- كان يستعد لتجنيد 1000 شاب لزرعهم في "الأجهزة الأمنية" و500 في "الحماية المدينة" - حاسوبه يحتوي على دروس في "صنع المتفجرات" و"التجسس" واستمارات للمشرفين على الرياضات القتالية! داخل مقرّ وزارة الداخلية وفي آخر مكان يُفترض أن تُخفى فيها أدلّة أو براهين أي جريمة، تم اكتشاف مجموعة من الوثائق الخطيرة والصادمة، وثائق تتعلّق بتهديدات صريحة للأمن القومي وتدفع ب «تراجيديا» الأحداث المأسوية التي شهدتها البلاد بعد الثورة الى ذروتها.. وثائق، تسجيلات، اعترافات، محجوزات، كلّها بدأت في تفكيك ألغاز عمليتي الاغتيال وغيرهما من الاحداث التي طالت مؤسسات سيادية، من اختراقات، الى عمليات تنصّت ودورات تدريبية على التجسّس! ذلك ما تؤكّده جملة من الوثائق التي تم حجزها ب»الغرفة السوداء» بوزارة الداخلية وقدّمتها هيئة الدفاع عن الشهيدين البراهمي وبلعيد في ندوتها نهاية الأسبوع المنقضي بولاية المهدية. معلومات على درجة من الخطورة والأهمية بدأ القضاء التحرّي والتقصّي بشأنها رغم أن هيئة الدفاع تطالب بأكثر جدّية في التعاطي القضائي مع هذه المعطيات الأخيرة.. ومع كل وثيقة قدّمتها هيئة الدفاع انكشفت وتفجّرت حقائق ومعطيات جديدة وبرزت تقاطعات بين أحداث مختلفة مكانيا وزمانيا.. فما كشفته هيئة الدفاع عن مصطفى خضر المتهم من طرفها – وفق ما تسنّى لها من معطيات - بقيادة «التنظيم السرّي» لحركة النهضة والذي ترجح هيئة الدفاع أن تكون له علاقة بقضية اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمّد البراهمي، سلّط الضوء مرّة اخرى على «علاقة مفترضة» بينه وبين حركة النهضة حيث قدّمت الهيئة في ندوتها الأخيرة البنية الهيكلية للجهاز السرّي للحركة ولأذرعه وذلك وفق الوثائق التي تم ضبطها بوزارة الداخلية وتم حجزها من طرف قاضي التحقيق بالمكتب 12 . وقد كشف الأستاذ سهيل مديمغ في حوار ل»الصباح» حقائق صادمة أكّدتها الوثائق التي كانت «مخفية» في وزارة الداخلية وحجزها وعاينها بعد ذلك القضاء. حقائق صادمة يؤكّد عضو لجنة الدفاع عن الشهيدين الأستاذ سهيل مديمغ أن علاقة مصطفى خضر بحركة النهضة «ثابتة ولا يمكن التصديق انها علاقة عابرة أو عرضية، علاقة تتجاوز حدود الانتماء الى الاشراف على الجهاز الأمني والتنسيق الوثيق بين أعلى هرم الجهاز ممثّلا في راشد الغنوشي والذي يضطلع بدور مدير الجهاز وبين بقية المشرفين على «الشعب» وهذا المصطلح هو مصطلح مشرقي بالأساس لأن الاختصاصات بالجهاز مستلهمة من توجّهات اخوان مصر».. ويضيف مديمغ «خضر أشرف على تأمين مؤتمر حركة النهضة 2012 وأعدّ تقارير أمنية فيها ملخّص أعمال الاشراف على المؤتمر وقد وثّقها وسلّمها الى أعلى هرم هذا الجهاز وأعلى هرم هنا هو مدير الجهاز السرّي للحركة والذي تبيّن بشكل قاطع أنه راشد الغنوشي». ويضيف سهيل مديمغ «نتبيّن أن دوره ووجوده كان مؤثّرا وصانعا للأحداث حيث أثبتت الوثائق التي تم حجزها بالغرفة السوداء بالداخلية أنه كانت لديه معطيات أكيدة حول مسائل أمنية لا يمكن أن تتداول بصورة طبيعية أو