غدا الإثنين انطلاق عملية تحيين السجل الانتخابي بالنسبة للتونسيين المقيمين بالخارج    البينين تشرع في إجلاء طوعي    انطلاق الأعمال التمهيدية لتعداد السكان    انخفاض في أسعار الدجاج والبيض    الخارجية الإيرانية: جهود الوصول إلى مكان مروحية الرئيس متواصلة    يوميات المقاومة .. ملاحم جباليا ورفح تدفع بالأمريكان والصهاينة الى الاعتراف بالفشل...الاحتلال يجرّ أذيال الهزيمة    ردود أفعال دولية على حادث تحطم طائرة الرئيس الإيراني..    ماذا يحدث في حال وفاة الرئيس الإيراني وشغور منصبه..؟    انفعال سيف الجزيري بعد منع زوجته من دخول الملعب بعد تتويج الزمالك بالكونفدرالية (فيديو)    أولا وأخيرا .. «صف الياجور»    قفصة: مداهمة منزل يتم استغلاله لصنع مادة الڨرابة المسكرة    لَوَّحَ بيده مبتسماً.. آخر صور للرئيس الإيراني قبل سقوط مروحيته    4 تتويجات تونسية ضمن جوائز النقاد للأفلام العربية 2024    الزارات -قابس: وفاة طفل غرقا بشاطئ المعمورة    جندوبة: تحت شعار "طفل ومتحف" أطفالنا بين روائع مدينة شمتو    تراجع توقعات الإنتاج العالمي من الحبوب مقابل ارتفاع في الاستهلاك العالمي    أنصار قيس سعيد اليوم : ''تونس حرة حرة والعميل على برة''    يوسف العوادني الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس يتعرّض الى وعكة صحية إستوجبت تدخل جراحي    القيروان: الملتقي الجهوي السادس للابداع الطفولي في الكورال والموسيقى ببوحجلة (فيديو)    عاجل/ الرصد الجوي يحذر من حالة الطقس ليوم غد..    بعد "دخلة" جماهير الترجي…الهيئة العامة لاستاد القاهرة تفرض قرارات صارمة على مشجعي الأهلي و الزمالك في إياب نهائي رابطة الأبطال الإفريقية و كأس الكاف    الأهلي المصري يعامل الترجي بالمثل    عاجل : ايران تعلن عن تعرض مروحية تقل رئيسها الى حادث    هام: انخفاض أسعار هذه المنتوجات..    لماذا كرمت جمعية معرض صفاقس الدولي المخلوفي رئيس "سي آس اي"؟    سفيرة الامارات في زيارة لصالون الفلاحة والصناعات الغذائية بصفاقس    اليوم : انقطاع التيار الكهربائي بهذه المناطق    السيارات الإدارية : ارتفاع في المخالفات و هذه التفاصيل    نابل: اختتام شهر التراث بقرية القرشين تحت شعار "القرشين تاريخ وهوية" (صور+فيديو)    طقس اليوم ...امطار مع تساقط البرد    أخبار النادي الإفريقي .. البنزرتي «يثور» على اللاعبين واتّهامات للتحكيم    الأونروا: 800 ألف فروا من رفح يعيشون بالطرقات.. والمناطق الآمنة "ادعاء كاذب"    في عيده ال84.. صور عادل إمام تتصدر مواقع التواصل    اليوم العالمي لأطباء الطب العام والطب العائلي : طبيب الخط الأول يُعالج 80 بالمائة من مشاكل الصحة    بوسالم.. وفاة شاب غرقا في خزان مائي    قبل أسبوعين من مواجهة ريال مدريد.. ظهور صادم لمدافع دورتموند    المجلس المحلي بسكرة يحتجّ    بوكثير يؤكد ضرورة سن قوانين تهدف الى استغلال التراث الثقافي وتنظيم المتاحف    النجم الساحلي يمرّ بصعوبة الى الدور ربع النهائي    كأس تونس : النجم الساحلي يلتحق بركب المتأهلين للدور ربع النهائي    القصرين: القبض على شخص صادرة في حقه 10 مناشير تفتيش    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    وزيرة الصناعة: مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا فريد من نوعه    نهائي دوري ابطال إفريقيا: التشكيلة المتوقعة للترجي والنادي الاهلي    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    بينهم طفلان..