وسط تباين للمواقف يتواصل الجدل ، في مشهد "ملتهب" ، حول التحوير الوزاري المرتقب الذي وان تأخر أكثر من اللزوم فانه مازال ضبابيا ، يلف مختلف جوانبه الغموض ، في ظل تناقض التصريحات وتتالي التسريبات التي "توزّعت" من خلالها الحقائب الوزارية و"حُسمت" قائمة المغضوب عليهم والراحلين على "هوى" هذا الطرف أو ذاك . مشهد ازداد غموضا ، مع تواصل "الصمت المطبق" لرئيس الحكومة يوسف الشاهد ،حول هذا التحوير منذ تصريحه انه "جاري التحميل" ، بما انه اختار مواصلة مشاوراته ومختلف اتصالاته بعيدا عن "الأضواء" دون توضيح خياراته ، ومنهجيته ، وهيكلته ، ولو خطوطه العريضة ،وهو ما زاد الغموض غموضا ، في ساحة محتقنة ومتأججة بطبعها ، لنعيش على وقع حروب كلامية ازدادت "اشتعالا". ويبدو ان العملية الارهابية الغادرة والجبانة بالشارع "الرّمز" ، لم تُعد السياسيين المتصارعين على السلطة ، والمتكالبين على "الكراسي" الى رشدهم،فلا هم عدّلوا "بوصلتهم" ، ولا قدموا تنازلاتهم ، ولا تخلّصوا من "انتهازيتهم" ، مراعاة لمصلحة هذا الوطن الذي "يئنّ" ... التجاذبات التي خلنا انها ، على الأقل "ستخفت" تزايدت ، والاتهامات المتبادلة احتدّت ، ودماء المصابين لم تجف بعد، تواصلت "العربدة" والمناورات ، وحتّى "استعراض العضلات" على المنابر و"البلاتوات" ، في مشاهد سقطت من خلالها "ورقة التوت" عن الجميع ، مهما ادّعوا من وطنية ، وابتعادهم عن الأجندات الحزبية... لم تتوقف الصراعات والمهاترات والمناوشات ، حكومة ومعارضة، صباحا مساء وحتى يوم الأحد ، وبعد "صحفة العسل" بدا لافتا ان الصراعات وحرب البيانات اشتدت ،أكثر من أي وقت مضى ، بين الحزبين الحاكمين ، حركة النهضة التي تسعى الى "تحجيم" حليف الأمس القريب"نداء تونس"، و"النداء" الذي اتهمها ب"الانقلاب" مُسارعا بقطع "حبل الود" معها ، ودعوته الى تشكيل حكومة دون الحركة ، التي حكم معها منذ انتخابات 2014 . وفي ثنايا هذا التطاحن ،لابد انه يتعيّن على يوسف الشاهد مواصلة مشاورات وترتيبات التحوير الوزاري المرتقب ، بعيدا عن مثل هذه "النوايا المبيتة" ، والألاعيب "المكشوفة" ، لانه لا نجاح لتحوير يهندس خيوطه "المتربّصين" ، ولا توفيق لتشكيلة حكومية يفرضها "الطّامعين" ، ولاشك ان الفشل الذريع سيكون مآل "تركيبة" تدخّل في منح حقائبها "المتآمرين". رئيس الحكومة اليوم ، يجب أن يظل "تحويره" بعيدا عن معركة "كسر العظم" بين حليفي الماضي ، بعيدا عن "الخطوط الحمراء" لحركة النهضة ، بعيدا عن شروط "نداء تونس" ، بعيدا عن مساومات بعض الأطراف ، بعيدا عن كل ترضيات ومحاصصات ، بعيدا عن تأثيرات كل "ليّ ذراع" ، بعيدا عن كل "الشبهات" ، بعيدا عن مختلف أشكال "الانقلابات" و"الشقلبات" . انه تحوير "خطير" ،خطورته تكمن في توقيته ، الذي يأتي بعد عملية ارهابية غادرة وجبانة غير مسبوقة ،أزمة سياسية تراوح مكانها ،وضع اجتماعي محتقن ،مؤشرات اقتصادية مخيفة وغير مطمئنة ،وهو ما يعني ان كل مواصلة في نفس الخيارات ، نفس الأساليب ، نفس البرامح ،نفس الفلسفة ،نفس النفس ، قد يؤدي الى نفس النتائج ، ليتواصل "الغرق" ، في وقت تحتاج فيه البلاد الى سياسة انقاذ حقيقية ، بعيدا عن الأساليب الاستعراضية والأجندات الانتخابية . وضع حساس ودقيق ، يقتضي من يوسف الشاهد ، "التدبير" ، قبل "التكوير" ، و"التحوير" ، وحتى "التدوير".