بدأت التحركات الندائية تتكثف استعدادا للمؤتمر الثاني للحزب والمقرر إجراؤه خلال شهر مارس القادم... استعدادات الندائيين انطلقت عبر توزيع الانخراطات، حيث علمت "الصباح" أن عددا من رجال الأعمال بجهة سوسةوالمنستير بالإضافة إلى عدد من الشخصيات السياسية بالقيروان وأريانة ومنوبة وتونس العاصمة قد اقتنوا عددا كبيرا منها وقاموا بتوزيعها على مقربين منهم. مسألة تأكدت بعد ما تردد عن إتلاف حزب "نداء تونس" لأكثر من 20 ألف انخراط، بسبب ما قيل عن وجود "خطأ أثناء الطبع"، وقد تكفلت لجنة الهياكل - حسب المعطيات المتوفرة لدينا - من التدخل للحيلولة دون تسرب انخراطات قد تضرب مصداقية المؤتمر. وحسب معطيات أخرى، فقد قام صاحب مؤسسة اقتصادية بشراء عدد كبير من الانخراطات وتوزيعها على عمال مؤسسته وأقربائه، وقد تكثفت عملية اقتناء الانخراطات لتبلغ اكثر من 90 ألف انخراط. رقم سيكشف عنه الندائيون أواخر الشهر الحالي، وهو مرتفع جدا مقارنة بالوضع الهش الذي يعيشه الحزب نتيجة أزماته المتكررة والتي بلغت مداها بانفجار على مستوى الكتلة لتتراجع الى المرتبة الثالثة بعد ان كانت أغلبية نيابية ب85 مقعدا في انتخابات 2014 حيث تقلص العدد إلى 40 نائبا رغم التعزيزات الحاصلة بعد عملية الاندماج مع الاتحاد الوطني الحر. ارتفاع شراء الانخراطات أكده رئيس الكتلة النيابية سفيان طوبال والذي اعلن صراحة أثناء حضوره على أمواج إذاعة "شمس اف ام" ان الحزب سيفاجئ التونسيين بعدد الانخراطات الموزعة. كما كشف طوبال ان هناك "عركة داخل الجهات من أجل الانخراطات"، الأمر الذي يدفعنا إلى التساؤل عن حقيقة عدد منخرطيه في وقت تأكدت فيه للرأي العام حالة التشظي الحاصلة للندائيين وقواعدهم بعد الإعلان عن المشروع السياسي المحتمل لرئيس الحكومة... مشروع اقتسم فيه يوسف الشاهد و"نداء تونس" التركة السياسية وخزان انتخابات 2014 وحتى الخزان الانتخابي للانتخابات البلدية من الندائيين. واقع الانخراطات والتي تبقى "أم المعارك داخل أي تنظيم"، قد تعرف مداها في "نداء تونس" مع انطلاق الانتخابات المحلية والجهوية، حيث ستتكثف الطعون في القائمات الفائزة جهويا ومحليا، وهي في الواقع قائمات ستكون قريبة إلى رجال أعمال وشخصيات سياسية فاعلة داخل النداء، بما يعنيه ذلك من إعادة إنتاج لذات المشهد السياسي الحالي في الحزب من خلافات تماما كما حصل خلال مؤتمر سوسة 2016. ويبدو أن المال السياسي في الانتخابات الداخلية وأشغال المؤتمر عموما سيكون له التأثير الواضح، حيث وحدهم "أثرياء القبيلة" قادرون على اقتناء أكثر من 100 انخراط للشخص الواحد كما حصل بجهة المنستير والقيروان مثلا وهو ما سيفقد الانتخابات بعدها الديمقراطي أوّلا، وعنصر المفاجأة ثانيا. إعادة إنتاج ذات القيادات يعني بالضرورة إعادة إنتاج فشل الحزب أشهرا قليلة قبل الانتخابات التشريعية والرئاسية، فواقع المؤتمر لا يكمن في تجديد قيادات الصف الأول بل هدفه الأساسي "شرعنة" وجود المدير التنفيذي حافظ قائد السبسي... حافظ الذي بات محاطا بلعنة التوريث، التي لم يستطع الرجل التخلص منها رغم البرباغندا التي اعتمدتها قيادات ندائية للترفيع من شأنه كفاعل سياسي حقيقي وحي. والواقع ان ظل الباجي قائد السبسي هو تلك ''الشرنقة'' المحيطة بحافظ ليتحول معها المدير التنفيذي الى "فراشة" ترتع في مزرعة واسعة. هكذا أمر رفضه القيادي بنداء تونس عن جهة المنستير وعضو اللجنة الوطنية للهياكل الأستاذ نور الدين التليلي والذي اعتبر ان كل ما قيل عن شراء الانخراطات وتوزيعها بشكل مواز للهياكل عار من الصحة. وأوضح التليلي في تصريح ل"لصباح" ان عدد الانخراطات الموزعة الى حد الآن نحو "100 ألف انخراط، حيث تم إسناد ما بين 3000 و4000 انخراط لكل ولاية (24) بالإضافة الى توزيع الانخراطات في الخارج كما قمنا بإضافة نحو 12 الف انخراط". وبشأن إتلاف عدد كبير من الانخراطات، أكد التليلي "أنه وقع التخلي عن 20 ألف استمارة انخراط بعد اكتشاف خلل فيها بعد الطبع". وبخصوص طريقة توزيع الانخراطات استعدادا لأشغال المؤتمرات المحلية والجهوية ورفضا لأي شبهة شراء انخراطات خارج أطرها القانونية، قال التليلي "إن كل انخراط موزع يضم بالضرورة 3 إمضاءات محليا وجهويا واللجان الجهوية المستقلة لإعداد المؤتمر ، كما ان الانخراط شخصي والانخراطات لا تعطى بالجملة". وختم التليلي بالقول ان "نداء تونس" حزب اجتماعي وسطي تقدمي ولن يخضع لرجال الأعمال كما يروج البعض، وأكد أن من يتورط في مثل هذه الأمور من شراء للأصوات أو المال السياسي، فان المؤتمر سيقول فيه كلمته وسيتم الحسم فيه خاصة في ظل التناغم الواضح بين مختلف الهياكل المؤمنة بضرورة تجاوز أي خلاف والعودة الى البناء الصلب والمتين وفق الرؤى التي حددها الرئيس المؤسس الأستاذ الباجي قائد السبسي والذي نتبنى خياراته حيث لا ولاء إلا للوطن". فهل ينجح النداء في بناء حزب متماسك؟ أم سيكون مؤتمره الثاني مجرد رقم يضاف لمسيرة الحزب؟ كيف سيتعاطى الندائيون مع المدير التنفيذي انتخابيا، وهل ان نجاح حافظ قائد السبسي مسبقا سيضعه في مقدمة المترشحين للانتخابات الرئاسية؟ خليل الحناشي