تونس الصباح في نشرة الثامنة من مساء أول أمس الجمعة 4 جويلية بثت أخبار قناة تونس 7 مشهدا مفزعا يتمثل في صورة شاب يحتضر داخل سيارته التي اصطدمت بعمود كهربائي في طريق المرسىتونس . كان المشهد مرعبا وغريبا ولم نعهده لا في قنواتنا فحسب بل وحتى في القنوات الاجنبية. فمشهد السيارة "محتضنة" للعمود الكهربائي مشهد عادي وتعودنا عليه وطالبنا ببّث مثل تلك المشاهد التي تؤثر في سائقي السيارات ومستعملي الطريق وتساهم ولو لمدة في الحّد من حوادث المرور .لكن مشهد الشاب وهو في حالة احتضار تجاوز الحّد المسموح به إنسانيا وأخلاقيا..ولا نظن أنه سيدخل في إطار التحسيس والتوعية..فالمشهد فظيع بل أكثر من ذلك ومن المؤكد أنه سيزيد من لوعة وألم الأم والزوجة والقريب والقريبة...والأكيد أن المشهد لن يمحي من ذهنية هؤلاء بل من ذهنية كل من شاهد تلك الصورة. إن الحملات والومضات التحسيسية والتوعوية الخاصة بسلامة المرور والوقاية من حوادث الطرقات تم تناولها في كم من ندوة وملتقى بل أن الجمعية التونسية للوقاية من حوادث الطرقات نظمت منذ سنوات ليست بالبعيدة ندوة كاملة مخصصة للومضات الاشهارية التحسيسية, وتمت مناقشة محتوى هذه الومضات وهل من الضروري بث ومضات تصدم المشاهد بصورها الفظيعة أم الاكتفاء بومضات أخف, وتمّ تدارس هذه الإمكانيات والنظر في تجارب بعض الدول الأوروبية والعربية. وكان الإجماع وقتها على تأثير الومضات العنيفة التي تظهر القتلى والمصابين وضحايا حوادث المرور وأهميتها في التحسيس والتوعية والحد من الحوادث..ولكن ليس الى حد بث لقطة احتضار بتلك القسوة والفضاعة ودون تحذير للمشاهدين . فالمشهد السابق لتلك اللقطة والخاص بحادث الطريق الوطنية رقم واحد بمنطقة حاسي الجليدي من ولاية مدنين والمتمثل في اصطدام سيارة أجرة وشاحنة ثقيلة والذي ذهب ضحيته 9 أشخاص على الأقل..وبالرغم من فضاعة الحادث فان الصور التي تم بثها معقولة وذات مغزى وهدف والاكيد ان المتفرج والسائق سيتأثر بصور سيارة الأجرة وهي تكاد تسوّى مع الارض والدماء تغطي جزء كبيرا منها..كما أن بعض الصور والمشاهد التي بثت سابقا لحوادث مرور تظهر فيها بعض الجثث من بعيد وهي مغطاة بلحاف أبيض مقبولة ويمكن أن يكون لها تأثير ايجابي وتساعد على التاثير في السواق للانتباه واحترام قواعد المرور ...وتلعب دورها وتؤدي هدفها..لكن صورة الاحتضار غير مقبولة بالمرة على الأقل إنسانيا وأخلاقيا وكان على تلفزتنا تجنب بثهّا.