الحجاج يتوافدون إلى مكة وسط تدابير مشددة ودرجات حرارة مرتفعة    شهداء وجرحى جراء استمرار القصف الإسرائيلي على غزة    بطولة ليل روك الامريكية للتنس - عزيز دوقاز يتوج رفقة الفرنسي انطوان ايسكوفيي بلقب مسابقة الزوجي    كأس المغرب : تأهل نهضة بركان بقيادة معين الشعباني إلى الدور ربع النهائي بفوزها على الكوكب المراكشي 3-0    بداية من اليوم: انطلاق امتحانات الدورة الرئيسية لبكالوريا 2025..    المرتفع الافريقي في تونس خلال شهر جوان..وهكذا ستكون الحرارة أيام عيد الاضحى..#خبر_عاجل    البكالوريا: 88 تلميذا من قرى 'اس او اس' يجتازون اختبارات الدورة الرئيسية    فيديو مشحون في بوديوم الكأس: رئيس الملعب التونسي يرفض مصافحة الكنزاري والأخير يدفعه    عاجل/ مقتل تونسي على يد جاره الفرنسي..وهذه التفاصيل..    بولندا: فوز القومي كارول نافروتسكي بالانتخابات الرئاسية    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    نابل: غرق شاب في قربص والعثور على كهل مشنوقًا في بئر بورقبة    أريانة: انقطاع في توزيع المياه بهذه المناطق من معتمدية سيدي ثابت    أجواء احتفالية خاصة بعيد الإضحى .. عادات وتقاليد صامدة... رغم الغلاء    بن عروس ..الأضاحي أسعارها من نار .. الحلّ في مقاطعة «علوش» العيد    الترجي الرياضي التونسي يتسلّم رمز كأس تونس لكرة القدم    أيمن بوغطاس ...الهيئة جاهزة لتنظيم الانتخابات البلدية    انتخاب محسن الغرسي عميدا جديدا للمهندسين    في زيارة لجنة العلاقات الخارجية الى بوشبكة وحيدرة..دعوات إلى تطوير البنية التحتية للمعابر    أخبار الحكومة    وزير الشؤون الدينية: وفاة حاج تونسي في البقاع المقدسة    رجة أرضية قبالة سواحل هرقلة    قربص.. وفاة شاب غرقا    دعوة الى حظر منتجات التبغ المنكهة    وزارة الصحة تقدّم نصائح للوقاية من التسمّمات الغذائية في فصل الصيف..    تونس بوركينا فاسو في رادس...مقابلة ودية بنوايا «ثأرية»    المعهد الوطني للتراث يعلن اختتام الحفريات الاركيولوجية السابعة لموقع "ثوبوريو مايوس" بولاية زغوان    المنستير: يوم إعلامي تحسيسي بجمال حول مخاطر نبتة الشويكة الصفراء الغازية وطرق التوقّي منها ومكافحتها    الصيدليات تشرع في اعتماد توقيت العمل الصيفي بداية من 1 جوان الى 31 أوت المقبل    نابل: تضرر مساحات من الطماطم بسبب انتشار الفطريات وتقديرات بتراجع الصابة بنسبة تناهز 40 بالمائة    وفاة 22 رياضيا في حادث تحطم حافلة شمال نيجيريا    عروس برازيلية تثير الجدل بعد وصولها لحفل زفافها بسيارة جنازة.. والسبب أغرب من الخيال!    قفصة تكرّم "شيخ الأدباء "عبد العزيز فاخت    يوم 30 جوان آخر أجل للمشاركة في جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية    قابس: انطلاق فعاليات الدورة السادسة للمهرجان الدولي للسينما البيئية    عاجل : إحباط محاولة استغلال حاملي تأشيرات الزيارة لأداء الحج بدون تصريح بمكة    إطلاق المرحلة التجريبية لتطبيق رقمي جديد لمراقبة وتركيز السخانات الشمسية في تونس    عزيز دوقاز يطارد اللقب في نهائي زوجي بطولة ليتل روك الأمريكية    مقتل شخصين واعتقال 500 آخرين في فرنسا خلال احتفالات فوز سان جيرمان برابطة الأبطال    حملة جهوية استثنائية للنظافة بولاية تونس    اليوم الأحد: دخول مجاني للمتاحف والمواقع الاثرية والمعالم التاريخية    جماهير الملعب التونسي.. «البقلاوة» عتيدة والكأس لن تُغادر باردو    أحوال طقس اليوم الأجد    كأس العالم للأندية – لوس أنجلوس الأمريكي يُكمل عقد مجموعة الترجي الرياضي    اندلاع حريق في مستشفى بألمانيا يودي بحياة 3 مرضى وإصابة العشرات    انهيار جسر لحظة مرور قطار شحن عبره في مقاطعة كورسك الروسية    أولا وأخيرا .. الضربة الساكتة    ''السوشيال ميديا خطيرة''...