عادية منها أن هذا الجهاز أسّس إدارة تُشرف على 4 أجهزة تنصّت (تهتم بالتنصّت على شخصيات سياسية وأحزاب ومقّرات مختلفة) وقام بإنشاء ورشة تقنية للإشراف على اختصاص نوعي في اختراق المؤسسات.. وبين الوثائق كان هناك تقرير حول اختراق المؤسسة الأمنية وهذا التقرير يُفيد بأنه كانت هناك محاولات سابقة لعدم وجود عدد كاف من الشباب وكذلك لغياب التخصّص وضعف الموارد المالية، مقابل ذلك كانت هناك معطيات لإعداد وتجنيد 1000 شاب للأجهزة الأمنية و500 شاب في «الحماية المدنية». وتجهيز هذا الجهاز وبناؤه استغرق سنوات 2011 و2012 والى نهاية ديسمبر 2013 تاريخ اكتشاف وثائق «مدرسة تعليم السياقة» التابعة لمصطفى خضر بالمروج، وفق ما أكّده محدّثنا الذي يضيف «ولكن نحن نملك معطيات بأن البناء الهيكلي للجهاز لم يكتمل رسميا في ابان تلك المدّة.» بالنسبة لحاسوب مصطفى خضر يقول سهيل مديمغ «قاضي التحقيق بالمكتب 12 والذي ينظر في ملف اغتيال الشهيد محمّد البراهمي تأكد بعد المعاينة والاختبارات المنجزة من وجود عدّة معلومات تتعلّق ب»فنّيات صناعة المتفجّرات» وكذلك اعلانات لدورات تدريبية حول تقنيات التنصت والاختراق، وكذلك عمليات تهريب لبضائع مشبوهة بأسماء المورّطين فيها، كما يحتوي الحاسوب على استمارات للمشرفين على الرياضات القتالية». كما أضاف مديمغ «أنّه تبيّن وجود وثيقة لدى مصطفى خضر حول نتائج مراقبة لعديد المنازل بجهة باردو وعمليات مراقبة لسيارات إدارية واحدة من بينها تابعة لرئاسة الحكومة.. كذلك تبيّن وجود وثيقة لديه تثبت خضوع هاتف الشهيد شكري بلعيد لعملية تنصت وهذه الوثيقة تؤكّد على وجود اتصالات بين الشهيد ووزير الدفاع آنذاك عبد الكريم الزبيدي والذي هو اليوم وزير دفاع»، مضيفا أن كل هذه «العمليات كانت تُجرى من قبل الأعضاء حسب «الشعب» أو كذلك بالتعاون والتنسيق مع الجهاز السرّي لحركة الإخوان المسلمين بمصر، ومن بين هذه الشعب نجد شعبة «جمع مصادر المعلومات» و»شعبة سرّية المعلومات» و»شعبة العلاقات الاستخباراتية» و»شعبة الحرب النفسية والشائعات» و»شعبة المصادر المفتوحة»... اختراق الجهاز الأمني ويعتبر الأستاذ سهيل مديمغ أن أخطر وثيقة تم الحصول عليها هي وثيقة «اختراق الجهاز الأمني «.. ويضيف الأستاذ مديمغ» الإشكال أنه رغم كم المعطيات والحقائق المفزعة الاّ أن تعاطي القضاء ما زال بطيئا مع كل المستجدات، أنا أشبّه الأمر بشخص ما كان يقود سيّارة وفي الصندوق الخلفي للسيارة هناك جثّة وهناك كمية من المخدّرات وهناك مسروق ولكن يتم إيقافه على خلفية ارتكابه لمخالفة سرعة فقط».. ولكن الأستاذ سهيل ميدمغ يؤكّد على أنه بتاريخ 11 فيفري المنقضي وجّه قاضي التحقيق بالمكتب 12 اعلامات حول مجموعة من الجرائم التي تم اكتشافها بعد حجز وثائق وزارة الداخلية من خلال توجيه تهم وفاق اجرامي يشكل اعتداء على امن الدولة وان الوثائق الموجودة بحوزة مصطفى خضر هي وثائق مسروقة من وزارة الداخلية، وكذلك بخصوص جريمة القتل التي وقعت بمنزل بوزلفة أين تم اخفاء أبو عياض بعد هروبه من جامع