مقتل 5 أشخاص نتيجة قصف إسرائيلي على لبنان    داء الكلب في تونس بالأرقام    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    المنستير: القبض على 5 أشخاص اقتحموا متحف الحبيب بورقيبة بسقانص    تفكيك شبكة لترويج الأقراص المخدرة وحجز 900 قرص مخدر    جندوبة : يوم إعلامي حول تأثير التغيرات المناخية على غراسات القوارص    الصادرات نحو ليبيا تبلغ 2.6 مليار دينار : مساع لدعم المبادلات البينية    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفصل 37 (جديد) من قانون التقاعد، هو عنوان تمييز وحيف وعامل إضافي لإضعاف القدرة الشرائيّة للمتقاعدين ومظلمة في حقّهم
نشر في الصباح يوم 25 - 11 - 2018

لقد أثار ومازال مشروع تنقيح الفصل 37 من القانون عدد 12 المؤرّخ في 5 مارس 1985 المتعلّق بنظام الجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد وللباقين على قيد الحياة، والذي صادق عليه مجلس الوزراء في 18 جوان 2018 وأحيل لمجلسكم للنظر فيه، أثار جدلا واسعا ومخاوف جدّية ومشروعة لدى المتقاعدين من القطاع العمومي وهم شريحة هامّة من ناخبيكم.
ولكم فيما يلي أهمّ المعطيات والاعتبارات التي يستند إليها موقف وتحرّكات المتقاعدين والرافض لمقترح الحكومة المعروض على أنظاركم للبتّ فيه في قادم الأيّام، علّها تساعدكم على اتّخاذ الموقف الصائب وإنصاف هذه الشريحة من المواطنين.
في البداية، لا بدّ من التأكيد على أهميّة هذا القانون لكافّة المنتمينللقطاع العمومي،سابقا وحاليّا ومستقبلا، ولا للمتقاعدين الحاليّين فحسب إذ أنّ النشطاء الحاليّين منهم، هم متقاعدون حتما ولو بعد فترة، طالت أم قصرت، ومن هذا المنطلق كان على الناشطين أيضا إيلاء هذا الموضوع الاهتمام الذي يستحقّ والإدلاء بآرائهم حوله.
أمّا من حيث الجوهر، فيرى المتقاعدون في التعديل المقترح من الحكومة، حيفا كبيرا تجاههم وتمييزا غير مبرّر مقارنة مع نظرائهم النشطين وبطبيعة الحال عاملا إضافيّا على التعجيل بتآكل قدرتهم الشرائيّةوذلك بحقّ مظلمة.
وللتذكير، يتعلّق التعديل المقترح للفصل 37 بطريقة تحديد قيمة الزيادة في جرايات التقاعد عند الزيادة في الأجور بالقطاع العمومي. ففي حين ينصّ القانون السّائر المفعول (الفصل 37 الحالي) على أن:"يتمّ التعديل الآلي للجراية عند أيّ ترفيع في أي عنصر من العناصر القارّة للمرتّب الموافق للرّتبة أو الوظيفة التي وقعت على أساسها تصفيّة الجراية كما يتمّ التّعديل الآلي للجراية عند إحداث أي منحة قارة تتعلق بالرتبة أو الوظيفة التي وقعت على أساسها تصفية الجراية"، جاء المقترح لينصّ في فصله37(جديد) على أن:"يتم تعديل الجرايات بصفة دورية في إطار المفاوضات المتعلقة بالأجور في القطاع العمومي بالاستناد إلى الّنسب السّنوية للنموّالاقتصادي والزّيادة في الأجور في القطاع العمومي والتضخّم...". بعبارات أخرى وببساطة، يتمثّل التعديل في الانتقال من طريقة واضحة وموحّدة لضبط قيمة الزيادة لكلّ المنتمين للقطاع العمومي من متقاعدين ونشطاء، إلى تخصيص المتقاعدين بطريقة تأخذ بعين الاعتبار مباشرة نسب النموّ والتّضخّم وكذلك الزيادات المقرّرة إثر المشاورات الاجتماعيّة، بحيث تكون الحصيلة عمليّا، تمكين المتقاعدين من زيادات أقلّ قيمة من التي تسند لنظرائهم النشطين في القطاع العمومي.