نوال غشام تحذّر من انهيار الذوق الفني!    منوبة: مصالح الفلاحة والتجهيز تقوم بمسح أكثر من 280 كلم من المسالك الفلاحية استعدادا لتأمين موسم الحصاد    بالفيديو: تعرف على كيفية إحياء التكبيرات أيام الحج وفضلها    د. كشباطي: المشي والسباحة مفيدان لمصابي هشاشة العظام    مُنتشرة بين الشباب: الصحة العالمية تدعو الحكومات الى حظر هذه المنتجات.. #خبر_عاجل    الموافقة على لقاح جديد ضد "كورونا" يستهدف هذه الفئات.. #خبر_عاجل    صادم/ معدّل التدخين المبكّر في تونس يبلغ 7 سنوات!!    دعاء الجمعة الأولى من ذي الحجة    أسماء أولاد وبنات عذبة بمعاني السعادة والفرح: دليلك لاختيار اسم يُشع بهجة لحياة طفلك    السوشيال ميديا والحياة الحقيقية: كيف تفرّق بينهما؟    منبر الجمعة ..لبيك اللهم لبيك (3) خلاصة أعمال الحج والعمرة    









ممنوع من الحياد: هل الديموقراطية بفرنسا في خطر؟
نشر في الصباح يوم 04 - 12 - 2018

«قليل جدا ومتأخر جدا» trop peu trop tard … هكذا رد الكثير من الفرنسيين على ما آلت إليه احتجاجات «السترات الصفراء» التي دخلت أسبوعها الثالث دون مؤشر على قرب انتهاء الأزمة التي تأججت في مختلف أنحاء فرنسا على الترفيع في أسعار المحروقات والضرائب وهي تكاد تكون من الأسباب التي ما انفكت تؤجج التحركات الاجتماعية في العالم وتدفع إلى تكريس القناعة بأن العدالة الاجتماعية لا تزال هدفا منشودا وأن ما حصل منذ أسابيع في فرنسا يؤكد أن العالم مقبل على تحولات غير مسبوقة وأنه لا أحد بما في ذلك أعتى الديموقراطيات بمنأى عن الغضب الشعبي.. المشهد القادم من فرنسا وتحديدا من قلب العاصمة باريس كان أقرب إلى ساحة حرب وللأسبوع الثالث على التوالي تتحول المواجهات بين أصحاب «السترات الصفراء» وبين قوات الأمن إلى معركة مفتوحة تابع خلالها العالم حجم الغضب الشعبي لدى فئة من الشارع الفرنسي الذي تحول الى حرق ونهب وتشويه للمعالم واعتداء على الملك العام، مشهد صدم فئة واسعة من الفرنسيين ولكن أيضا الرأي العام الدولي الذي يرى في فرنسا عنوان القيم الإنسانية والحريات منذ الثورة الفرنسية.. الرئيس الفرنسي ماكرون العائد لتوه من قمة مجموعة العشرين حيث التقى القادة الكبار وبعد أن اعتمد خطابا جافا ومتجاهلا لتحركات «السترات الصفراء» عاد أمام تعقيدات المشهد ليدعو إلى تغليب الحوار والبحث عن قنوات للتواصل مع المحتجين الذين استطاعوا وخلال مدة وجيزة أن يدفعوا باتجاه تحول التحركات الاحتجاجية التلقائية إلى حراك يتنظم ويتحول الى قوة رفض شعبي عبر المواقع الاجتماعية وتنظيم التحركات في الشارع والأرجح أن ما ساعدهم في ذلك الصمت الرسمي وغياب الإرادة السياسية في تطويق الاحتجاجات قبل امتداد العدوى الى مختلف أنحاء فرنسا لتتجاوز الحدود إلى دول أوروبية عاشت على وقع صدامات مماثلة في ايطاليا وبلجيكا ...
ويبدو أن الإعلام الفرنسي بدوره الذي بدا وكأن الأحداث تجاوزته عاد لمتابعة المشهد الفرنسي ومحاولة فهم ما يحدث وطرح المبادرات الكفيلة بوقف نيران الاحتجاجات حتى أن بعض المنابر الإعلامية الفرنسية لم تتوان في مقارنة ما يحدث في فرنسا مع ما حدث في تونس قبل سبع سنوات بعد أن امتد الغضب الشعبي من الجهات المهمشة إلى العاصمة لتنتهي بسقوط نظام بن علي ...
