- قضية البنك الفرنسي "سيست".. وأطراف حاقدة مارست ضغطا على القضاة - المشهد تهيمن عليه وجوه التحيل والفشل - المشهد السياسي مستقبلا سيكون أكثر انحطاطا ورداءة - "الحراك" مشروع حالم ومحاصر - "اللوبيات" ومراكز النفوذ سبب ضعف الحكومات المتعاقبة أكد وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية الأسبق والقيادي في حزب «الحراك» سليم بن حميدان في حوار ل»الصباح الأسبوعي» أنّ قضية البنك الفرنسي التونسي قد سُيست وأنّ القضاة الذين تعاطوا مع الملف تنقصهم الخبرة الكافية في ملف شديد التعقيد. كما قال بن حميدان إنّ المشهد السياسي سيكون شبيها أو أحط في رداءته من المشهد الحالي الذي تهيمن عليه وجوه التحيل والفشل، وأضاف في ما يهمّ ترشح المرزوقي للرئاسية أنه على شبه يقين من تجدد دعم الماكينة الانتخابية التي دعمته سابقا في رئاسيات 2014 وسيكون المرزوقي الأجدر والأوفر حظا من بين جميع المتنافسين على رئاسة البلاد.. وفي ما يلي نصّ الحوار. * بقيت قضية البنك الفرنسي التونسي تلاحقك، ماهي آخر أطوارها؟ - القضية تهم وثيقة «صلح» أمضاها مستشار مقرر بنزاعات الدولة دون علمي وإذني وأنا الذي بادرت بإعلام النيابة العمومية بهذا التجاوز لكن التوظيف السياسي والقصف الإعلامي والمغالطات قد يكون لها تأثير على مجريات التحقيق والاتهام بغاية التغطية على سوء التصرف في البنك الفرنسي-التونسي BFT والذي استفادت منه لوبيات فساد نافذة إلى الآن وعلى أية حال فإن القضية لا تزال في طور الاتهام وأنا على ثقة من أن المحاكمة ستكون منصفة وستحدد المسؤوليات بكل دقة. أما بخصوص القضية التي رفعتها ضد كرشيد في الثلب والشتم إثر اتهامه الكاذب لي في حوار أجرته معه إحدى الصحف اليومية عقب صدور قرار تحكيمي دولي في جويلية 2017 بتحميل الدولة التونسية المسؤولية في النزاع التحكيمي ضد شركة ABCI، فلم يتم النظر في أصل الدعوى حتى نتحدث عن ربح وخسارة حيث تجنبت المحكمة الخوض فيه ورفضت الدعوى شكليا لبطلان الإجراءات تعليلا منها بأنه كان علينا اتهام مدير الصحيفة أيضا إلى جانب الصحفي المحاور. وهذا تعليل غير مقنع لأن هذه الجرائم قصدية ولم يصدر عن الصحفي المحاور ما يمكن اعتباره ثلبا او شتما والقضية الآن منشورة أمام محكمة التعقيب. مع العلم أن المشتكى به (كرشيد) قد تراجع عن اتهامه لي شخصيا مبررا موقفه (بأنه لم يقصد شخصا بعينه) وأتحداه اليوم أن تكون له شجاعة الاتهام الشخصي المباشر. * هل تعتبر أن القضية قد سُيّست؟ - نعم سيست قضية البنك الفرنسي-التونسي وخاض فيها من هب ودب دون دراية حتى بتاريخ النزاع وذلك في إطار الحرب على الترويكا وسعيا لتشويه الشرفاء حتى يخلعوا عنهم رداء النزاهة ونظافة الأيدي في أعين الناس فيستووا معهم في الفساد أما عن القضاء فيمكن القول إن القضاة الذين تعاطوا مع الملف تنقصهم الخبرة الكافية في ملف شديد التعقيد وله أبعاد داخلية ودولية كما لا أستبعد وقوعهم تحت الضغط الإعلامي الذي مارسته أطراف سياسية حاقدة ومورطون حقيقيون في نهب البنك وتدميره وكل من سعينا لإدراجه ضمن المشمولين بمرسوم مصادرة الأملاك عدد 13 ل14 مارس 2011 وعددهم يفوق الثلاثمائة شخص. * كيف تقرأ المشهد السياسي والحزبي خاصة بعد ولادة حزب «تحيا تونس»؟ - حزب الشاهد هو محاولة بهلوانية مضحكة لتجميع شظايا حزب الباجي الذي انكشف للناس بمن فيهم أنصاره وناخبوه تحيله وفشله بهدف خداعهم مرة ثانية. والدليل هو وجوه الفشل المكونة له والتي لم تعرف نجاحا أو كفاءة اللهم إلا في ربطات العنق وسوائل ترطيب الشعر ومساحيق الوجه والتبلعيط التلفزيوني. وسيكون لهذا الحزب الذي يسميه التوانسة تندرا «تعيا تونس» مستقبل شبيه بحزبه الأم لأن نفس المقدمات تؤدي إلى نفس النتائج. وسيكون المشهد السياسي مستقبلا أكثر انحطاطا ورداءة من الوضع الحالي الذي تهيمن عليه وجوه التحيّل والفشل و»التفشليم» المنبثقة من أكاديمية حزب التجمع المنحل والانتهازيين الذين وصلوا إلى الحكم بالمال الفاسد والإعلام المأجور والتحالفات المافيوزية. * هل تُحمّل المسؤولية للمعارضة في هذا الفشل في تغيير الأوضاع؟ - من هي المعارضة أولا؟ لقد رأينا أحزابا حاكمة تقول بأنها لا تحكم وهي مفارقة عجيبة يمكن تفسيرها بخصوصية الوضع الانتقالي حيث تتنازع الحكم «لوبيات» ومراكز نفوذ ظاهرة وخفية وهو سبب ضعف الحكومات المتعاقبة رغم أن بعضها تمتع بأحزمة سياسية واسعة. في قناعتي، ان تغيير الأوضاع نحو الأفضل لن يكون الا في ظل حكومة قوية تجعل أولى أولوياتها المكافحة الحقيقية للفساد وتفكيك شبكاته ويسندها حزام سياسي واسع يوفر لها هدنة اجتماعية تقطع مع ظواهر البلطجة النقابية والإعلامية حتى نتفرغ جميعا للإصلاحات الهيكلية والعمل والاستثمار. * هل هذا ممكن في ظلّ ما يروج عن عزوف التونسيين عن المشاركة في الانتخابات؟ - ظاهرة العزوف موجودة وهي طبيعية في ظل ظروف الإحباط السائدة والتي تم التخطيط لها بهدف ترذيل الديمقراطية تمهيدا لإسقاطها وعودة المنظومة القديمة. المال الفاسد هو صانع هذا الإحباط والعزوف بتمويله للأحزاب الفاسدة والإعلام الهابط والجمعيات المشبوهة ومؤسسات سبر الآراء الموجهة ذات الهدف الربحي المحض. دليل أن المال الفاسد هو سبب كل البلاء وعلى رأسه الإرهاب هو أنه ظل الجهة الوحيدة التي لم يصبها العزوف السياسي حيث تجد الفاسدين من أصحاب الثروات يتنقلون من حزب إلى آخر ويتنافسون في شراء ذمم النواب والمثقفين والإعلاميين خدمة لمصالحهم الشخصية و»اللوبيات» التي يرتبطون بها في الداخل والخارج. * أين حزب «الحراك» في هذا المسار؟ - «الحراك» هو نواة حزبية لمشروع شعب المواطنين الذي ينادي به الرئيس المرزوقي ونلتقي معه لتجسيده في الواقع. «الحراك» هو اليوم مشروع حالم ومحاصر ولكننا نتفاجأ كل يوم بإصرار مناضليه القدامى وبتوافد شخصيات وطنية مثقفة وشبابية جديدة ترى فيه الصدق والأمل والروح النقية التي حلقت بثورتنا في سماء العرب. نحن اليوم أيضا نواة للمجلس العربي كإطار شعبي عربي وحيد منظم وداعم لمسارات الحرية والكرامة في الوطن العربي. * في حالة ترشّح الدكتور منصف المرزوقي هل تعتقد أنه قادر على مواجهة «الماكينة» الانتخابية الحالية؟ - لم يعلن الدكتور المرزوقي عن ترشحه بعد، وقد يفاجئ الجميع بقرار غير متوقع لأن الذين يرهبونه، رفاقا وخصوما، لا يعرفون حقيقة شخصيته وعمق نظرته الاستشرافية للسياسة وحركة التاريخ. وفي حال قراره الترشح فأنا على شبه يقين من تجدد دعم «الماكينة» الانتخابية التي دعمته سابقا في رئاسيات 2014 باعتبار رصيد الثقة المطلقة الذي يحظى به لدى أنصارها ونظرا لكفاءته وسمعته وعلاقاته الدولية الكبيرة والواسعة فضلا عن توقع تصويت أعداد كبيرة من التونسيين الذين انكشف لهم عاريا في واضحة النهار الظلم الكبير الذي سلّطه عليه منافسوه حيث ولع أغلبهم في عرضه وروجوا ضده الأكاذيب والإشاعات الدنيئة. * هل سيكون قادرا على المنافسة؟ - سيكون المرزوقي في اعتقادي الأجدر والأوفر حظا من بين جميع المتنافسين على رئاسة البلاد لاعتبارات التاريخ والكفاءة والظرف السياسي الذي يقر الجميع، فاعلين ومراقبين، الى أنه سيتجه طبيعيا نحو التصويت العقابي للرداءة الحاكمة حيث سيعاقب فيه شعب المواطنين اللصوص والأفاكين الذين ارتقوا إلى الحكم بالتحيل والمال الفاسد والعمالة لمحور الشر العربي. * ألا تعتقد أنّ مواقف المرزوقي أثرت عليه وعلى حزبه «الحراك»؟ - أعتقد أنّ مصلحة البلاد التي ينبغي أن تكون في الأصل والمنطق المعيار الموضوعي في فرز المتنافسين ترجح كفة المرزوقي لما حققه خلال فترة رئاسته من مكاسب وطنية بفضل الاحترام الذي يحظى به على الصعيد الدولي وعلاقاته الخارجية المتينة مع كبار قادة العالم السياسيين والفكريين حيث تمكن من إقناع فرنسا وألمانيا بتحويل جزء كبير من ديونهما إلى استثمارات وتركيا بدعم لوجستي لجيشنا الوطني في إطار حربه على الإرهاب. كما تلقى وعدا من الكويت بتمويل مشروعه في مكافحة الفقر والهادف إلى إخراج مليوني تونسي من تحت خط الفقر كما تمكن من فتح أسواق إفريقية لرجال الأعمال التونسيين وحل مشاكلهم المالية العالقة مع بعض دولها ناهيك عن دوره في تحييد الجيش وتأمين البلاد من الانقلاب على المسار واستكماله بفرض توقيعه للدستور واشتراط مغادرته لقرطاج بالانتخابات لا بالوصاية على الشعب. مواصلته الإشعاع بتونس بإلقاء المحاضرات في كبرى جامعات العالم للإشادة بديمقراطيتها الناشئة وثورتها الإنسانية العظيمة زاد من رصيد الاحترام له لدى النخب الفكرية والسياسية في أوروبا وآسيا وإفريقيا مما يؤهله للعب دور فريد (لا منافس له فيه من بين كل الشخصيات التي نعرفها في تونس) في مجال الديبلوماسية الاقتصادية كحجر زاوية للخروج من أزمتنا المالية والاجتماعية الهيكلية التي تنذر بنسف الثورة والدولة. ايمان عبد اللطيف