ما انفك الانتقال الديمقراطي ببلادنا يعرف العثرات تلو الأخرى على خلفية ما تعرفه الساحة السياسية من «تشنج»، قاد البعض، في غياب الزعامات الفاعلة الى الحديث عن انقلابات، وأي انقلابات؟ فالمتهم رئيس الحكومة والضحية رئيس الجمهورية، وهي مفارقة عجيبة في نظام أقل ما يقال عنه أنه ديمقراطي، في أجواء انفلات سياسي كبير وضرب تحت الحزام، في المقابل بقي المواطن على الهامش، ان لم نقل آخر اهتمامات هذا الصراع.. وفي خضم تضييق الخناق على حركة النهضة (المتهمة بتفتيت النداء والاستفراد بيوسف الشاهد) بعد ظهور حكاية التنظيم السري، وحكاية التخطيط لاغتيال الباجي قائد السبسي والرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند، وحكاية التعويضات، وكذلك في خضم احياء الذكرى السادسة لأحداث الرش ومطالبة أهالي سليانة بمحاسبة المعتدين بات الحديث عن الانقلاب محل اهتمام الجميع، وهذه ليس ببهارات تحتاجها الساحة السياسية، بقدر ما هي مفهوم جديد أضيف للمشهد المتعفن، فهي «بوز» من نوع خاص يهدف اصحابه من ورائه الى تقديم خدمات لهذا الطرف أو ذاك.. ومن المضحكات المبكيات، أن الاحزاب تتصارع في ما بينها وتعمل جميعها على الاطاحة بالنهضة حيث يحتد الصراع في مربع الجبهة وحركة الغنوشي وفي الجهة المقابلة هناك من ينتظر الفرصة، وهناك من دخل هذا الصراع دون موجب وفي النهاية، فيما يغرق المواطن في هموم العيش، غلاء أسعار متواصل.. مقدرة شرائية مترهلة.. ووضع اجتماعي مختنق ومحتقن.. وحركة اقتصادية تسير بسرعة صفر كلم في الساحة، لا تفكر هذه الاحزاب من خلال هذه الصراعات الا في انتخابات 2019 التي انطلقت حملتها مبكرا جدا. لم تكف الهزات الاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها التونسي، ما بعد 14 جانفي 2011 فها أن ما سمي بالنخبة السياسية تزيده ألما بحرب الانتخابات وصراعاتها، وتشده الى الوراء بخلافات سياسية عقيمة لا تمت لواقعة بأية صلة ولا لوضع الناس، فالكل يخدم منظوريه وجماعته والأغلبية الساحقة تستعمل كحطب وقود لهذه الصراعات في صناديق الاقتراع، لذلك ما على التونسي الا معاقبة هذه الاحزاب، والوجوه التي لم تقدم له شيئا على امتداد سبع سنوات غير المناورات السياسية، والمهاترات..