الفتح حيث ثبت من الوثائق أن مصطفى خضر كان على بينة من كل ذلك، وكذلك بشأن الوثيقة التي تمت حيازتها ضمن وثائق خضر والتي تؤكّد أن من اغتال شكري بلعيد طلب 300 ألف دينار». شكاية ضد 26 قياديا في النهضة وحول مدى خشية هيئة الدفاع عن الشهيدين على حياة مصطفى خضر داخل السجن، أكّد الأستاذ سهيل مديمغ أن الهيئة تخشى بالفعل على حياة مصطفى خضر وتطالب بتأمين حمايته الجسدية، كما أشار إلى أن مصطفى خضر تم استدعاؤه أكثر من مرّة من طرف قاضي التحقيق وهيئة الدفاع عنه تطلب التأخير، ويضيف «تأخير غريب وغير مبرّر»... وحول سؤال عما إذا كانت هناك معلومات ومعطيات جديدة قدّ تورّط قيادات بارزة في المشهد السياسي، أكّد سهيل مديمغ أن هناك قيادات من الصف الأوّل في حركة النهضة تلاحقها اتهامات صريحة في هذه القضية ويقول «نحن تقدّمنا كهيئة دفاع بشكاية ضدّ 26 قياديا في حركة النهضة وعلى رأسهم راشد الغنوشي وننحن ننتظر أن تستجيب النيابة العمومية لطلبات الدفاع على خلفية المعطيات والمستجدات الجديدة». كما أشار الأستاذ مديمغ إلى أن وزير الداخلية الحالي هشام الفوراتي مورّط في القضية كشريك ولو بصفة لاحقة بتستّره وانكاره المتعمّد وتضليله لنواب مجلس الشعب عندما أظهر ذلك المحضر بتاريخ 20 ديسمبر على أنه محضر تأمين محجوز في علاقة بما وُجد من وثائق في الغرفة السوداء بينما لا يوجد أي محضر تأمين لمحجوز والمحضر الذي أظهره هو محضر احتفاظ بمصطفى خضر. الآلة العجيبة.. اختفت؟ كان مصطفى خضر يستعمل آلة كبيرة الحجم مثبّتة بمحرّك ميكانيكي يستعملها ليلا لإتلاف وثائق وفق شهادة الشاكية ألفة لدى باحث البداية، وبعد استدعاء المُشتكى به مصطفى خضر لاستفساره حول «الآلة الكبيرة» الذي بدت عليه ملامح الخوف والارتياب عند استفساره وقام بإجراء عدّة مكالمات هاتفية، وفق رواية هيئة الدفاع للأحداث استئناسا بمحضر الاستماع إلى المُشتكى به. وفي شهادته ادّعى مصطفى خضر أنه صنع الآلة مع صديقه لاستغلالها في تنقية الغازات المحترقة (السؤال ماذا يفعل مدرّب تعليم سياقة بآلة تنقية غازات محترقة؟) وقد حاول التملّص من التنقّل مع الأعوان وبعد رضوخه للأمر تنقّل مع الفرقة الامنية.. ليتم اكتشاف أمر في غاية من الغرابة بالنسبة لمدرّب تعليم سياقة السيارات! فعندما حلّت الفرقة الأمنية بالمكان اكتشفت فعلا وجود آلة غريبة بالمكان.. كانت «آلة يدوية الصنع بها شمروخ من الحديد متصلة ميكانيكيا بمحرك ميكانيكي متوسط الحجم متصل به قضيب حديدي أسطواني الشكل سعته حوالي عشرة صنتم متصل بدلو بلاستيكي مملوء بالماء»، وفق ما تم ذكره في المحضر المحرّر في الغرض، لكن السؤال الذي بقي معلّقا: هل تم تأمين هذه الآلة وحجزها، وسبب وجودها عند مصطفى خضر، والاهم أي دور كانت تقوم به هذه الآلة؟ لكن ما تم اكتشافه لاحقا أكثر غرابة حيث أكّد الأستاذ سهيل مديمغ أن التحرّيات أثبتت أن هناك علاقة بين الدغسني وهو أحد أصهار راشد الغنوشي ومصطفى خضر والآلة العجيبة التي اختفت من المحجوزات ولا يعلم أحد مصيرها . منية العرفاوي