6 ماي 2019 تمضي سنة على تنظيم الانتخابات البلدية التي حلم من خلالها التونسيون بإرساء تجربة الحكم المحلي، لكن يبدو ان هذا الحلم في طريقه الى التبدد بعد ان طالته عدوى الصراعات السياسية التي اخترقت جزءا من المجالس البلدية قبل ان تنطلق فعليا في العمل. الخلل التشريعي والصراعات الايديولوجية والانفراد بالرأي هي أبرز الاسباب التي تقف وراء نزيف الاستقالات حسب ما اكده خبراء في الحكم المحلي. والى غاية يوم أمس يتم تسجيل رابع استقالة جماعية في منظومة الحكم المحلي في تونس... رقم مرشح للارتفاع بسبب ضعف الخبرة في ادارة الشأن البلدي، وقد شملت هذه الاستقالة الأخيرة 20 عضوا بالمجلس البلدي بسكرة من ولاية اريانة من أصل 36 عضوا، حيث قدموا استقالة جماعية الى والي الجهة بسبب خلاف متجدد مع رئيسة البلدية حول اساليب التصرف بالمرفق البلدي وانعدام الحوار بينها وبين بقية اعضاء المجلس. عضو المجلس البلدي بسكرة ياسين سلامة أكد ل «وات» ان «المجلس البلدي يعد منحلا بعد مرور 15 يوما من تاريخ تقديم الاستقالة الجماعية» ليفسح المجال اثر ذلك الى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لتحديد موعد اعادة اجراء الانتخابات الجزئية بالدائرة البلدية بسكرة وموعد تقديم الترشحات. وحسب المتحدث فإن «اعضاء المجلس البلدي بسكرة قدموا العديد من التنازلات في سبيل مواصلة العمل في كنف التشاركية في أخذ القرار لكن رئيسة البلدية أبت إلا الاستبداد بالرأي في كل ما يتعلق بالتصرف الاداري والمالي وحتى في تحديد الجلسات والتدخل في أعمال اللجان مما أحدث مناخا من التشنج صلب المجلس البلدي وتسبب في تعطل العديد من المشاريع والبرامج التي كان يمكن ان تستفيد منها منطقة سكرة ومتساكنيها» حسب تعبيره. جدير بالذكر ان «الصباح» كانت قد حضرت منذ أشهر قليلة ندوة صحفية لأعضاء المجلس البلدي بسكرة انتظمت بنقابة الصحفيين التونسيين، أكد خلالها الحضور أن رئيسة البلدية فيروز بن جمعة أقدمت على إعفاء كل من رئيس الدائرة البلدية ببرج الوزير ورئيس الدائرة البلدية المنتزه من مهامهما «زيادة على انفرادها بالرأي واتخاذها لقرارات تهم المنطقة البلدية دون الرجوع الى المجلس». أول تجربة ديمقراطية محلية الخبير في الحوكمة والتنمية المحلية، حاتم المليكي أكد انه خلال الخمس سنوات القادمة ستتالى الاستقالات لان تونس تعيش اول تجربة ديمقراطية محلية وكذلك لوجود خلل تشريعي يتمثل في اصدار مجلة الجماعات المحلية بعد اجراء الانتخابات البلدية ولتأخر إصدار الاوامر الحكومية المتعلقة بمجلة الجماعات المحلية ما تسبب في حصول لخبطة لدى أعضاء المجالس البلدية على مستوى تفسير مقتضيات القانون. ومنذ نحو اسبوعين شهد المجلس البلدي بباردو استقالة جماعية قدمها 18 عضو وعلى هذا الاساس أعلن والي تونس الشاذلي بوعلاق يوم 23 افريل الجاري بصفة رسمية حل المجلس البلدي بباردو اضافة الى استقالات جماعة ببلدية العيون من ولاية القصرين وببلدية سوق الجديد من ولاية سيدي بوزيد. لإيقاف هذا النزيف من الاستقالات، دعا الخبير في الحوكمة والتنمية المحلية حاتم المليكي الى ضرورة التسريع بتغيير النصوص القانونية القديمة لأنها كانت سببا في عدم توفر الاستقرار التشريعي زيادة عن الافتقار الى كفاءات عالية في ادارة الشأن المحلي ما جعل من نقاشات وحوارات اعضاء المجالس البلدية مطبوعة بالتشنج بسب سوء فهم لتوزيع الادوار خاصة بين رئيس البلدية واعضاء المجلس البلدي. وفي نفس السياق شدد المليكي على ضرورة مراجعة سريعة للقوانين التي تهم العمل البلدي مثل مجلة التهيئة الترابية والتعمير ومجلة المحاسبة العمومية الى جانب توضيح العلاقة والادوار بين ممثلي السلطة المحورية والمجالس البلدية. من جانبه أكد نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر على وجود تخوفات بسبب الاستقالات صلب عدد من المجالس البلدية التي من شأنها التأثير مباشرة على جهود الهيئة المركزة أساسا على الاعداد للاستحقاقات الانتخابية الوطنية الكبرى من انتخابات تشريعية ورئاسية، معلقا بقوله «يبدو ان عدوى الخلافات السياسية طالت المجالس البلدية». وحسب نائب رئيس هيئة الانتخابات فانه تم تحديد روزنامة لتنظيم انتخابات جزئية في كل من بلدية باردو في 14 من جويلية القادم وفي بلدية سوق الجديد بسيدي بوزيد في 26 ماي المقبل في حين لم تحدد الهيئة بعد روزنامة الانتخابات الجزئية بالنسبة لبلدية العيون من ولاية سيدي بوزيد نتيجة صدور حكم قضائي عن المحكمة الادارية بإيقاف التنفيذ. وبالنسبة لبلدية سكرة لم تتلق الهيئة بعد مراسلة من الوالي بخصوص استقالة اعضاء المجلس البلدي. وقد نص الفصل 205 من مجلة الجماعات المحلية على ان العضو بالمجلس البلدي يقدّم استقالته لرئيس البلدية الذي يعرضها على المجلس البلدي في أول اجتماع يعقده لمعاينتها، ويتمّ إعلام الوالي المختص ترابيا بذلك، ما عدا حالات استنفاذ سد الشغور وفقا للقانون الانتخابي ينحلّ المجلس البلدي بالاستقالة الجماعية أو بالاستقالة المتزامنة لأغلبية أعضائه التي توجّه إلى الوالي المختص ترابيا. ويعتبر المجلس البلدي منحلا بانقضاء 15 يوما من تاريخ إعلام الوالي. ويتولى الوالي إعلام كلّ من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والمجلس الأعلى للجماعات المحلية بكل حالات الشغور والانحلال. جهاد الكلبوسي