تلقت "الصباح نيوز" مقال رأي من السياسي سمير عبد الله حول التطورات المتلاحقة التي شهدها المشهد السياسي بعد تسارع وتيرة الاحداث وما تخللها من تباينات وتناقضات افضت الى تواصل الصراعات حول التوجه الذي اختاره رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي بتكوين حكومة كفاءات مستقلة . وفي ما يلي نص المقال. نعم ..تونس تعيش منعطفا تاريخيا ستكون له ارتدادات قادمة على المنظومة السياسيّة برمّتها التي تحكم البلاد منذ 2011. هذه المنظومة فشلت على جميع الأصعدة : سياسيّا واقتصاديّا واجتماعيا .. فشل متوقّع بسبب نظام سياسي أعرج ..متعدّد الرؤوس أنتج دولة فاشلة عاجزة عن فرض سلطتها ( أحداث الكامور- فسفاط قفصة - مافيات التهريب التي أصبحت ترفع السلاح في وجه الدّولة). هناك شبه اجماع وطني على وجوب تغيير تلك المنظومة لكن لا أحد مرّ للفعل والمبادرة .. قيس سعيّد تجرّأ على ذلك : اختار " الشخصيّة الأقدر" في شخص هشام المشيشي وهي شخصيّة مستقلة من خارج المنظومة والأحزاب ..ابن الادارة وخاصّة المستشار السابق لرئيس الدّولة وهو الذي اقترحه على رأس وزارة الداخليّة .. والمفاجأة الكبرى هيّ الاعلان عن تشكيل حكومة من الكفاءات المستقلّة عن الأحزاب .. هيّ ستكون حكومة الرّئيس بامتياز ..وهو يدرك جيّدا أنّه سيكون المسؤول الأوّل عن نتائجها في ظرف اقتصادي ومالي واجتماعي وأمني ( في علاقة بتطور الأوضاع في ليبيا واستجلاب تركيا لحوالي 15 ألفا من الارهابيين من الجبهة السورية حسب تقارير استخاباراتية غربية ) هوّ الأصعب والأخطر الذي تمرّ به تونس منذ الاستقلال ( والوصف هوّ لقيس سعيّد ) طبعا وقع الصّدمة كان شديدا على الأحزاب التي تعوّدت على قسمة كعكة الحكم والترضيات والمحاصصات منذ 2011 دون أن تحقّق منجزا واحدا على الأرض يلمسه المواطن هناك من الأحزاب من اعتبر ذلك " انقلابا على الشرعيّة " و " انحرافا بنتائج الصندوق" و " افراغا للديمقراطية من مضمونها " وهناك من هدّد بتوقف خلاص أجور الموظفين وانقطاع الكهرباء والماء .. تبريرات واهية هناك حالة من القطيعة بين مجمل الطبقة السياسية والشعب. رصيد الثقة يتهاوى كل يوم. والحزب الأوّل في البلاد يحكم ب 5% من الأصوات فقط. وشعار الشرعيّة يفتقد للمشروعيّة الشعبية . أعتقد أنّ السيد هشام المشيشي ومن ورائه رئيس الجمهورية أعطيا فرصة ثمينة للأحزاب للقيام بالمراجعات المتأكّدة ..نحن ليست لنا أحزاب بالمعنى الحقيقي للكلمة ..أحزاب جماهيرية تطرح بدائل ناجعة وعمليّة ..أغلب أحزابنا هيّ أقرب للدّكاكين والمقاولات السياسية. نحن على أبواب المرور الى الجمهورية الثالثة بعد اصلاح المنظومة السياسية : من نظام سياسي ونظام انتخابي والقوانين المنظّمة للأحزاب والجمعيّات اصلاحات انطلقت باعطاء اشارة قويّة لاصلاح المنظومة القضائية بنقلة وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس المثير للجدل والذي كان محل انتقادات واسعة من هيئة الدفاع على الشهيدين بلعيد والبراهمي وتعيين خلفا لها قاض يشهد الكثيرون باستقامته ونظافته .. صوارخ قيس سعيد تنطلق تباعا من منصّاتها ورياح التغيير تهبّ.