1.من الأكيد، يواجه الصندوق الوطني للتقاعد و الحيطة الاجتماعيّة(CNRPS) اختلالا هامّا في توازناته الماليّة و يأتي هذا التنقيح للفصل 37 ضمن مراجعة شاملة للقانون المشار إليه أعلاه سعيا لتلافي تلك الصعوبات الماليّة، ويعتبر ذلك من الإصلاحات الضروريّة والتي من المفروض أن تلقى كلّ الدعم شريطة أن تتّسم بالعدل والإنصاف وهو ما لم يتوفّر في الفصل 37 الجديد الذي بالعكس، جاء مميّزا بين الناشطين والمتقاعدين من نفس القطاع وغير منصف بينهم و كذلك غامضا في ما يتعلّق بكيفيّة تطبيقه، كيفيّة احتساب الزيادة "بالاستناد إلى النسب السنويّة للنموّ الاقتصادي والزيادة في الأجور في القطاع العمومي والتّضخّم" وبذلك جاء التعديل غير مطمئن لشريحة المتقاعدين ومن هنا كانت حيرتهم وتساؤلاتهم وغضبهم.
في البداية لا بدّ من الإشارة إلى أنّ مبدأ ربط أيّ زيادة في الأجور بنسب النموّ والتضخّم، لا تخلو من الاعتبارات والتبريرات الاقتصاديّة والاجتماعيّةالموضوعيّة والمنطقيّة إلى حدّقد يبعث الفرد على قبولاعتماده والعمل به.في الحقيقة ودون ادّعاءالتخصّص في مجال العلوم الاقتصاديّةأو الاجتماعيّة، أعتقد بصراحة أنّه قد يكون من الوجاهة والحكمة فعلا ربط الزيادات في الأجور بنسب النموّ حتّى يقابل الزيادة في الأجور بذل مجهودات إضافيّة من المؤجّرين، تفضي لخلق المزيد من الثروات من جهةوكذلك ربطها بنسبة التضخّم لاستدراك تدهور القدرة الشرائيّة للمواطنين. إلى هذا الحدّ قد يبدو الأمر معقولا ومقبولا، إلاّ أنّ الغرابة في التعديل المقترح الوارد بالفصل 37، تكمن في حصر اعتماد هذا المبدإ، إن اعتبر وجيها، فيما يتعلّقبالمتقاعدين دون غيرهم من أجراء الدولة وهو ما يعدّ تمييزا سلبيّا للمتقاعدين دون غيرهم وهو طبعا تمشّ غير مبرّروغير منصف ولا يمكن القبول به بالمرّة.
2.من ناحية أخرى، لعاقل أن يسأل إن كان ذلك المبدأ، ربط الزيادة في جرايات المتقاعدين بنسب النموّ والتضخّم، مبرّرا ومقبولا للمتقاعدين، فلماذا لا يعمّم العمل به على جميع أجراء الدولة بل قل على جميع الأجراء أي حتّى في القطاع الخاصّ؟ وإلى أن توافينا الحكومة صاحبة المقترح وكذلك المنظّمة الشغيلة التي لم نسمع لها إلى حدود هذه الساعة موقفا واضحا من هذا الشأن، بتفسير لازدواجيّة التعامل بخصوص تحديد قيمة الزيادات في أجور النشطين في القطاع العمومي من جهةوالمتقاعدين من نفس القطاع من جهة أخرى، يبقى التعديل المقترح مرفوضا.
