لاشك أن تطور وارداتنا من الطاقة وارتفاع أسعار النفط العالمية قد ألقى بظلاله على عجز الميزان التجاري الذي نهاز خلال ال10 أشهر الأولى من السنة الجارية 2018 حوالي 16 مليار دينار وهو رقم قياسي لم يعرفه ميزاننا التجاري من قبل. ويعود هذا العجز بالأساس إلى تفاقم العجز التجاري لقطاع الطاقة والذي بلغ حجمه 5.1 مليار دينار أي ما يعادل 32.1 بالمائة من العجز الإجمالي مقابل 3.3 مليار دينار خلال الفترة ذاتها من 2017 أي بزيادة بقرابة 2 مليار دينار بين أكتوبر 2017 وأكتوبر 2018. وبالنظر إلى التأثيرات العميقة لعجز الميزان التجاري الطاقي لا على الميزان التجاري فحسب بل وأيضا على الموازنات العامة للبلاد شدد رئيس الحكومة يوسف الشاهد خلال خطاب منح الثقة في البرلمان على الانطلاق في الانجاز الفعلي في أسرع وقت لمشاريع الطاقة المتجددة التي كانت متعطلة منذ سنوات. كما أشار وزير الطاقة إلى منح رخص جديدة للاستكشاف وإنتاج النفط وذلك بهدف دفع الإنتاج ما من شانه التقليص من وارداتنا من الطاقة. وتسعى تونس إلى مزيد جذب الاستثمارات الأجنبية في قطاع الطاقة، مستفيدة في الوقت الحالي من اهتمام المستثمرين بالبحث والاستكشاف مع ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية حيث وصلت خلال الأيام القليلة الماضية إلى 78 دولار للبرميل. نوايا استثمار تنتظر التجسيد وتعرف تونس ارتفاعا من حيث نوايا الاستثمار في القطاع حيث كان وزير الصناعة والطاقة سليم الفرياني قد أكد وجود عديد نوايا الاستثمار في قطاع الطاقة من مؤسسات عالمية على غرار «إيني» الإيطالية و»شال» البريطانية و»طوطال» الفرنسية التي لديها مشاريع في تونس، كما كشف تلقيه وعودا من شركات بريطانية للاستثمار في بلادنا خلال زيارة أداها على رأس وفد تونسي إلى لندن. كما صرح الرئيس المدير العام للشركة النرويجية «جون هاميلتون» بأنه قد تم الاتفاق مع مؤسسة «بانورو» النرويجية ونظيرتها النمساوية « OMV» المتخصصة في التنقيب عن البترول على مواصلة الاستثمار في صفاقس باستثمارات جملية تناهز 65 مليون دولار وهو ما يؤكد جذب بلادنا للمستثمرين في المجال. وحسب أرقام رسمية من المنتظر أن تشهد الفترة الممتدة بين 2019 و2020 حفر 20 بئرا استكشافية إلى جانب تطوير نحو 35 بئرا وهو ما سيدعم إنتاج الطاقة الذي يبلغ حجمه حاليا 80 ألف برميل مكافئ نفط منها 50 بالمائة نفط و50 بالمائة من الغاز، ومن المتوقع أن يرتفع إنتاج الطاقة بين 30 و40 بالمائة مع دخول حقل غاز «نوارة» بولاية تطاوين حيز الإنتاج في جوان 2019 حيث تقدر عائدات هذا الحقل بنحو 500 مليون دولار أي إجمالي الإعتمادات التي خصصتها الحكومة في ميزانية 2019 بعنوان دعم الطاقة. ويعتبر حقل غاز نوارة من أبرز الحقول التي ستدخل قريبا حيز الإنتاج وهو استثمار مشترك بين المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية وشركة «أو أم في» النمساوية التي بلغت قيمة استثمارها بهذا الحقل 1.1 مليار دولار. فترة صعبة بعد الثورة ومر قطاع إنتاج الطاقة من النفط والغاز بعد الثورة بفترة صعبة حيث عاشت تونس على وقع تراجع الاستثمار الأجنبي في قطاع الطاقة بسبب التوترات الاجتماعية في عديد حقول النفط، هذا بالإضافة إلى انخفاض أسعار البترول التي سجلتها الأسواق العالمية حينها والتي بلغت حدود 40 دولارا للبرميل الواحد. وشهد قطاع الطاقة في تونس منذ سنة 2011 تراجعا في إنتاج النفط إلى النصف تقريبا ليبلغ 40 ألف برميل نفط في اليوم مقابل 80 ألف برميل سنة 2010، كما تراجع عدد الآبار المحفورة إلى 6 حاليا و2 سنة 2017 مقابل 38 بئرا سنة 2010. وكشفت أرقام رسمية للمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية متعلقة بالفترة الممتدة بين جانفي 2018 إلى شهر سبتمبر انخفاضا في عدد الرخص إلى 21 رخصة وانقسمت الرخص إلى 19 رخصة بحث ورخصتي استكشاف، كذلك الشأن بالنسبة لرخص الغاز المسال الذي بلغ عدد رخصه إلى حدود شهر جوان 2018 23 رخصة بعد أن كان في 2014 في حدود 52 رخصة.