باسمها أو بلباسها الداخلي، بل يجب فهم أسباب العملية الارهابية. ويرى البرقاوي أنه لا فرق بين الأمنيين في شارع بورقيبة أو في الطويرف أو في قابس أو في قفصة، ولا فرق بين المدنيين الذين يعيشون في سفوح الجبال والذين يتنزهون في شارع بورقيبة، فحيثما وجد هؤلاء فإن أرواحهم عزيزة. ولمواجهة الإرهاب يرى البرقاوي أنه لا بد من تحقيق الوحدة وتجاوز الخلافات، وذكر أن مجلس نواب الشعب مدعو إلى مساءلة نفسه حول ما قدمه لتأمين تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمقاومة الارهاب ولتوفير الغطاء القانوني للأمنين والتجهيزات والمعدات التي يستعملونها عند التدرج في استعمال العنف الشرعي. وذكر أن كتلته أودعت منذ سنتين مبادرة تشريعية لمنع اخفاء الوجه في الأماكن العمومية لكن لم يقع إدراجها في جدول أعمال المجلس، وقال إن الحديث عن الوحدة الوطنية يتطلب توافقا وإقرارا بالأخطاء ويجب على السياسيين -على حد قوله- أن يفهموا أن التونسيين لم تعد لهم ثقة فيهم. جلسة البكائيات سالم لبيض رئيس الكتلة الديمقراطية لاحظ أنه كلما تحصل عملية إرهابية يتحول المجلس إلى مكان للّطميات والبكائيات وهي لا تفيد في شيء. وأضاف أن جغرافية الإرهاب تغيرت وأصبحت في قلب العاصمة على بعد أمتار من مقر سيادي مسؤول على أمن البلاد، وكأن الارهابيين يريدون القول أنهم قادرون على دخول أعتى القلاع. ولاحظ انه بالإضافة إلى الفشل الحكومي في التقليل من الفقر والتهميش وغلاء الأسعار والحد من الهجرة السرية، فقد سقط ما تحقق من نجاحات أمنية لأن هذه العملية تدل على اختراق المؤسسة الأمنية من قبل التنظيمات الارهابية. وطالب رئيس الحكومة ووزير الداخلية ومجلس الأمن القومي بالحذر من هذا الاختراق لأن العملية حدثت في تخوم وزارة الداخلية. وذكر لبيض أن هيلاري كلينتون اعترفت في مذكراتها بأنهم هم الذين صنعوا «داعش» وهناك قوى إقليمية تمول الإرهاب في تونس، لكن العملية الارهابية التي تمت أمس الأول كانت تافهة ونفذت بوسائل بدائية وكان يمكن إفشالها والاستعلام عنها وإجهاضها قبل حدوثها. وأضاف أنه لا يوجد تجسيد فعلي لنتائج الدراسات التي تمت حول الارهاب وذكر أن التعاطي مع الارهاب يجب ألا يكون بمنطق أمني فقط بل يجب ان يكون ايضا بمنطق تعليمي وتثقيفي لأن الارهاب يتغذى من البطالة والتهميش والجهل والأمية. وقال ان وزارة التعليم العالي عليها ان تحصن الطلبة من التطرف عبر تدريسهم علم النفس والفلسفة والأنثروبولوجيا والأديان المقارنة. وذكر انه لو تم تدريس هذه العلوم الانسانية في الجامعة لعرف الطلبة أن الاسلام حرم القتل. وقال إنه كان على الدولة مواجهة القنوات الدينية التي تنشر الفكر الداعشي الوهابي. وبين نور الدين بن عاشور النائب عن كتلة الولاء للوطن أن العمليات الارهابية انتقلت من الجبال إلى شارع بورقيبة وعلى مقربة من وزارة الداخلية وهي وزارة سيادة وذلك فيه رسالة من الارهابيين، فهم يريدون من خلالها القول إنهم قادرون على الوصول حيث يريدون وهم يرغبون في