تعيش مدينة سوسة والمنطقة السياحيّة هذه الفترة على ايقاع موسم سياحيّ متميّزترجمته عديد المؤشّرات والأرقام والمعطيات من حيث نسبة الحجوزات وعدد الوافدين من السيّاح ونسبة إشغال النّزل إذ بلغ أكثر من 90℅ من المؤسّسات الفندقيّة ونزل الجهة طاقة استيعابها القصوى وهو ما انعكس ايجاباعلى الحركيّة الإقتصاديّة ورفّع ولو نسبيّا من نسق المعاملات التّجاريّة وبعث بكثير من الأمل لدى تجّارالمدينة العتيقة وعزّزانتظاراتهم وتوقّعاتهم في أن يكون هذا الموسم السياحيّ فرصة لتعويض سنوات عصيبة مرّوا بها و لأنجاح هذا الموسم السياحيّ اتّخذت السّلط الجهويّة جملة من التّدابيروالإجراءات على أكثر من صعيد بهدف توفير كلّ عوامل وأسباب إنجاح الموسم السياحي غير أنّ المتجوّل في أغلب الشّوارع الرّئيسيّة لمدينة سوسة على غرار شارع الهادي شاكر و شارع الحبيب بورقيبة وأمام عديد المؤسّسات البنكيّة والخدماتيّة المعالم الدينيّة يصطدم بمظاهر صادمة لمتشرّدين من أطفال قصّر يدفع بهم دفعا للتسوّل ومضايقة المارّة من خلال إصرارهم وإستماتتهم في بيع مناديل ورقيّة كشكل من أشكال التسوّل المتخفّي والغيرمباشرفيما تفترش نسوة أخريات رصيف مدخل المسرح البلدي صحبة أبنائهنّ القصّر وتنخرطن في محاولات استجداء المارّة واستعطافهم من أجل عطيّة قد تسهم في سدّ جانب من احتياجات العائلة وعلى الجانب الآخر من الطّريق المؤدّي إلى محطّة القطارات وعلى بعد أمتارقليلة من مقرّ المندوبيّة الجهويّة للسياحة ينتصب أحدهم بالنّهار متسوّلا وسائلا أحيانا ومتعرّيا مشاغبا أحيانا أخرى في وضعيّات تمسّ من الحياء وتحرج المارّة وتصدمهم نتيجة لإختلال مداركه العقليّة ليحطّ به المقام ليلا في دورالمتشرّد فيبيت ليلته بركن من أركان شبّاك بناية متروكة ملتحفا بقماش لافتة دعائيّة لتظاهرة ثقافيّة في مفارقة أليمة وولكنّها بليغة ومعبّرةبما تتضمّنه في طيّاتها من أضداد ومتتاقضات عدالة اجتماعيّة منشودة تصدّرت معظم البيانات الإنتخابيّة للأحزاب وواقع مأساويّ معيش يثيرحفيظة السيّاح والمارّة ويخلّف ردود فعل متباينة بين من تأخذهم الشّفقة والدّعوة إلى أن تتحمّل الدّولة مسؤوليّاتها كاملة تجاه هذه الفئة ممّن قست عليها الحياة عبرالتّعجيل بضبط خطّة اجرائيّة مدروسة قادرة حقّا وبعيدا عن التّوظيف إلى الحدّ من الإنتشار الملفت لظاهرتي التشرّد والتسوّل واستغلال القصّر بتفعيل دور مراكزالايواء لمن هو حقّا محتاج وعاجزعن التمتّع بحياة كريمة تحفظ ذاته البشريّة وكرامته وبين شقّ آخر يطالب بالمسك بزمام الأمور ومقاومة الظّاهرة وتوظيفها كوسيلة للكسب السّهل والتحيّل بظبط منظومة ردعيّة ناجعة تضع حدّا لمثل هذه التصرّفات التي تشين لسمعة البلاد .