.. وهامشيون حقيقيون يتقمصون أدوارا هامة بِلُوك لم نتعود عليه في الدراما التونسية .. لكن لماذا أطرد الفهري موظبة الملابس تونس الاسبوعي: لا تظنوا أنكم أخطأتم الصفحة بمجرد قراءة العنوان أو مشاهدة صورة الجعايدي فالمقال ليس رياضيا ولم يوضع خطأ في صفحة الثقافة والفنون لان راضي الجعايدي الذي عهدتموه في الدفاع على ملاعب كرة القدم سيكون هذه المرة نجما من نجوم التمثيل في رمضان القادم بعد أن وقف أمام كاميرا مسلسل «مكتوب» للدفاع عن الحق ورفض التمييز العنصري على أساس اللون والوضع الاجتماعي كما سنفصّل الحديث عن ذلك فيما يلي. منذ أيام و بساحة باستور بتونس العاصمة أين كنا وقتها واصل فريق مسلسل «مكتوب» تصوير الحلقات الخاصة برمضان. ورغم أن هذا العمل ينجز في تكتم شديد بعيدا عن أضواء الصحافة والدعاية له فقد تمكنا من حضور تصوير بعض المشاهد بالمكان المذكور سلفا بصفة شخصية ودون تنسيق مسبق مع فريق الإنتاج. وللتذكير فان نعيم بالرحومة قد بدأ مهمة الإخراج ثم انسحب لأنه رفض حسب بعض المصادر أن يكون مجرد مخرج منفذ. وكان سامي الفهري قد تولى المهمة بدله في أول تجربة إخراج له بعد تجربته الناجحة في التنشيط في «دليلك ملك» و«آخر قرار». على غير العادة والمألوف وحتى يوفر أسباب نجاح التجربة اعتمد سامي الفهري على مسرحيين اثنين هما عاطف بن حسين وعبد الوهاب الجمني في مهمة إدارة وتوجيه الممثلين خاصة أن الأمر يستدعي ذلك لان سامي خيّر أن يعتمد على ممثلين جلهم يجربون التمثيل لأول مرة. وزيادة عن مهمته تلك يتقمص عاطف بن حسين دورا رئيسيا في المسلسل وقد تابعنا لحظات توجيهه من طرف المخرج سامي الفهري. عاطف بن حسين هو في مسلسل «مكتوب» أحد أفراد عصابة من الهامشيين وهي عصابة ستكون على غير ما شاهدناه سابقا في الدراما التلفزية فلا هم مثل «عزوز بينسا» ولا «المقص»... هؤلاء هم «خلائق أو فصايل» من نوع آخر... هم معدلون على أحدث صيحات الموضة يلبسون افخر الثياب ويضعون القرط في الأنف والأذن ويصبغون الشعر بألوان مختلفة. بمعنى لم يعد الهامشي في مسلسل «مكتوب» بذاك التصور القديم الذي يقدمه على أساس أنه فقير ووضعه مزر بل هو الأنيق والغني ومن صفوة القوم إن لزم الأمر. وفي أول تجربة له في التمثيل يتقمص راضي الجعايدي كابتن الفريق القومي والترجي دور شاب أسود البشرة وغني لكن ترفضه إحدى العائلات زوجا لابنتهم الشقراء. وهي جرأة تحسب لهذا المسلسل الذي لم يسكت عن المسكوت عنه وخيّر أن يقدم صورة حقيقية وأمينة عن الواقع التونسي... الحرص على الواقعية على حد ما أخبرنا به بعض الأصدقاء سيكون مسلسل «مكتوب» تجربة مغايرة للدراما التلفزية التي اعتدنا عليها في السنوات الأخيرة. فعلى مستوى الشكل سنكون على موعد لاكتشاف مخرج جديد اسمه سامي الفهري كما سنكتشف ممثلين جددا يخوضون تجربة التمثيل لأول مرة بعد أن شاهدنا جلهم متسابقين في «دليلك ملك» و«آخر قرار». وقد علمنا بأن سامي الفهري يحرص على تقديم صورة مغايرة وتلقائية ودون تكلف وتنفذ بصدق حتى ولو اقتضى الأمر تغيير الحوار الذي كتبه الطاهر الفازع وتجسيد أقصى المواقف على غرار أن يتناول أحد الممثلين «حارتين عظم» دفعة واحدة ودون «تريكاج» أي دون مغالطة المشاهد. من ناحية أخرى حدثنا بعض المشاركين في هذا العمل الجديد عن حرص سامي الفهري على التقاط صورة جميلة وجذابة بالرغم من التعب الكبير الذي يجده مع ممثلين مبتدئين وقفوا لأول مرة مع أصحاب الخبرة والتجربة الطويلة لبعضهم مثل عبدالغني بن طارة وسنية المؤدب وجمال مداني وصلاح مصدق ومحمد علي بن جمعة.. كما حدثنا البعض الآخر عن الحرفية الكبيرة التي يتعامل بها سامي الفهري مع الممثلين حيث تمّ توفير كل مستلزمات العطاء الجيّد من راحة نفسية ومستلزمات «البلاتو» فعلى سبيل المثال اقتنى قسم الإنتاج للممثل عبد الغني بن طارة نظارات ثمنها 400 دينار ولم يلتجىء إلى شرائها من سوق بومنديل بخمسة دنانير تقشفا وربحا للمال بل إن الأطرف من ذلك أن سامي الفهري استغنى عن المهتمة الأولى بقسم الملابس لأنها ماتزال تعمل بالعقلية البالية حيث قدمت لممثل يتقمص شخصية رجل أعمال ويسوق سيارة «هامر» قميصا من «الفريب». أما على مستوى المضمون نشير إلى أن مسلسل «مكتوب» هو عمل درامي اجتماعي يتعرض لقضايا ومواضيع إنسانية مثل قضايا الأسر التونسية الدقيقة ومشاغل الشباب كالطالبات اللاتي ينحدرن من طبقات اجتماعية فقيرة وينتقلن من الريف إلى العواصم.. وقد اشتغل هذا المسلسل على الواقعية دون تجميل ولا تزييف للحقائق وخرج عن المألوف والعادة وعليه فهو سيكون واعدا وحاملا لعدة مفاجآت كما عبّر عن ذلك بعض العاملين فيه. موسيقى تصويرية ستكون أغنية «مكتوب» للفنان الهادي الجويني الأغنية المميزة لجينيريك مسلسل «مكتوب» وهو اختيار لم يتم على أساس التشابه في العنوان بل على أساس علاقة هذه الأغنية المتينة بالمواضيع التي وقع التطرق لها في هذا المسلسل. وقد كان التعامل حضاريا بخصوص حقوق الملكية الفكرية والأدبية للاغنية حيث وقع اقتناؤها من عائلة المرحوم الهادي الجويني. وسيعتمد سامي الفهري على موسيقيين آخرين لانجاز بقية الموسيقى التصويرية المناسبة للمشاهد. بقي أن نتساءل في الأخير هل يكون مسلسل «مكتوب» مناسبة لاكتشاف مخرج جديد ومفيد للدراما التلفزية التونسية بعد أن أثنى المشاركون في هذا العمل على حرفيته ونظرته الثاقبة والمتميزة وإحساسهم بأنهم يتعاملون مع مخرج مدرك للصورة الجيدة وكأن وراءه تجربة سنوات وهو يجرب لأول مرة الدراما. وهل يكون مضمون هذا المسلسل نقلة نوعية في تجربة الدراما التونسية وحيد عبد الله للتعليق على هذا الموضوع: