تونس-الصباح: حاولت المداخلات المعروضة يوم أمس، خلال الندوة العلمية التي انتظمت ببادرة من الجمعية التونسية للوقاية من حوادث الطرقات ومعهد الصحافة وعلوم الإخبار تحت محور دور الإعلام في الحد من حوادث الطرقات، وضع الإصبع على مواطن الداء أو المعوقات التي تحول دون اضطلاع وسائل الإعلام بدور في الوصول إلى التقليص من عدد حوادث المرور في بلادنا والتي وصفها الدكتور صلاح الدين الدريدي الاستاذ الجامعي ومدير عام الإعلام بوزارة الإتصال بالأرقام الكارثية جراء هول نسبها ونوعيتها ومخلفاتها... منذ البداية وانطلاقا من مقارنة بسيطة بين احصائيات عدد الحوادث لسنتي 1997 و 2006خلص الدكتور صلاح الدين الدريدي خلال مداخلته التمهيدية للندوة العلمية،إلى نتيجة موضوعية بالنظر إلى الدلالات التي حملتها هذه المقارنة،وهي أن الإعلام للأسف لم يضطلع بأي دور في التصدى لمعضلة حوادث المرور لأن الحوادث لم تتقلص وحافظت على نفس الوتيرة (حوالي 11 ألف حادث سنة 97 والعدد ذاته تم تسجيله خلال سنة 2006). تؤكد هذه النتيجة من جهة محدودية دور مختلف وسائل الإعلام في معاضدة مجهود الحد من حوادث المرور وتبرز من جهة أخرى وجود صعوبات واخلالات لا تجعل الإعلام فاعلا في مجال حوادث الطرقات. نجد في مقدمة العراقيل التي تحد من فاعلية وسائل الإعلام في الحد من الحوادث والقضاء على أسبابها، نوعية وصعوبة الموضوع في حد ذاته الذي يتصل بالعمل على تغيير السلوكات وما يتطلبه ذلك من فنيات الاقناع والرغيب والترهيب... ويشير المحاضر صلاح الدين الدريدي إلى أن دراسات سابقة اثبتت جملة من السلوكات غير القويمة لدى التونسي في علاقته مع الطريق التي تعتبر علاقة متوترة أساسا تضاف إليها عديد العوامل السلبية الأخرى من بينها التقدير الخاطئ لمفهوم الحادث والإعتقاد السائد لدى أغلب السواق أن ارتكاب المخالفة لا يؤدى إلى الحادث هذا إلى جانب الانفعال والاستعجال الدائم الذي يميز تعامل التونسي مع السيارة ومع الطريق... والدور المطلوب هنا من وسائل الإعلام تعدى دور الإعلام من أجل الإخبار إلى الإعلام من أجل التربية والتوعية والتحسيس والتثقيف والتأثير في السلوكات...إلخ الكم على حساب الكيف غير أن الاستاذة حميدة البور اثبتت في مداخلتها حول «دور وسائل الإعلام المكتوبة في الحد من حوادث الطرقات» أن نجاح الإعلام في الاضطلاع بدور التأثير والتربية تغيير السلوكات غير متاحة اليوم في ظل التناول الإعلامي للمسألة المرورية والذي يتسم بتغليب الكم على حساب الكيف بمعني غياب عمق التناول وتنويعه واثرائه الاكتفاء بالاخبار وسرد الإحصائيات والخسائر - التي اعتبرها الاستاذ محمد شلبي غير مؤثرة في المتلقى لأنها من تحصيل الحاصل لديه- والاقتصار على مناسبات معينة للتطرق لموضوع حوادث الطرقات .. من المعوقات الأخرى التي تحد من دور الإعلام في التوقي من حوادث المرور والتي تطرق لها المشاركون في الندوة نذكر كذلك غياب المقاربة المخصصة واغفال عامل القرب في تناول موضوع حوادث المرور وخاصة في الإعلام الجهوي (الإذاعات خاصة) إلى جانب محدودية وغياب الإعلام الجمعياتي ...تطرق البعض أيضا إلى السهو على تمرير بعض النماذح السيئة في وسائل الإعلام وخاصة عبر المسلسلات على غرار تمرير مشاهد لبطل مسلسل ما أثناء قيادة السيارة دون وضع حزام الأمان... تطوير مضامين الومضات تم التركيز أيضا على غياب الحرفية وسطحية التناول أحيانا في الومضات التحسيسية حول خطورة حوادث المرور التي تبث عبر شاشة التلفزة وتمت الدعوة إلى مراجعة والعمل أكثر على محتوى ومضامين هذه الومضات التحسيسية إلى جانب تسخير المزيد من الامكانيات في هذا السياق والإيمان بدور وفاعلية الومضة الاشهارية وقدرتها على التأثير إذا ما توفرت على قدر من الحرفية والجودة ... تمت الدعوة كذلك إلى ضبط أهداف معينة يراد بلوغها في التعامل مع موضوع حوادث المرور كتحديد عدد ونسبة معينة من الحوادث يجب تقليصها سنويا وأشار الأستاذ محمد الشلبي في هذا الإطار إلى غياب هدف محدد اليوم وإلى بقاء الحديث عن الحد من حوادث الطرقات بصفة عامة مما قد لا يتيح عملية تقييم مجهود ومستوى نجاح الإعلام والهياكل الأخرى في تقليص حوادث الطرقات...