إخافة المواطنين وإرباك مؤسسات الدولة. ودعا بن عاشور جميع السلطات والمجتمع المدني إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة للحد من آفة لا تستثني أحدا. وذكر ان التنديد بالعملية الارهابية لا يكفي بل يجب اتخاذ اجراءات وتدابير بصفة فورية منها منع ارتداء النقاب في الشارع، وقال إن من يتحدثون عن حرية اللباس عليهم أن يدركوا أنه مع الأمن القومي لا يمكن الحديث عن النقاب. وذكر النائب أن البلاد تمر بأزمة سياسية واقتصادية عسيرة وهو ما يتطلب مزيد الحوار والابتعاد عن التجاذبات التي لا هدف منها إلا الانفراد بالسلطة. وبين محمد الفاضل بن عمران النائب عن نداء تونس أنه كان يجب على الجميع نسيان خلافاتهم الجانبية والهامشية عند حدوث العملية الارهابية لأن تلك الخلافات لا تساوي شيئا أمام أمن البلاد. وأضاف أن الارهابيين لا يحبون المشروع المجتمعي لتونس دولة التسامح بين كل الأديان والألوان ويتلخص الدرس الذي يجب استخلاصه -حسب بن عمران- في أنه لا مجال إلا للتسامح والمصالحة وترك الضغينة والأحقاد والمصالحة لأن كل الاحزاب السياسية يجمعها حب البلاد. وقالت عبير عبدلي النائبة عن الائتلاف الوطني إنها تدين استعمال المرأة في الإرهاب وإنها تدين الإرهاب حيثما كان في شارع بورقيبة وجبل مغيلة وسبيبة حيث أصيب الطفلان العربي وجواهر بلغم. ودعت عبدلي كل الأحزاب السياسية إلى الترفع عن المصالح الضيقة والدفاع معا عن مصلحة البلاد، فبالوحدة يمكن إنقاذ تونس من الأزمة التي تمر بها. وقال عمار عمروسية النائب عن الجبهة الشعبية إن الحقيقة وحدها هي التي يمكن أن تحصن الشعب التونسي من آفة الارهاب. وفسر أن إرهاب اليوم يعود إلى مناخات سنة 2012 وعهد حكم «الترويكا» الدامي والدموي. وأضاف أنه لا يمكن أن يفهم ما حصل في شارع بورقيبة إلا بالعودة إلى ذلك المناخ. وأضاف أن الوحدة الوطنية مطلوبة لكن هذه الوحدة يجب أن لا تحمل أعداء هذا الوطن، وذكر عمروسية ب»جماعة الارهاب فزاعة» وبوزير الداخلية الذي أطلق سراح أبو عياض وقال إنه انتظره من الأمام فجاءه من الخلف. ودعا حركة النهضة للاعتذار رسميا عن التقدير السياسي الخاطئ وذلك في انتظار تحديد المسؤولية الجنائية، وقال إن كل حكام «الترويكا» ساهموا في تقوية ظاهرة الارهاب وعليهم الاعتذار. وبيّن أن لجنة التحقيق حول شبكات التسفير نحو بؤر الارهاب قتلت الحقيقة. وأضاف أن الجمعيات الخيرية وجماعة الشر وجماعة تركيا وقطر والسعودية والذين باعوا البلاد، يقتلون القتيل ويمشون في جنازته، وقال «تذكروا مقولة الشهيد شكري بلعيد.. عندما تضيق بهم السبل يلتجئون إلى العنف»، وطالب بفتح الملفات. وانتقد عمروسية كلمة رئيس الجمهورية وقال إنه كان عليه أن يطمئن التونسيين لأن على هذه الأرض ما يستحق الحياة ولأن الارهاب لن ينتصر على التونسيين. وقال عمروسية للائتلاف الحاكم «أنتم جراد هذه البلاد»، وبيّن أن شكري بلعيد ومحمد البراهمي وبعض الأمنيين ذهبوا لكن مازال في البلاد آلاف شكري والبراهمي والأمنيين.