لاتزال الخلافات قائمة بين شقي حركة "نداء تونس". فبعد أن تم الحسم في مسائل تهم الشرعية، جاءت معركة المقر المركزي لتعيد أهم حزب سياسي الى الواجهة، لا كقوة انتخابية بل بسبب الاختلاف بشأن أحقية أي من شقيه وأولويته في النشاط داخل المقر بمنطقة البحيرة. ولا يزال البحث متواصلا عن "مفتاح الدار الكبيرة" الذي ضاع بين جهة الحمامات وبين المنستير ليؤكد كل من الطرفن أولويته في الاحتفاظ بمفتاح المقر. حيث ترى مجموعة الحمامات أولويتها بالشرعية على حساب شق حافظ قائد السبسي، بعد أن أنصفتهم وزارة حقوق الانسان بإسناد القانونية والشرعية لشق سفيان طوبال وعبد العزيز القطي وهو ما يعني أحقيتهم قانونا في المقر المركزي للحزب. وقد أصدرت المجموعة بيانا تقدمت فيه لكافة مناضلاتها ومناضليها بالتهنئة بالنجاح الكامل لمؤتمرهم، مؤتمر «الإصلاح والالتزام»، وتتويج ذلك بالإقرار "القانوني لمخرجاته الشرعية بما يدعو الجميع إلى الالتفاف حول القيادة الشرعية للحزب والتوجه للعمل ورص الصفوف انجاحا للمواعيد القادمة وفتح الأبواب لكل من يريد الالتحاق والنشاط صلب الحركة من أجل القطع مع حالة العطالة التي كانت عليها هياكل الحزب واستعدادا لمحطة الانتخابات التشريعية والرئاسية التي ستكون محطة مفصلية في مسار الانتقال الديمقراطي في بلادنا". وقد اعتبرت مجموعة الحمامات قرار الوزارة "تأكيدا لاحترام مؤسسات الدولة وهياكلها لعلوية القانون وسيادة القرار". هكذا قرار رفضته مجموعة المنستير التي عنونت رفضها ببيان ممضى من طرف رئيس اللجنة المركزية حافظ قائد السبسي جاء فيه: "ان ما قام به السيد فاضل محفوظ أستاذ القانون والمحامي قبل أن يكون وزيرا من توظيف الادارة هو انحياز بالسلطة لمصالح حزبية ضيقة وسابقة خطيرة لا تليق به على كل حال كعميد سابق، إن انسياقه وراء تنفيذ تعليمات محرضيه وتدخله المنحاز في التلاعب بنزاع لا دخل له فيه بشهادته ضمن هذه المراسلة لتصفية حسابات ضيقة بهدف نصرة طرف على آخر وذلك خدمة لمن بقي وراء الستار ليدير لعبة قذرة ستمس من نزاهة المسار الديمقراطي وفق مخطط دبر بليل لن يمر على عموم الشعب التونسي والحساسيات السياسية الوطنية الصادقة". ولَم تكن مجموعة المنستير بمعزل عن موقف القيادي السابق رضا بلحاج الذي دخل على خط الازمة ليبدي رأيه في مسألة الشرعية والمقر حيث اعتبر "أن اعتراف الوزير المكلف بالهيئات الدستورية وحقوق الانسان الفاضل محفوظ بشق نداء تونس سفيان طوبال توظيف من الادارة لمصالح حزبية ضيقة وسابقة خطيرة خاصة عندما تصدر من عميد للمحامين ومتحصل على جائزة نوبل للسلام الذي من المفروض أن يدافع عن دولة القانون والمؤسسات وحياد الإدارة". وذكّر بلحاج في تدوينة نشرها على صفحته بموقع فايسبوك بأن موقفه واضح من أول وهلة وأنه يعتبر أن مؤتمر المنستير لم يكن ديمقراطيا وأن طرفي النزاع انقلبا على بعضهما بطريقة غير شرعية وأن كليهما لا يمثل النداء الحقيقي واشار إلى أن الخلافات الداخلية للأحزاب لا تبت فيها مصالح الإدارة وإنما القضاء وأن ذلك ما سبق لنفس الوزارة أن عبرت عنه كتابة." وفِي ذات السياق قال عضو المكتب السياسي للنداء شق المنستير نور الدين التليلي "ان المقر مسوغ من قبل الرئيس المؤسس للحزب والذي منحه المؤتمر الأخير المنستير صفة المرجع وفوض له في نظامه الداخلي وقانونه الأساسي تقديم قائمة اسمية وهو ما تم بالفعل حيث مد الرئيس الحزب شق المنستير بقائمة تضم 12 حزبا وهو ما أنهى وحسم أمر الشرعية داخل نداء تونس". وأضاف التليلي "وإذا رأى الشق الثاني عكس ذلك فما عليه الا التوجه للقضاء ضد الرئيس المؤسس باعتباره المسوغ الاصلي للمقر حتى يتسلمه من عنده قضائيا وهو ما يعتبر تشكيكا في شخصه الموثوق قانونيا وأخلاقيا واعتباريا". ودعا التليلي الى الاستئناس برأي القاضي الإداري عماد الغابرى الذي قال انه ' لا سلطة الرئيس الحكومة والهياكل التابعة لها لتحديد الشرعية القانونية للأحزاب بل الأمر يرجع للقضاء صاحب الاختصاص"، وواصل المتحدث قائلا "فقد سبق للوزير محمد الفاضل محفوظ الرد على رضا بلحاج بتاريخ 27 مارس 2019 حول نفس الموضوع – أي موضوع المقر - وقد اجابه الوزير فاضل محفوظ حينها بأن "هذه المسائل تتعلق بالتسيير الداخلي للحزب وهي تخرج عن الصلاحيات المخولة قانونيا للإدارة -اَي لوزارة محفوظ - ووفقا لمقتضيات المرسوم 87 لسنة 2011 المتعلق بالأحزاب السياسية فان القضاء هو الفيصل لحسم الخلاف ". وتساءل التليلي "كيف لوزير ان يقدم موقفين متناقضين لنفس الخلاف القانوني"، وخلص المتحدث الى انه "تبين التوظيف السيء لأجهزة الدولة لغايات وأهداف واضحة، اولها استهداف الرئيس المؤسس وقطع الطريق أمام ترشحه لعهدة ثانية ومنها اللعب على توتير المناخ بين الرئاسة والحكومة بعد دعوة الرئيس لرفع التجميد عن الشاهد وخصه المكتب السياسي شق المنستير ببيان يدعو فيه رئيس الحكومة الالتحاق بحزبه وهنا تتضح النية لضرب منظومة الحكم الحالي الممثلة في رأسيها الباجي والشاهد وتأسيس تحالف يميني فيه تحيا تونس المشروع وشق الحمامات." وفي محاولة منا للاستئناس برأي مجموعة الحمامات بخصوص أحقيتها في المقر، اتصلت "الصباح" بكل من سفيان طوبال وأنس الحطاب وعبد العزيز القطي الا انه تعذر عليهم الرد على هذه المسألة. خليل الحناشي