قد يكون من السابق لأوانه قراءة ما سيؤول إليه المشهد في فرنسا وما يمكن للرئيس الشاب ايمانويل ماكرون تقديمه في هذه المرحلة لخصومه من أقصى اليمين الى أقصى اليسار الذين لم يغفروا له فوزه في الانتخابات الرئاسية وتوقعوا له أن يصطدم بالواقع الاجتماعي الفرنسي بالنظر إلى افتقاره للتجربة والخبرة السياسية ولكن أيضا بالنظر الى عدم وجود حزب سياسي حوله يكون حزامه السياسي ويدفع بخياراته وإصلاحاته.. وقد بدأ الحديث في فرنسا عن كلفة أحداث العنف والتدمير التي طالت قوس النصر والمعالم التي تسجل معها الأحداث التاريخية لفرنسا الحرية والعدالة والديموقراطية وهي المعالم التي تظل قبلة السياح والزائرين من مختلف أنحاء العالم لا سيما في مثل هذا التوقيت مع اقتراب موسم الأعياد وما يمثله في ميزان السياحة الفرنسية وانتعاشة التجارة.. وهي بالتأكيد كلفة لا يستهان بها بلغة الأرقام وما ستستوجبه من إصلاح ما دمر وأحرق ولكن الأكيد أن الكلفة السياسية وتداعيات هذه الأحداث على المشهد الفرنسي وعلى ما سينتظر الرئيس الشاب قد يكون أثقل بكثير قبل طي صفحة أسوأ الاحتجاجات الفرنسية منذ عقود ..
حتى الآن لا يبدو أن السلطات الفرنسية حسمت الأمر بشأن إعلان حالة الطوارئ كما طالبت بذلك نقابات أمنية سقط في أيديها الأمر ولم تتمكن من التصدي للتحركات العنيفة التي سادت الاحتجاجات والتي كشفت عن الوجه الآخر لفرنسا في غضبها الذي لا يستكين والذي يبدو أيضا أنه أعجز وزير الداخلية المعين حديثا كريستوف كاستانير حيث لا يبدو أن الغازات المسيلة للدموع وخراطيم المياه البارد نجحت في إخماد التحركات.. وفي انتظار تطورات الأحداث يجد رئيس الوزراء ادوارد فيليب نفسه في المواجهة أمام اختبار عسير بعد أن وجد خصوم ماكرون من أقصى اليمين بزعامة مارين لوبان إلى أقصى اليسار بزعامة ميلونشون لتبني الدعوات برحيل ماكرون واللجوء الى استفتاء الشارع على مستقبل الديموقراطية ..
ما حدث ويحدث في فرنسا ليس استثناء فرنسيا وسبق لولايات أمريكية أن عرفت احتجاجات مماثلة حتى وان لم تستمر طويلا وحدث الأمر ذاته في اليونان وفي اسبانيا وفي البرتغال.. وفي كل مرة كان السؤال يطرح كيف يحدث هذا في الديموقراطيات العريقة حيث تسود مؤسسات الدولة وحيث القانون سيد المشهد.. والحقيقة ان ما يحدث في فرنسا اليوم يستحق الدراسة فالديموقراطية يمكن أن يمتد لها الضعف وتأتي عليها مراحل من الوهن والانتكاس والكساد والكلمة المفتاح في كل ذلك تظل حتما العدالة الاجتماعية التي بدونها لا يمكن لأي ديموقراطية أن تصمد وتنتعش.. ربما لا يمتلك الرئيس الفرنسي الشاب ما يكفي من الخبرة لاستباق الأحداث وتجنب الاسوأ، وربما أيضا لم يسبق لماكرون أن عاش الظروف القاسية للكثير من مواطنيه ولم يدرك بالتالي معنى الحرمان والخصاصة وهو ما جعله بعيدا عن نبض الشارع الفرنسي الذي لم ينتبه اليه كثيرا الإعلام الفرنسي.. والأرجح أن ماكرون والمحيطين به سيبحثون عن بدائل لتجاوز الأزمة الراهنة وربما يتجهون للبحث بين المهاجرين والفرنسيين من أصول مغاربية وعربية وافريقية ما يفتدون به الأخطاء السياسية والخيارات الإصلاحية المرفوضة لتحميلهم وزر الغاضبين بمزيد القوانين التي تعرقل الحصول على التأشيرات وتمنع استقبال المهاجرين وتفاقم الضغوطات عليهم وتضيق أمامهم الخيارات.. فرنسا الديموقراطية العريقة أمام خيارات مصيرية واختبارات معقدة تنتظر حتما غيرها من الدول الأوروبية... فليس صدفة أن تتزامن هذه الأحداث مع صعود موجة اليمين المتطرف في أوروبا ومع تحذيرات الرئيس الأمريكي بعد دعوة فرنسا إلى ضرورة التأسيس إلى قوة عسكرية أوروبية مشتركة... وسيكون لزاما الآن على ماكرون الانتباه إلى البيت الفرنسي المتصدع قبل الانتباه الى ما يحدث خارج الحدود ...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.