3. قد تبرز الحاجة للزيادة في الأجور عامّة لأسباب متعدّدة ومختلفة، إلاّ أنّه في كلّ الحالات يترجم السعي لتلك الزيادة إرادة وحاجة لدعم وتحسين القدرة الشرائيّة للمواطنين أو محاولة لتدارك تدهورها. وبطبيعة الحال، سيؤدّي اعتماد المقترح بخصوص تحديد قيمة الزيادة في أجور الأجراء النشطين في القطاع العموميوفي جراية المتقاعدين منه، حتما إلى تفاوت في قيمة الزيادة لكلا الصنفين على حساب المتقاعدين، وهو ما يؤدّي بدوره مع مرور الزمن إلى تباين الفوارق في المقدرة الشرائيّة لهما دون مبرّر رغم تعرّض الجميع لنفس الصعوبات من غلاء المعيشة وتضخّم ونفس متطلّبات العيش وغيره. فلما التباين في الزيادات؟
4. تزداد حيرة المتقاعدين ويشتدّ رفضهم لتعديل الفصل 37 من هذا القانونلمّا اكتشفوا أنّ المقترح لا يضبط بدقّة كيفيّة احتساب، عمليّا، نسب النموّ والتضخّم مع اعتبار الزيادات المقرّرة إثر المشاورات الاجتماعيّة في ضبط الزيادة في جراية المتقاعدين. فبأيّ نسبوضوارب وطبق أيّ ضوابطتحتسب تلك النّسب في تحديد الزيادة؟ لقد ترك ذلك لتقدير مناسباتي وظرفي للحكومة القائمة حينها.وبطبيعة الحال، اعتبارا للوضع المالي العام للصناديق الاجتماعيّة ليس من الصعب التكهّن بالنزعة العامّة التي ستسود مثل تلك التقديرات، ستكون لامحالة في اتجاه الحدّ ولما لا التنقيص أكثر ما يمكن من دفوعات صندوق التقاعد أي من جرايات المتقاعدين وذلك هو الهدف الرئيسي والحقيقي من مراجعة هذا الفصل 37. وبذلك سيرى المتقاعد حتما مقدرته الشرائيّة في اهتراء مطّرد بقدر وبسرعة أكبر من نظرائه النشطين من أجراء الدولة.
5.أمّا فيما يتعلّق بإصلاح نظام التقاعد بصفة عامّةوالتي أصبحت متأكّدة ومستعجلة باعتبار الوضعيّة الماليّة للصناديق الاجتماعيّة، فمن الطبيعي أن تمرّ عبر مراجعة سنّ التقاعد والترفيعفيه وربّما الترفيع كذلك في نسب مساهمات كلّ من الأجير والمؤجّر، إلاّ أنّي أعتقد أنّه من الضروري أيضا السعي لإضفاء المزيد من الحوكمة الرّشيدة على التصرّف في المؤسّسات الاجتماعية المعنيّة ذاتها. وفي هذا الإطار، لا بأس أن يشمل ذلك، إعادة النّظر في أنظمة التقاعد الخاصّة السّخيّة بكلّ من السادة نوّاب الشعب وأعضاء الحكومةوالولاّة دون الإغفال عن مراجعة الامتيازات التي تمنحها الصناديق الاجتماعيّة للموظّفين والعملة التابعين لها.
في الختام، لا بدّ من التذكير بأنّ أنظمة الضمان الاجتماعي ومنها نظام التقاعد، تعتمد أساسا على مفهوم التضامن بين الأفراد من نفس الجيل وكذلك بين الأجيال بحيث يموّل النشيط جراية المتقاعد الذي كان موّل بدوره لمّا كان نشيطا متقاعدي الجيل الذي سبقه وهكذا تتواصل الحياة. وبدون شكّ يتعيّن الحرص على توازن ماليّة صناديق التقاعد، ربّما بمراجعة المساهمات ولكن حتما بإعادة النظر في سنّ التقاعد تماشيا مع تطوّر سنّ الأمل في الحياة، على أن يتمّ ذلك في كنف الإنصاف بين مواطني الجيل الواحد من مساهمين في الصناديق ومتقاعدين وكذلك بين الأجيال وهو ما لا يتوفّر في الفصل 37 المقترح إذ يعتمد مقاييس مختلفة لتحديد زيادات جرايات التقاعد من جهة وأجور النشطين من نفس القطاع من جهة أخرى، وهو ما يفضي حتما إلى مزيد تدهور المقدرة الشرائيّة للمتقاعد لا بالنسبة لارتفاع الأسعار و كلفة المعيشة فقط بل و حتّى بالمقارنة مع النشطاء من صنفه في ذات القطاع العمومي.
لتلك الأسباب الموضوعيّة يرفض المتقاعدون مشروع تعديل الفصل 37 من قانون التقاعد ويبقى أمل هؤلاء فيكم، السادة نواب الشّعب، كبير حتّى تتصدّوا للمشروع المقترحليبقىالفصل 37 على صيغته الحاليّة، وذلك من باب الإنصافوالعدل، العدل الذي كان ولا يزال وسيبقى للأبد أساس العمران، كما بيّنه منذ قرون ابن خلدون.
مواطن متقاعد*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.