بلغ السّيل الزُّبى ولم يعٌد الوضع يحتمل لمئات الآلاف من التلاميذ الذين وجدوا أنفسهم رهينة بين الوزارة وسلطة الإشراف لتشهد بذلك أمس مختلف معاهد الجمهورية «انتفاضة» للتلاميذ سٌميت بيوم ل«الغضب» احتجاجا على قرار الجامعة العامّة للتعليم الثانوي القاضي بمقاطعة امتحانات الثلاثي الثاني، بعد أن حرموا خلال الثلاثي الأول من أبسط حقوقهم حيث غابت هذه الامتحانات في زحام التجاذبات ومعارك كسر العظام بين نقابة التربية وسلطة الإشراف. انتفاضة كانت متوقّعة بالنظر الى ان شبح السنة البيضاء بات يهدّد جديا هذه السنة الدراسية في ظل تواصل «حوار الطرشان» بين الجامعة العامّة للتعليم الثانوي ووزارة التربية وفي ظل انعدام أي بوادر جدية لتطويق الخلاف رغم أهمية وحساسية الملف. بالأمس توسّعت رقعة الاحتجاجات التلمذيّة وطالت مختلف معاهد واعداديات الجمهورية على غرار ولاية تونس والضاحية الشمالية للعاصمة وباجة ونابل والقصرين وصفاقس وبنزرت والمنستير ومدنين الخ.. من مختلف ولايات الجمهورية، حيث خرج التلاميذ في مسيرات تلمذية احتجاجا على بقاء دار لقمان على حالها معبرين عن «غضبهم وحيرتهم في ظل غموض مستقبلهم الدراسي» بسبب تواصل أزمة التعليم الثانوي لا سيما انه لم يبق الكثير في عمر السنة الدراسية. ولئن تتباين وتختلف أشكال الاحتجاجات -سواء كانت داخل المؤسسات التربوية أو في شكل مسيرات -فان الإجماع كان حاصلا على أن مستقبلهم أضحى على المحك، مطالبين في السياق ذاته بضرورة حل أزمة التعليم الثانوي في أقرب الآجال وعدم الزج بهم في خلافات تتجاوزهم، علاوة على تمكينهم من حقهم في إجراء الامتحانات. علما أن مدير عام التعليم الثانوي في وزارة التربية حاتم عمارة كان قد أكد أمس في ندوة صحفية عقدت بالمركز الوطني لتكنولوجيات التربية، أن إمكانية التدارك مازالت ممكنة قائلا: «دخلنا المنطقة الحمراء وإذا لم يتم إجراء فروض المراقبة خلال 4 أسابيع فإن الوضع سيكون كارثيا». لا سبيل لسنة بيضاء وأكد عمارة أنه لا سبيل لسنة بيضاء في المدارس الإعدادية والمعاهد الثانوية خلال السنة الدراسية الجارية، مبرزا سعي الوزارة إلى إيجاد الحلول والإمكانيات التي تراعي مصلحة التلميذ وتضمن الاستقرار والمناخ التربوي وتخرجه من وسط حلقة التجاذبات بين الوزارة والجامعة العامة للتعليم الثانوي. وقال: «لن نتجه إلى سنة بيضاء بما أن الوزارة والجامعة العامة للتعليم الثانوي حريصتان على تجاوز الأزمة وإيجاد حلول قد تأتي في غضون الساعات أو الأيام القليلة القادمة، ترضي كل الأطراف». داعيا الطرف النقابي إلى القبول بالمقترحات التي تقدمت بها الوزارة والمضي في السنة الدراسية ومواصلة التفاوض بشأن المسائل التي تتجاوز قدراتها. لكن لا يبدو أن الحلول قد تأتي في غضون الساعات القادمة بعد أن شرعت ظهر أمس الجامعة العامة للتعليم الثانوي في تنفيذ اعتصام مفتوح بالمقر المركزي لوزارة التربية، لمطالبة الحكومة بالجلوس إلى طاولة المفاوضات. وأورد الكاتب العام للجامعة العامة للتعليم الثانوي، الأسعد اليعقوبي، في كلمة مقتضبة تم بثها على الصفحة الاجتماعية الرسمية للنقابة «الفايسبوك» إن «الدخول في اعتصام مفتوح يهدف إلى إلزام الوزارة والحكومة ببدء التفاوض مع الجامعة للنظر في مطالب المربين»، معتبرا أن الجامعة «فرض عليها الدخول في الاعتصام بالمقر المركزي للوزارة بالنظر إلى تعنت الوزارة». ودعا اليعقوبي الهياكل النقابية لقطاع التعليم الثانوي بتونس الكبرى إلى الالتحاق بالاعتصام، مؤكدا أن الجامعة تطمح من خلال تحركها الاحتجاجي إلى فرض الحل والتفاوض على الوزارة والحكومة بما يلبي مطالب الأساتذة. رسائل خطية تجدر الإشارة إلى أن محمود مفتاح رئيس المنظمة التونسية للتربية وللأسرة قد أورد أمس في تصريح لموقع «آخر خبر اونلاين» أن المنظمة ستوجه رسائل خطية للرؤساء الثلاثة للتدخل العاجل وحل الأزمة الحاصلة بين وزارة التربة والجامعة العامة للتعليم الثانوي. وبدورها حذرت الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ من شبح السنة البيضاء. فقد اعتبر رئيس الجمعية رضا الزهروني، في تصرح لراديو شمس اف ام، أن شبح السنة البيضاء موجود، منتقدا تعطيل الدروس ومحملا مسؤولية تردي الأوضاع الدراسية وأزمة التعليم الثانوي إلى كل المسؤولين قائلا: «إن التلاميذ يعيشون في دوامة اليوم ويتعرضون للإهانة وفقدوا التركيز بسبب الصراع بين وزارة التربية والجامعة العامة للتعليم الثانوي»، مشيرا إلى انه يحترم مطالب الأساتذة لكنه يرفض طريقة المطالبة بتجسيد حقوقهم، ومشددا على أنه ليس من حقهم تعطيل سير السنة الدراسية.. في الخضم لا يسعنا إلا التأكيد على أن الوضع ينبئ باشتعال جميع الأضواء الحمراء ومن هذا المنطلق فان الجميع مدعوّ وأكثر من أي وقت مضى إلى الجلوس على طاولة المفاوضات وتطويق الخلاف سريعا لان الوضع فعلا لم يعد يحتمل ...