هل الاحتفال ب «الهالويين» داخل رياض الأطفال يكرس العنف ويهدّد سلامة الطفل؟ سؤال يطرح نفسه في ظل تباين وجهات النظر بين وزارة المرأة التي ترى فيه تهديدا جديا لنفسية الطفل ولتنشئة، وبين الجمعيات المهتمة بالطفولة والتي تنفي أي تهديد نفسي أو معنوي قد يطال الطفل جراء احتفاله بهذه المناسبة. عيد «الهالويين» (أو ما يعرف بعيد الهلع التي تحتفل به عديد الدول الأوروبيّة ليلة 31 اكتوبر من كل سنة) يبدو أنه أضحى في تونس منذ فترة من بين العادات الاحتفالية التي أخذت في الترسّخ في ثقافة التونسي بما انه لم يعد يُحتفى بهذه المناسبة داخل النزل أو المطاعم فحسب وإنّما أيضا داخل رياض الأطفال التي أضحت بدورها تستعد لهذه المناسبة. غير أن هذه الثقافة الاحتفالية الجديدة أثارت حفيظة وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن التي بادرت بفتح تحقق في ما وصفته ب»تجاوزات متعلقة باحتفالات عيد «الهالوين» بإحدى مؤسسات الطفولة الخاصة» بالنظر إلى أن الاحتفال بعيد «الهالويين» قد تكون له «تبعات خطيرة على السلامة النفسية للأطفال». ومن هذا المنطلق تولّت أول أمس مصالح المندوبية الجهوية للمرأة والأسرة والطفولة وكبار السن فتح تحقيق إداري بخصوص إشعار تعلّق بالتجاوزات التي جدّت خلال برنامج تنشيطي بإحدى رياض الأطفال بالجهة، وذلك على إثر تداول صور عبر مواقع التواصل الاجتماعي توثق الاحتفال بعيد «الهالويين» وما قد ينجر عنه من تبعات خطيرة على السلامة النفسية للأطفال. وأعلمت وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن -وفقا لما ورد في نص البيان الصادر عنها اول امس- أنها أصدرت مذكرة عُمّمت على كل مسؤولي مندوبياتها الجهوية والإطارات المختصة في الطفولة دعت فيها إلى منع الأنشطة المتعلقة باحتفالات عيد «الهالويين» بالمؤسسات الخاصة والعمومية على حد سواء باعتبار ما تحتويه من «مظاهر العنف» وما لها من «آثار جانبية» على الأطفال.. كما دعت في ذات السياق إلى عدم استغلال الأطفال خلال التظاهرات والاحتفالات وتشريكهم بشكل مجهد يُسيء إلى سلامتهم البدنية والمعنوية والحرص على مشاركتهم بشكل يضمن جميع حقوقهم ويراعي مصلحتهم الفضلى، مؤكدة في الإطار نفسه على ضرورة إشعار مصالح المندوبيّات الجهوية بكل الاخلالات المتعلّقة بمحاولات التأثير الفكري وزرع الأفكار المتطرفة التي يتم التفطن لها بالمؤسسات وفي مختلف الفئات العمرية. كما ورد في نص البيان أن الوزارة تحرص على ضمان أن لا تحيد مؤسسات الطفولة عن دورها الأساسي في تربية الأجيال على قيم المواطنة وتنشئتها تنشئة اجتماعية سليمة إلى جانب حماية الأطفال من كل ما يهدد سلامتهم المعنوية ونموهم المتوازن.. وفي تقديمه لايضاحات أكثر حول المسالة، أفاد مدير التفقّد البيداغوجي وتنمية الكفاءات بوزارة المرأة سمير بن مريم في تصريح ل «الصباح» بأن قرار منع الاحتفال بعيد الهالويين في الفضاءات التربوية يعود إلى السنة الماضية موضحا في هذا الاطار انه تم السنة الماضية بعث مذكرة تؤشر إلى عدم الاحتفال بالهالويين ومع ذلك فقد تم تجاهل هذه المذكرة وواصل البعض الاحتفال بهذه المناسبة. أما فيما يتعلق بمسألة فتح تحقيق في التجاوزات الحاصلة بإحدى مؤسسات الطفولة الخاصة، فقد أورد مصدرنا انه تم التحرك على اثر صور تم تنزيلها بمواقع التواصل الاجتماعي بالنظر الى ان رياض الأطفال مدعوة للتقيد ببرامج ومناهج رسمية علاوة على أن هذه الاحتفالية تتنافى أوّلا مع عاداتنا وتقاليدنا. وثانيا «تحتوي على مظاهر عنف ومضامين تسيء في تقديرنا الى الطفل كما تتعارض مع المناهج المدرسية». عقوبات تصل إلى الغلق وحول الآليات الردعية التي ستعتمدها مصالح الوزارة في حال تواصل الاحتفال بهذه المناسبة، أورد محدثنا انه يتم العمل وفقا لأحكام كراس الشروط التي تفيد بأن يلتزم صاحب المؤسسة كتابيا بتدارك مثل هذه الاخلالات، موضحا ان العقوبات قد تصل إلى الغلق بما أن كراس الشروط ينص على ان كل تهديد لسلامة الطفل ينجر عنه غلق المؤسسة . ليخلص محدثنا الى القول بأنه من الضروري التقيد بالبرامج والمناهج المضبوطة كما ان دور رياض الأطفال يكمن في تأصيل الأطفال وفقا لتقاليدنا وموروثاتنا قائلا :»كل ما من شانه ان يهدد سلامة الطفل وكل ما هو خارج عن البرامج التعليمية لا بد من التصدي له» «لا وجود لثقافة منكمشة» في المٌقابل يعارض رئيس جمعية حماية الطفل معز الشريف هذا الطرح ويوضح في تصريح ل «الصباح» ان الاحتفال «بالهالويين» لا يكرّس مطلقا العنف معتبرا البيان الصادر عن وزارة المرأة «تسرعا» في اتخاذ القرارات وواصفا موضوعه ب»التافه» بما انه لا يتطلب كل هذا الاهتمام على حد تشخيصه. وأضاف الشريف «صحيح ان الاحتفال بالهالويين ليس من بين موروثنا الثقافي، لكن تونس تعتبر منفتحة على جميع الثقافات كما تعيش زمن العولمة فضلا عن انه لا وجود لثقافة منكمشة على نفسها ولا وجود ايضا لثقافة ثابتة على مدار الاجيال». كما اورد الشريف انه عكس المتوقع فإن الاحتفال بهذا العيد هدفه «تبسيط كل ما من شانه ان يزرع الخوف لدى الاطفال بما انه يتلاعبون بما كان يستعمل لترويعهم» مفندا في السياق ذاته امكانية ان ينجر عن هذا الاحتفال سلوك عنيف أو متطرف لدى الطفل.