ما وقع على الحدود التونسيّة الليبية على مستوى معبر راس جدير تتحمّل مسؤوليته الحكومة التونسيّة التي تأخرت ااكثر من أسبوعين في حل الاشكال منذ بدايته مما ادى الى تعفّن الوضعيّة ولن نحمّل الطرف الليبي أي مسؤوليّة لأن الميليشيات لا يمكن معاملتها مثل الدول. لكن ذلك لن يهوّن من خطورة ما وقع من عملية اقتحام جريئة تطرح الكثير من الاسئلة حول سهولتها وحول الاطراف التي خططت لها وحرضت عليها ونفذتها بذلك الشكل الاستعراضي واختارت ان ترفع خلالها شعارات التكبير والشعب يريد اسقاط النظام وتحرير فلسطين وشتم رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد، كوكتال من الشعارات التي لا نتصوّر أنّ الصدفة وحدها وضعتها بين حناجر العالقين. لذلك فإن قراءة ما وقع من كلّ الزوايا وبعقل بارد ولكن متوثب لا غنى عنه، فذاكرتنا ليست ضعيفة ولئن اربكت الكورونا عواطفنا فإنّها لم تربك عقولنا. فما وقع يجعلنا نتذكر احداثا اخرى شبيهة حدّ التطابق وقعت ليس بعيدا عنّا وفي سياقات قد تكون مشابهة. منذ ثلاثة أسابيع وقعت نفس حالة الفوضى في مطار تونسقرطاج بعد وصول رحلة اسطنبول حيث تمرد القادمون على متنها ورفضوا الانضباط للاجراءات الصحيّة والديوانية والخضوع للحجر الصحّي الاجباري وارادوا المغادرة بالقوّة ليتم لهم بعد ساعات من المناوشات مع رجال الامن ما ارادوا. اقليميا ذكرنا مشهد زحف المئات من العالقين على بوابة رأس جدير الحدودية بما وقع مع عشرات الالاف من اللاجئين السوريين على الحدود التركية اليونانية حين اجتاحوا بتخطيط من مخابرات اوردوغان وبتواطؤ الاخوان الجانب اليوناني ما مكن الالاف من الارهابيين من الوصول الى اوروبا بشهادة أكثر من مصدر استخباراتي اوروبي. الان وبعد أن وقع المحظور وسارعت قوات الامن والجيش الوطنيين الى تلافي الاسوأ بملاحقة التونسيين العالقين والسيطرة على الجموع، وجب التنبيه أنه وبقدر ما أسعدتنا نهاية مأساة اكثر من الف من المواطنين التونسيين الابرياء العالقين في الصحراء الليبية، فإنّنا نحبس انفاسنا خوفا من فرضية ان يكون ما وقع مخططا له وانه وقع استغلاله من الميليشيات المتحكمة في البوابة الليبية بالتواطؤ مع شركائها من المجموعات الارهابية المعزولة والمحاصرة في الجبال التونسيّة لإعادة تسريب العشرات من الارهابيين.، وندعو الى توخي الحذر والحيطة وفتح تحقيق جدّي لكشف الجهات التي قد تقف وراء ما وقع وعدم الاكتفاء كالعادة ببلاغات للتغطية على ما وقع.